احتجاز المهاجرين 60 يوما والتقليص من الحق في التجمع العائلي انتقادات شديدة أثار مشروع القانون الجديد حول الهجرة في إسبانيا جدلا واسعا وتعرض لانتقادات لاذعة من قبل العديد من منظمات الدفاع عن حقوق المهاجرين وجمعيات المهاجرين المقيمين بإسبانيا. وأعربت هذه الجمعيات عن رفضها التام لمجموعة من البنود التي تضمنها مشروع القانون الجديد الذي سيحال على مجلس الشيوخ لمناقشته والمصادقة عليه قبل إدخاله حيز التنفيذ في بداية السنة القادمة . وحسب هذه الجمعيات، فإن مشروع القانون الجديد حول الهجرة الذي صادقت عليه الحكومة الإسبانية برئاسة خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو يتضمن بنودا مجحفة في حق المهاجرين. ومن بين البنود التي تعرضت لانتقادات شديدة، تلك المتعلقة بمنع وتجريم المساعدات المقدمة للمهاجرين غير الشرعيين، وتمديد فترة توقيف المهاجرين في وضعية غير قانونية بمراكز الاحتجاز من أربعين إلى ستين يوما قبل ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية بعد التأكد من جنسياتهم. وحسب الحكومة الإسبانية ، فإن الرفع من مدة احتجاز المهاجرين قابلة للتجديد لمدة عشرة أيام حسب تقدير القاضي، ويعتبر هذا ما أملته الصعوبات التي تواجهها السلطات في التأكد من جنسية هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين، فضلا عن الإجراءات المعقدة لترحيلهم. ويأتي هذا التعديل في الوقت الذي تضطر فيه السلطات الإسبانية إلى الإفراج عن عدد كبير من المهاجرين السريين الذين تجاوزت مدة توقيفهم أربعين يوما كما ينص على ذلك القانون الجاري به العمل حاليا . و يتضمن كذلك هذا المشروع الذي جاء ليعوض قانون الأجانب الذي تم وضعه سنة 2001 في عهد رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق اليميني خوسي ماريا أثنار، التقليص من الحق في التجمع العائلي ليشمل فقط القاصرين أقل من 18 سنة والأبناء البالغين أزيد من 18 سنة الذين يعانون من إعاقة. وينص على أن آباء المهاجرين الشرعيين البالغين من العمر 65 سنة فما فوق وحدهم يمكنهم الاستفادة من التجمع العائلي بشرط أن يبرر أبناؤهم إقامتهم بإسبانيا بكيفية قانونية لمدة خمس سنوات. نقط سوداء وكانت العديد من الإحصائيات قد أكدت ارتفاع عدد المهاجرين القادمين إلى إسبانيا من خلال التجمع العائلي، وذلك بالرغم من الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة التي تمر منها إسبانيا حاليا، والتي تسببت في فقدان أزيد من أربعة ملايين منصب شغل. وقد نددت منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، والمنظمات الخيرية الإسبانية، وجمعيات المهاجرين المقيمين بإسبانيا بهذا المشروع الذي اعتبرت منظمة العفو الدولية أنه يتضمن العديد من النقط السوداء كما نظمت مظاهرات بالعديد من المدن الإسبانية تعبيرا عن رفض تعديل قانون الهجرة الذي يعد أول تعديل تقوم به الحكومة الاشتراكية منذ مجيئها إلى قصر المونكلوا قبل خمس سنوات. وكانت فيدرالية الجمعيات الكاطالانية العاملة في مجال الدفاع عن حقوق المهاجرين، والتي تضم العشرات من جمعيات الدفاع عن حقوق المهاجرين ، قد نددت ببنود مشروع القانون الجديد الذي ينص على معاقبة من يستقبل أو يساعد أي شخص في وضعية غير قانونية فوق التراب الاسباني. وجاء في بيان لهذه الجمعيات،ومن بينها جمعية «كاريطاس»،وجمعية «العدالة والسلم»، أنه «انطلاقا من المبادئ الإنسانية وحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا نرفض رفضا تاما مشروع القانون حول الهجرة». وأكدت هذه الجمعيات أن مقترح الحكومة الإسبانية بتغيير بنود قانون الهجرة «أمر غير مقبول من الناحية الأخلاقية»، مضيفة أنه «لا يمكن احترام القوانين التي تتناقض مع المبادئ الأساسية للأخلاق،والمعايير التي تتناقض مع حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، وكما ينص عليها الدستور الاسباني». المهاجرون كبش فداء ومن جهتها، أعربت العديد من جمعيات المهاجرين التي تمثل مختلف الجاليات المقيمة بإسبانيا عن قلقها بشأن هذا المشروع الذي يستهدف المهاجرين، مؤكدة أنه من غير المقبول أن يصبح المهاجرون كبش فداء للأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد حاليا. وتجدر الإشارة الى أن المهاجرين المقيمين بإسبانيا، وخاصة منهم المغاربة الذين يعتبرون أكبر جالية مقيمة في إسبانيا،أصبحوا يتخوفون من أن يتحولوا إلى أكباش فداء للأزمة الاقتصادية التي تمر منها إسبانيا،لاسيما بعد الإعلان من طرف حكومة مدريد عن مخططات قد تشمل ترحيل مليون مهاجر وتعديل قانون الهجرة. وحسب الجمعيات العاملة في مجال الهجرة، فإن المهاجرين لا يمكنهم لوحدهم أن يؤدوا ثمن مخلفات أزمة اقتصادية ومالية واجتماعية لم يتسببوا فيها،لاسيما أن أغلبية هؤلاء المهاجرين الذين تم استقدامهم من بلدانهم بعقود عمل ساهموا بقسط وافر في التقدم الاقتصادي والاجتماعي الذي وصلت إليه إسبانيا. وقد غيرت إسبانيا التي كانت قبل وقت قصير أحد البلدان الأكثر تسامحا في مجال الهجرة موقفها بشكل جذري بعد أن بدأت تطلق إشارات في مجال تشديد سياستها المتعلقة بالهجرة من خلال تعديل قانون للأجانب سيكون متشابها بشكل كبير مع قانون الهجرة الفرنسي. وأفادت الصحف الإسبانية أن حكومة خوصي لويس روديغيز زباطيرو عاقدة العزم على اتخاذ وتفعيل مجموعة من الإجراءات والتدابير المتعلقة بالهجرة والإقامة، بهدف تشجيع المهاجرين المقيمين بإسبانيا على المغادرة الطوعية، ومنع إقامة المهاجرين غير الشرعيين أو تسوية وضعيتهم. مغادرة إسبانيا قسرا وحسب بعض المصادر المطلعة فإن القانون الجديد للهجرة، سيجبر الآلاف من المهاجرين المغاربة الذين التحقوا بإسبانيا في السنوات الأخيرة، عن طريق الهجرة الشرعية أو غير الشرعية، إلى مغادرة إسبانيا طوعا أو قسرا، بسبب ما يتضمنه من فصول وبنود صارمة فيما يتعلق بمكافحة الهجرة غير الشرعية وترحيل المهاجرين السريين. كما ينص مشروع القانون على عقوبات مشددة في حق الشركات والمقاولات والمؤسسات التي تمنح عقود عمل للمهاجرين الذين لا يملكون وثائق الاقامة بإسبانيا. ويتضمن المشروع كذلك إجراءات تعجيزية في مجال توظيف اليد العاملة الأجنبية في إسبانيا، حيث ينص على ترحيل المهاجرين والمقيمين بصفة شرعية الذين فقدوا عملهم إلى بلدانهم الأصلية بصفة مؤقتة، مقابل استفادتهم من منح البطالة في حال ما إذا وافقوا على الرجوع الطوعي الى بلدانهم الأصلية. ويشدد على شروط حق التجمع العائلي، وهو الحق الذي يمكن أن يستفيد منه سوى الذين تتجاوز أعمارهم 65 سنة والمالكين لبطاقة الإقامة الدائمة دون الاستفادة من العمل. وقال وزير العمل الاسباني سيليستينو كورباتشو في مؤتمر صحفي إن الوضع الإسباني والذي وصفه بالصعب أدى إلى اتخاذ قرارات لتكييف مستويات الهجرة مع سوق العمل» واستقر نحو خمسة ملايين مهاجر في اسبانيا خلال الخمسين عاما الماضية وهو ما يزيد عن أي دولة أوروبية أخرى وقد اجتذبهم ازدهار في قطاع البناء الذي انهار في الأزمة المالية العالمية. صعوبة في وجود عمل ومع توقع أن يبلغ معدل البطالة في نهاية العام 13 في المائة وان يرتفع إلى 20 في المائة بحلول 2010 تقول حكومة رئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس رودريجيث ثاباتيرو إنه لا توجد وظائف تكفي المهاجرين الذين يشكلون 11 في المائة من السكان. وستفرض هذه القرارات التي سميت بالإصلاحات غرامات أعلى على الشركات التي توظف أجانب لا توجد معهم أوراق قانونية سليمة ولكنها توسع الحقوق المدنية للأجانب الذين يعيشون بالفعل بشكل قانوني في اسبانيا. وقبل إعادة انتخابه هذا العام أغدق ثاباتيرو الثناء على المهاجرين وقال إنهم مسؤولون عن نصف النمو الاقتصادي السريع الذي خفض البطالة بين الاسبان. ولكن الحكومة الإسبانية بدأت حملة اشتملت على ملصقات لمهاجر وتعليق تحت صورته يقول «هل فكرت في العودة...» وعلى إثر هذا القرار بدأ المهاجرون يجدون صعوبة في ضمان وظائف بعد أن أجبرت عمليات التسريح الإسبان على السعي للحصول على وظائف ذات دخل اقل كان المهاجرون يقومون بها من قبل مثل جمع الفواكه والبناء وخدمة الموائد في المطاعم. وسبق أ عرضت الحكومة الإسبانية من بين حوافز أخرى أن تدفع للمهاجرين العاطلين عن العمل إعانات بطالة في أوطانهم وجزءا من تكاليف رحلة عودتهم إلى بلادهم. إدريس أقشار حركة المغاربة الديموقراطيين المقيمين بالخارج فرع الدنمارك