كنت قبل مدة على موعد مع الفريق الإستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب للمساهمة في يوم دراسي حول القوانين الانتخابية وقانون الأحزاب ..وقد عمدت كعادتي إلى العودة إلى بعض الأوراق مما سبق وأن كتبته في الموضوع وكذلك إلى النصوص القانونية والأحكام القضائية ذات الصلة ، وقد صادف البحث الذي كنت أجريه توصلي بوثائق مذهلة حول تعاطي السلطة المحلية مع الأحزاب السياسية بإقليم أزيلال ، وكم كانت دهشتي كبيرة عندما إكتشفت أن قيادة أنركي لا تميز بين قانون الأحزاب وقانون الجمعيات، وكانت كل مستنداتي وحججي هي وصل الإيداع الموقع من قبل السلطة المحلية بأنركي بمناسبة تجديد فرع حزب الإستقلال ، فقررت أن أتقاسم هذا الإكتشاف مع جمهور القراء والباحثين والفاعلين السياسيين وخاصة وزارة الداخلية بمختلف أقسامها من أجل التحرك لوضع حد لهذه المسخرة، والتي تجري في ظروف يتهيئ فيها المغرب لولوج مرحلة جديدة على درب الديمقراطية ودولة المؤسسات ..فكتبت في هذه الزاوية عمودا بعنوان : « يحدث بأزيلال : كي الحزب كي الجمعية غير الله إرزقنا الصحة والسلامة « مما جاء في : «على إمتداد السنوات الماضية تبين أن الإطار القانوني للأحزاب السياسية لا يرتقي للمهام التي خصها بها الدستور وخاصة دستور 1962 الذي نص صراحة على أن من مهام الأحزاب السياسية تأطير وتمثيل المواطنين فجاءت الردة الدستورية لمرحلة السبعينات لتحذف عبارة تأطير وتحاول بحكم الواقع والممارسة أن تجعل الأحزاب مجرد جمعيات، لا فرق بينها وبين جمعيات الكسابة ومربي الكلاب السلوقية الأصيلة...، حيث عاشت الأحزاب صعوبات في تدبير وتثمين مواردها، لذا كانت تلجأ إلى كتابة أملاكها في أسماء قيادييها نظرا للفراغ القانوني، كما أن غياب معايير واضحة لتأسيس الأحزاب جعل الدولة بإرادة غير ديمقراطية تساهم في بلقنة المشهد الحزبي وفي نفس الوقت تمنع إتجاهات سياسية لا تتوافق معها في الرؤية من حرية تأسيس الأحزاب ، هكذا إنتظر المغاربة سنوات طويلة لكي يصدر قانون خاص بالأحزاب السياسية يميزها عن الجمعيات هو قانون 04/36 الذي صدر الأمر بتنفيذه في 14 فبراير 2006 ،وقد تبين مع ظهور حزب الأصالة والمعاصرة على أن هذا القانون نفسه إتسم بثغرات واضحة ونواقص بحاجة إلى تعديل مستعجل ، خاصة في ما يتعلق بمنع الترحال بين الأحزاب السياسية. بإقليم أزيلال دائرة واويزغت قيادة أنركي ، لازالت السلطة المحلية لم يصلها « الرقاص « بشيء إسمه قانون الأحزاب ، حيث لازالت القيادة هناك تتعامل مع الأحزاب في إطار ظهير الحريات العامة ..بين يدي نسخة من وصل إيداع تجديد مكتب حزب الإستقلال بالقيادة المذكورة كتب في مقدمتها بالحرف ما يلي :» بناء على مقتضيات الظهير الشريف رقم 206.02.1الصادر في جمادى الأولى 1423 ه موافق 23 يوليوز 2002 م المتعلق بتنفيذ القانون رقم 75.00 المغير والمتمم بموجبه الظهير الشريف رقم 376.58.1 الصادر في 3 جمادى الأولى 1378ه موافق 15 نونبر 1958 م الذي يضبط بموجبه تجديد الأحزاب ولا سيما الفصل الخماس منه ..يشهد خليفة القائد قيادة أنركي أنه توصل من السيد برشا محمد رئيس فرع حزب الإستقلال بأنركي بالملف الخاص بتجديد فرع حزب الإستقلال ويشمل الوثائق التالية : محضر الاجتماع،لائحة أعضاء مكتب الجمعية،صور بطاقات التعريف الوطنية لأعضاء الجمعية ..ملاحظة : إن هذا الوصل لا يمكن أن يقوم بأي نشاط لا في حالة التوصل بالوصل النهائي «إنتهى هذا الشيء المسمى وصل إيداع مؤقت ..» كنت أتوقع أنه بعد نشر العمود سوف تتحرك مصالح عمالة أزيلال بتوجيه صارم من المصالح المركزية بوزارة الداخلية، لتبين الحقيقة وإتخاذ التدابير اللازمة لإنهاء هذه الفضيحة وترتيب الجزاءات الإدارية المناسبة في حق ممثلي السلطة المحلية ممن انكشف انحدار مستواهم المهني وعدم معرفتهم بالنصوص القانونية المؤطرة لمهامهم في علاقتهم بباقي الفاعلين، لكن المفاجأة كانت كبيرة جدا، حيث عمد خليفة قائد جماعة أنركي إلى الانتقام مما كتبت في هذا العمود، وذلك عبر نائب كاتب فرع حزب الاستقلال بجماعة أنركي وذلك بحرمانه من شهادة السكنى لإنجاز بطاقة التغطية الصحية، علما أن المعني بالأمر حصل على شهادة مقدم الحي وسبق له قبل أربعة أشهر أن حصل على شهادة السكنى لإنجاز البطاقة الوطنية المثبت فيها إلى اليوم مقر سكناه بدوار آيت خويا بجماعة أنركي حيث يسكن يمارس التجارة منذ سنتين، هكذا تم حرمان المعني بالأمر ليس فقط من حق إنجاز بطاقة التغطية الصحية بل أيضا من حق التسجيل في اللوائح الإنتخابية على إعتبار أن المعني بالأمر تم التشطيب عليه من جماعة واويزغت بسبب إفتقاده الإقامة التي تحولت منذ سنتين إلى جماعة أنركي... السيد وزير الداخلية، أنتم اليوم مطالبون بوقف هذا العبث والاعتداء البدائي على حق خالص من حقوق المواطنة، يقترقه من هو مسؤول على حماية هذه الحقوق وصيانتها، وليس العبث بها بهذه الطريقة التي توضح إلى أي درجة تصبح السلطة مفسدة، عندما توضع بيد من ليسوا أهلا لها لا من حيث الكفاءة ولا من حيث النزاهة ..إننا ننتظر جوابكم ...