الكثير من المؤشرات تؤكد سلامة الاختيارات الاقتصادية التي انخرط فيها المغرب خلال العشر سنوات الأخيرة ، لعل من أبرزها مواصلة المغرب لاستقطابه المزيد من الاستثمارات في مشاريع همت مختلف القطاعات انجذب إليها فاعلون مغاربة وأجانب ، وهو ما تؤكده لغة الأرقام بالنسبة لحصيلة لجنة الاستثمارات التي تسارعت وثيرة اشتغالها خلال الأربع سنوات الأخيرة، حيث أصبح المغرب ورشا اقتصاديا مفتوحا ، الحقيقة أن هذه النتائج الإيجابية بالنسبة لبلادنا تحققت في ظل وضعية عالمية متسمة بالاضطراب المالي والاقتصادي والاجتماعي ، وأيضا في ظل مناخ دولي يتسم بدرجة كبيرة من انعدام الثقة وبالانكماش الحاد للنشاط الاقتصادي في البلدان المتقدمة الرئيسية . وأيضا بالرغم من الارتفاع رالمهول في أسعار الموارد الطاقية التي نستورد معظمها من الخارج . والواقع أن المملكة تمكنت ، حتى الآن ، من تجنب الانعكاسات السلبية للأزمة الاقتصادية العالمية، حيث استطاعت التصدي لمختلف الصدمات ، بفضل الإصلاحات الهيكلية التي انخرطت فيها والأوراش الكبرى التي تباشر تنفيذها . فبالإضافة إلى الاختيارات السياسية الأساسية والتي تركز على إرساء مقومات الهوية الوطنية والدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة والحفاظ على أمنها واستقرارها ، شكلت الاختيارات الاقتصادية بعدا مفصليا في الإصلاحات الهيكلية ، حيث التركيز على مواصلة التقدم في تنفيذ الاستراتيجيات القطاعية بهدف الرفع من فعالية ومردودية النسيج الاقتصادي وتأهيل مكونات الاقتصاد الوطني لمناخ الانفتاح والمنافسة، وتكثيف عمليات الاستثمار من أجل توفير المزيد من الثروات وتنشيط الدورة الاقتصادية وتشجيع التصدير وخلق المزيد من فرص العمل . وقد اعتمد هذا التوجه على أربع مرتكزات أساسية تتمثل في : وضع استراتيجيات متوسطة وطويلة المدى تمت بلورتها في عدد من القطاعات الحيوية كالسياحة والفلاحة والصناعة والطاقة والصناعة التقليدية والصيد البحري .. تقوية الاستثمارات العمومية ، من خلال الرفع من مجهود القطاع العمومي بمختلف مكوناته ، وتم تكريس ذلك عبر المزانيات السنوية للدولة .. النهوض بالاستثمارات المنجزة بشراكة بين القطاععين العام والخاص ، وهو ماتمت بلورته في قطاعات الفلاحة والإسكان والسياحة وغيرها .. تشجيع استثمار القطاع الخاص عبر توفير الشروط الضرورية لتطوير المبادرات الحرة عبر توفير الإطار القانوني والموسساتي المناسب لعالم الأعمال ، وتسهيل سبل الولوج لمصادر التمويل لفائدة المقاولات ، وتقديم التحفيزات الضريبية والجمركية في اتجاه تشجيع المستثمرين وتحسين تنافسية المقاولات المغربية . وفي هذا الإطار وصالت اللجنة الخاصة بالاستثمارات ،اهتمامها بالمشاريع الاستثمارية باعتبارها أحد الأعمدة الأساس للنهوض بالاقتصاد الوطني وتوفير فرص الشغل وتحقيق الثروة والرفاه الاجتماعي، وهكذا بادرت في اجتماعها الأخير المنعقد يوم الخميس بالرباط برئاسة الوزير الأول السيد عباس الفاسي ، إلى المصادقة على 25 مشروعا استثماريا ، بقيمة إجمالية تفوق 40 مليار درهم، ستمكن من توفير أكثر من ثلاثة آلاف فرصة عمل قار و45 ألف و500 فرصة عمل غير مباشر، وتأتي هذه المشاريع لتنضاف إلى تلك التي تمت المصادقة عليها طيلة سنوات 2008 و2009 و2010 . وللإشارة فقط فإن حصيلة لجنة الاستثمارات مابين نونبر 2007 وأبريل 2009 سجلت المصادقة على 88 مشروعا بقيمة 83 مليار درهم ، تمكن من توفير أكثرمن 34 ألف منصب شغل قار، كما عرف الاجتماع السادس لهذه اللجنة المصادقة على مشاريع جديدة بقيمة 22 مليار درهم توفر حوالي 9.500 فرصة شغل قار، في حين أن حصيلة اللجنة برسم 2010، عرفت المصادقة على 91 مشروعا استثماريا، بارتفاع بنسبة 61 في المائة ، وتفوق القيمة الإجمالية لهذه المشاريع 60 مليار درهم، بزيادة قدرها 33 في المائة بالمقارنة مع سنة 2009 ، وهي مشاريع لم يكن ممكنا التقدم بها من قبل المستثمرين لولا المناخ المناسب الذي يوفره المغرب في ظل ظروف عالمية مطبوعة بالخوف والتردد.. إن هذا التوجه المتواصل على مستوى النهوض بالاستثمارات المنتجة ، يؤكد أولا ثقة المستثمرين في الإمكانيات التي تتوفر عليها بلادنا والإصلاحات الهيكلية والأوراش الكبرى التي انخرطت فيها ويؤكد أيضا مثانة الاقتصاد الوطني وقدرته على مواجهة الصدمات الداخلية ، وهو معطى الوضعية الجيدة للاقتصاد الوطني، وقدرته على مواجهة تأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية ، وهو ما يشجع على مواصلة مسلسل الإصلاح من أجل بناء مغرب متقدم ومتضامن .