الشعب يريد أن يفهم طبيعة السياسة في هذه البلاد، حقيقة ثمة ممارسات مثيرة تخلخل القواعد البدائية للعملية السياسية. فخلال الأسبوع الماضي حدث بمجلس المستشارين مالا يمكن أن يحدث إلا في التجربة السياسية المغربية حيث أقدم فريقان نيابيان ينتميان إلى الأغلبية النيابية التي صوتت بالثقة لفائدة الحكومة على التصويت لفائدة مرشح المعارضة (ونقول هذا التعبير مجازا ) لرئاسة لجنة تقصي الحقائق حول مكتب التسويق والتصدير. وإذا كان فهم خصوصية التجربة السياسية المغربية يساعدني في إيجاد تفسير منطقي لتصويت المستشارين المنتمين لحزب التجمع الوطني للأحرار لفائدة مرشح المعارضة المستشار المحترم بن شماش حيث ترتبط المسألة باستقلالية القرار، فإنني شخصيا وبكل تأكيد معني ككثير من الناس لم يفهموا نهائيا هرولة المستشارين الأعضاء في اللجنة المنتمين لحزب الإتحاد الإشتراكي للتصويت لفائدة بن شماش أحد أبرز وجوه حزب الأصالة والمعاصرة وإصرارهم على عدم التنسيق مع أحزاب الأغلبية بل ومع أحزاب الكتلة الديمقراطية. إن هذا التصويت أعاد النقاش الصحي الدائر داخل هذا الحزب الوطني الكبير إلى واجهة الانشغال، فمن جهة هناك إصرار من طرف عدد كبير من المناضلين في هذا الحزب للتصدي للانحرافات وفي مقدمتها مناهضة هذا الحزب الأخطبوط. ولذلك خرج عدد من هؤلاء المناضلين إلى الشوارع لمساندة حركة 20 فبراير، وهناك جزء كبير من المناضلين في هذا الحزب الوطني يبدي حرصه لتعزيز عمل الكتلة وتقوية التحالف مع اليسار. في هذا السياق يأتي جواب من داخل أجهزة الحزب يقول بدعم ومساندة حزب الأصالة والمعاصرة، فعلا إن الشعب يريد أن يفهم ماذا يحدث بالتحديد. نذكر فقط أن هذا الحزب لم يعد يخيف أحدا، وبدأ الأعضاء ينفضون من حوله، وأما مؤسسه فقد رحل وأغلق الباب بقوة، وحتى إن أدرجنا ما حدث في إطار المحاباة... محاباة من؟ كائن وهمي افتراضي آخذ في الزوال.