السلطة والمحبة.. كيف يمكن لهذه الوصفة السحرية أن تحدث تغييرا جذريا في مفهوم القيادة للرجل كرأس هرم العائلة دون أن تهينه أو تنتقص من حقه؟ وكيف يمكن للرجل فهم هذه المسؤولية بجميع جوانبها الاجتماعية والروحية ؟ وكيف للمرأة أن تقبل بهذا الوضع ؟ إن التعريف الصحيح لقيادة الرجل للعائلة تكمن في التفاعل الديناميكي للسلطة والمحبة في آن واحد وهذا ما يسمى الزواج الصحيح الذي شرعه الله للجنس البشري. ويختلف الكثيرون في تفسير هذا المفهوم ويخلطون بين بعض المفردات الخاصة بهذا الأمر كالخضوع والخنوع، وبين الرأس كترتيب وبين الدكتاتورية والتسلط. ولو فهمنا الدور الذي وضعه الله للرجل كقائد للأسرة، لعرف الجميع معنى القيادة الصحيحة التي تمتاز بالتضحية والمحبة وتفضيل الآخرين على النفس وخدمتهم بأمانة كاملة، وهذه الأمور لا يستطيع أحد عملها إن لم يكن قائدا وفي موضع المسؤولية. إن اختلاف الأدوار بين الرجل والمرأة لا تفسد معنى القيادة في البيت المتوازن ، الذي يراعي الله في ترتيب هذا النموذج العائلي، فلا يمكن للرجل أن يعمل عمل المرأة داخل الأسرة، باعتباره المسؤول عن كل شيء، فالمرأة مسؤولة بصورة كاملة في حقلها ودورها الذي وكلها الله عليه، فهي التي تقرر برنامج طفلها وموعد نومه وغذائه وماذا يأكل وكيف يمضي وقته، وكيف تدير شؤون البيت الخاصة الداخلية، وحتى ميزانية الأسرة التي تعتبر هي المسؤولة الأولى عن تصريف هذا المال وتوزيعه على احتياجات الأسرة لكونها تعلم جيدا حاجة البيت. وهذا الأمر لا ينقص من قيادة الرجل العامة للبيت والإشراف على الشؤون المالية والاجتماعية وضبط كل الأشياء بالتعاون مع زوجته.بل العكس هو الذي يحدث حين يريد الرجل ان ينفرد بتدبير كل المسؤوليات ويتعامل مع الزوجة كالطفل بلا مسؤولية داخل البيت الذي تعتبره بيتها ..هنا يبدأ الكره والمشاكل التي تزداد عمقا يوما عن يوم ويتحول الزوج من رجل العائلة إلى ديكتاتور ينفر منه الجميع بدءا من الزوجة إلى الأولاد ... وتقاسم المسؤولية بين الزوجين جاء في كل الأديان التي حرصت على سلامة الأسرة، كنواة لمجتمع صحيح ..ونجد الإسلام متقدما في كثير من الحقوق التي لم تتمكن إلى الآن الكثير من المجتمعات إقرارها للمرأة ووضع الأساس لهذه العلاقة بأن طلب من الرجل أن يرعى أهل بيته ويضحي من أجلهم ويرعاهم رعاية تامة بعيدا عن التحكم والسيطرة والظلم، وكنتيجة لهذا الأمر تجد الزوجة نفسها تتنازل عن اهتماماتها الأنانية لهذا الزوج الذي يظهر كل محبة صادقة نحوها لتبادله هي أيضا الحب والرعاية ، ويكون هذا استجابة حب لحب، وكمثال على هذا التنازل عندما يقدر أحد زميله في العمل ليتنازل له عن شيء ما للتعبير عن محبته وتقديره، وهنا لا يكون خنوعا بل خضوعا بمحبة.