ظاهرة أعمال الشغب بالملاعب الرياضية الوطنية، أصبحت تشكل قلقا داخل الأوساط المتابعة لهذا الشأن، لا أحد يعرف أين تنتهي، وكيف لها أن تتوقف، وما هي الآليات الممكن اعتمادها للتخلص منها بأقل الخسائر، وما هي الانعكاسات السلبية المتوقعة على مستقبل الرياضة ببلادنا، خاصة الإقبال على الملاعب وتطوير الممارسة الرياضية بوجه عام. قد نتفق، وقد نختلف، في قراءة المقاربات الأمنية، والإجراءات الرادعة، أو الإقصائية، أو الحرمان من المشاهدة، أو غلق الملاعب، وتحميل المسؤولية لهذا الطرف أو ذلك، الأندية المستقبلة، جمعيات المحبين، الجماهير الوافدة، باقي الأجهزة والمؤسسات المعنية. ذلك أن ظاهرة الشغب تخفي وراءها جملة من المؤشرات، والحمولات الضاغطة، تتفاوت في الضغوطات النفسية والعاطفية، وفي العوامل الاجتماعية والاقتصادية، وهي شحنات لابد لها من تحليل ودراسة وتقييم من طرف المختصين العارفين. أعمال الشغب التي ظهرت في عدد من الملاعب الرياضية، لازالت محدودة على كل حال، وهي ليست بالجديدة في العالم، كانت لها بداية وموقع في بريطانيا، وامتدت إلى بلجيكا وغيرها من العواصم، عكس حدوثها بالمغرب والتي لازالت جديدة نسبيا، مع وجود الفارق في الحجم والطبيعة والأسباب، وأيضا في النظرة إلى الهواية والاحتراف، ومتانة المؤسسات الرياضية، وتداعيات التسيير ودمقرطة الأندية والأحوال المادية للفرق واللاعبين.. الخ. وما يضاف من مستلزمات التأطير والوعي والأمية، وهي عوامل متداخلة قد نجد لبعضها امتدادات لما يقع. الفاعلون التربويون والرياضيون والإعلاميون، المتابعون لهذه التطورات المتكررة يدركون حجم مسؤولياتهم، ويقدرون ما سجل من خسائر ومتاعب، ومن غير شك لهم رأي فيما تردد وقيل داخل قبة البرلمان، والحملات التحسيسية والشعارات والمبادرات التي ظهرت أو قد تظهر في خطوة للحد من هذه الظواهر المشينة والمسيئة للرياضة والأخلاق. بعد كل هذا كيف يمكن ابتكار أدوات وأساليب مدعمة لتطويق هذه الأفعال في أفق عودة الروح الرياضية، وخلق أجواء للترحاب والتشجيع والتصفيق لمن أبدع وأجاد ولعب أفضل، هناك أفكار تتوجه نحو التأسيس لفرجة ثقافية وفنية تسبق المباريات، مابين أشواطها تتيح إمكانية التصالح، ونشر ثقافة التسامح والمعرفة والتخليق، ترسل إشارات معبرة وبحمولة دالة تحث على الاحترام، وتخلق مساحات زمنية وفنية تحتفي بالجماهير الشغوفة بالمشاهدة الرياضية النظيفة وتعطيها شحنة من الاطمئنان والهدوء، وتساعد على إبراز خصوصية الأندية ومدنها ومحيطها، من فنون وألوان شعبية راقية. نتصور في هذا السياق أن تقدم المجموعات الفنية والرياضية على أرضية الملاعب قبل الانطلاق بنصف ساعة، لوحات استعراضية تعبيرية، تتخللها وصلات للتحسيس وبناء الثقة لنبد كلمات وصيحات السب والشتم التي عادة ماتسمم الأجواء، هذه المساحة الزمنية والفنية، من غير شك ستخلق ديناميكية وتسابق لتقديم الأفضل، وفي ذلك تربية وثقافة ورياضة. هذا التصور يمكن أن يشكل إضافة نوعية لتوفير الفرجة، وتهذيب الذوق وتقوية الوازع الخلقي، وإشاعة التسامح واحترام الآخر؛ ومن أجل إنجاحه وترسيخه يتطلب الأمر توفير الوسائل المادية واللوجستيكية يشارك فيها الجميع من أندية وعصب وجامعة وجمعيات ومجالس والوزارة الوصية. الخلاصة نريد أن تتخلص الجماهير الرياضية من الضغوط النفسية، وردود الأفعال المتشنجة والغاضبة، وأن تساهم هذه المبادرات في الترتيب لعرس رياضي وفني يعيد الدفء والحماس للملاعب، والبحث عن الجديد لإسعاد الناس، وإعطائهم الحق في الحياة.