أثار مشروع القانون الجديد حول الهجرة الذي صادق عليه مجلس النواب الإسباني يوم الخميس جدلا واسعا وتعرض لانتقادات لاذعة من قبل العديد من منظمات الدفاع عن حقوق المهاجرين وجمعيات المهاجرين المقيمين بإسبانيا. وأعربت هذه الجمعيات عن رفضها التام لمجموعة من البنود التي تضمنها مشروع القانون الجديد الذي سيحال على مجلس الشيوخ لمناقشته والمصادقة عليه هو الآخر قبل دخوله حيز التنفيذ في بداية السنة القادمة . وحسب هذه الجمعيات,فإن مشروع القانون الجديد حول الهجرة الذي صادقت عليه الحكومة الإسبانية برئاسة خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو في شهر يونيو الماضي يتضمن بنودا مجحفة في حق المهاجرين. ومن بين البنود التي تعرضت لانتقادات شديدة,تلك المتعلقة بمنع وتجريم المساعدات المقدمة للمهاجرين غير الشرعيين,وتمديد فترة توقيف المهاجرين في وضعية غير قانونية بمراكز الاحتجاز من أربعين إلى ستين يوما قبل ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية بعد التأكد من جنسياتهم. وحسب الحكومة الإسبانية , فإن الرفع من مدة احتجاز المهاجرين غيرالشرعيين من 40 إلى 60 يوما قابلة للتجديد لمدة عشرة أيام حسب تقدير القاضي,أملته الصعوبات التي تواجهها السلطات في التأكد من جنسية هؤلاء المهاجرين غيرالشرعيين,فضلاعن الإجراءات المعقدة لترحيلهم. ويأتي هذا التعديل في الوقت الذي تضطر فيه السلطات الإسبانية إلى الإفراج عن عدد كبير من المهاجرين السريين الذين تجاوزت مدة توقيفهم أربعين يوما كما ينص على ذلك القانون الجاري به العمل حاليا . `` الأزمة الاقتصادية الخانقة وارتفاع نسب البطالة وراء التلقيص من الحق في التجمع العائلي كما يتضمن مشروع القانون الجديد الذي جاء ليعوض قانون الأجانب الذي تم وضعه سنة 2001 في عهد رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق اليميني خوسي ماريا أثنار,التقليص من الحق في التجمع العائلي ليشمل فقط القاصرين أقل من 18 سنة والأبناء البالغين أزيد من 18 سنة الذين يعانون من إعاقة. وينص المشروع الجديد كذلك على أن آباء المهاجرين الشرعيين البالغين من العمر 65 سنة فما فوق وحدهم يمكنهم الاستفادة من التجمع العائلي بشرط أن يبرر أبناؤهم إقامتهم بإسبانيا بكيفية قانونية لمدة خمس سنوات. وكانت العديد من الاحصائيات قد أكدت ارتفاع عدد المهاجرين القادمين إلى إسبانيا من خلال التجمع العائلي,وذلك بالرغم من الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة التي تمر منها إسبانيا حاليا,والتي تسببت في فقدان أزيد من أربعة ملايين منصب شغل. وقد نددت منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان,والمنظمات الخيرية الإسبانة, وجمعيات المهاجرين المقيمين بإسبانيا بهذا المشروع الذي اعتبرت منظمة العفو الدولية أنه يتضمن العديد من النقط السوداء كما نظيمت مظاهرات بالعديد من المدن الإسبانية تعبيرا عن رفض تعديل قانون الهجرة الذي يعد أول تعديل تقوم به الحكومة الإشتراكية منذ مجيئها إلى قصر المونكلوا قبل خمس سنوات. وقد أدانت عدة نقابات وجمعيات المهاجرين وجمعيات المحامين ومنظمات الدفاع عن المهاجرين مشروع القانون الجديد,معتبرة أنه يخرق المبادئ الانسانية وحقوق الإنسان. وكانت فيدرالية الجمعيات الكاطالانية العاملة في مجال الدفاع عن حقوق المهاجرين,والتي تضم العشرات من جمعيات الدفاع عن حقوق المهاجرين , قد نددت ببنود مشروع القانون الجديد الذي ينص على معاقبة من يستقبل أو يساعد أي شخص في وضعية غير قانونية فوق التراب الاسباني. وجاء في بيان لهذه الجمعيات,ومن بينها جمعية "كاريطاس",وجمعية "العدالة والسلم",أنه "انطلاقا من المبادئ الانسانية وحقوق الانسان كما هي متعارف عليها دوليا نرفض رفضا تاما مشروع القانون حول الهجرة". وأكدت هذه الجمعيات أن مقترح الحكومة الإسبانية بتغيير بنود قانون الهجرة "أمر غير مقبول من الناحية الأخلاقية",مضيفة أنه "لا يمكن احترام القوانين التي تتناقض مع المبادئ الأساسية للاخلاق,والمعاييرالتي تتناقض مع حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا,وكما ينص عليها الدستور الاسباني". `` المهاجرون الضحايا الاوائل للازمة الاقتصادية ومن جهتها,أعربت العديد من جمعيات المهاجرين التي تمثل مختلف الجاليات المقيمة بإسبانيا عن قلقها بشأن هذا المشروع الذي يستهدف المهاجرين,مؤكدة أنه من غير المقبول أن يصبح المهاجرون كبش فداء للأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد حاليا. وتجدر الإشارة الى أن المهاجرين المقيمين بإسبانيا,وخاصة منهم المغاربة الذين يعتبرون أكبر جالية مقيمة في إسبانيا,أصبحوا يتخوفون من أن يتحولوا إلى كبش فداء للأزمة الاقتصادية التي تمر منها إسبانيا,لاسيما بعد الإعلان من طرف حكومة مدريد عن مخططات قد تشمل ترحيل مليون مهاجر وتعديل قانون الهجرة. وحسب الجمعيات العاملة في مجال الهجرة,فإن المهاجرين لا يمكنهم لوحدهم أن يؤدوا ثمن مخلفات أزمة اقتصادية ومالية واجتماعية لم يتسببوا فيها,لاسيما أن أغلبية هؤلاء المهاجرين الذين تم استقدامهم من بلدانهم بعقود عمل ساهموا بقسط وافر في التقدم الاقتصادي والاجتماعي الذي وصلت إليه إسبانيا. وقد غيرت إسبانيا التي كانت قبل وقت قصير أحد البلدان الأكثر تسامحا في مجال الهجرة موقفها بشكل جذري بعد أن بدأت تطلق إشارات في مجال تشديد سياستها المتعلقة بالهجرة من خلال تعديل قانون للأجانب سيكون متشابها بشكل كبير مع قانون الهجرة الفرنسي.