حسم خالد الناصري وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة، في مسألة السماح من عدمه، لشباب مدعوم من أحزاب وتنظيمات، بالتظاهر يوم الأحد المقبل، بدعوى عدم الاستجابة لجملة من المطالب ، وعلى رأسها حل المجالس المنتخبة، بينها البرلمان، والحكومة، ما يعني إقامة حالة طوارئ، وإرساء حالة الاستثناء، وهي العوامل الأولى التي ساهمت في انتفاضة الشعبين التونسي والمصري ، وفرضت على الدولة الجزائرية رفعها. وقال الناصري : " إن الحكومة باعتبار مرجعيتها الديمقراطية، تعتبر أن حق التعبير عن آراء سياسية ، مكفول قانونيا ، وحق مصون، وهي ملتزمة باحترامه"، مشيرا إلى أنه كوزير ومناضل في حزب التقدم والاشتراكية ، يقول إن مغرب ما بعد خطاب الملك محمد السادس، ليس هو مغرب ما قبل الخطاب، وأن القفز على مضامين ما تضمنه الخطاب، يعد أمرا غير مفهوم ، لأن دولا عجزت عن تحريك قضاياها بكل تلقائية من خلال حراكها السياسي. وأوضح الناصري، في معرض أجوبته على أسئلة الصحافيين، في مؤتمر عقده، عقب انتهاء أشغال المجلس الحكومي، أول أمس الخميس، بالرباط، أن ملك المغرب فجر ثورة هادئة من خلال تأكيده على مباشرة إصلاحات جوهرية شاملة للدستور المغربي. وأكد الناصري "أنه لا يوجد أي مبرر للنزول مجددا إلى الشارع، لأن الآذان كانت صاغية، والأفئدة كانت منفتحة على المطالب التي رفعت يوم 20 فبراير"، وهي حاليا تسمح للجميع بالجلوس إلى طاولة الحوار بشكل ديمقراطي حيث تحترم جميع الآراء، ويتم تبادلها بدون قيود، مثمنا انفتاح وسائل الإعلام العمومية على كل الأراء، والتصورات، حيث ساد نقاش قل نظيره في المغرب، في ذات الوسائل العمومية، مما سيسهم في استمرار شعلة الإصلاحات النيرة، قائمة. لكن الناصري استدرك قائلا " إذا كانت هناك جهات أخرى، لها أجندة سياسية ما، تريد الركوب على موجة 20 فبراير، فإنه يمكن وضع أسئلة عليها بكل مسؤولية وتجرد بل وموضوعية ، هل بهذه الطريقة تريدون بناء مغرب الغد؟، إن نجاح الإصلاح، يمر حتما عبرالإستقرار، إذا كنا جميعا نريد فقط الرفع من وتيرة الإصلاحات وليس شيئا آخر"، وإذا كان الناصري أحجم عن تسمية المعنيين بهذا الكلام، فإن أغلب الصحافيين، مغاربة وأجانب، أشاروا بالأصابع، إلى حزب النهج الديمقراطي، ذي المرجعية الماركسية ، الرافض المشاركة في الانتخابات، والحالم بثورة على طريقة السلف الصالح، « لينين وستالين، و تشي غيفارا» بواسطة ما يسمونه " ديكتاتورية البروليتاريا"، رغم انهيار المعسكر الشرقي برمته، وجماعة العدل والإحسان، الشبه محظورة، الرافضة أيضا المشاركة في الحياة السياسية، وفق قواعد معروفة. وأضاف الناصري أن الحكومة المغربية، أو السلطات لم تقدم أي ترخيص للتظاهر، لأنها بكل بساطة، لم تتوصل بأي طلب لتنظيم مسيرة احتجاجية، من أي جهة كانت، وهذا يؤدي إلى حدوث مشكل قانوني وأخلاقي، "ذلك أن هؤلاء قالوا إنهم يناضلون من أجل ترسيخ الديمقراطية، لكنهم في ذات الآن، يرفضون الامتثال للقانون، ما يجعل هذا الأمر مبهم، من خلال المطالبة بالديمقراطية، عبر خرق القانون"، مبديا خشيته أن يتم استعمال الشباب، لتحقيق أجندات سياسية محضة تهم فقط من يحركها، معربا عن أسفه لذلك. وجدد الناصري التأكيد على أن عواصم العالم بأسره، لا تحابي المغرب أبدا، لكنها صفقت جميعها وبدون استثناء لخطاب الملك محمد السادس، ووصفته بالخطاب الثوري، الذي تجاوز سقف المطالب المرفوعة، وتجاوب معها المنتظم الدولي، من واشنطن، إلى موسكو، ومن باريس إلى لندن، ومن برلين إلى مدريد، وجامعة الدول العربية، والإتحاد الأوروبي، ومجالسه وهياكله، وجامعة الدول العربية، ومنظمة الحلف الأطلسي، والقائمة طويلة، حيث تم التنويه بجرأة الملك محمد السادس، الذي منذ أن اعتلى العرش، وهو يباشر الإصلاحات في كل مناطق المغرب، وبدون استثناء. وقال الناصري" إنه من الناحية الأخلاقية، لم يسبق أبدا لجلالة الملك محمد السادس أن سجل عليه، أنه كذب على شعبه، وحاشا لله أن يخذل شعبه، أو أن يكون كذلك، إنه يستشعر المسؤولية، وحينما التزم أمام الجميع، فإنه وفى، حيث دخلنا ثورة الإصلاحات، ومن ناحية الأخلاق السياسية، نتعامل مع رئيس دولة لم يخذل أبدا شعبه، ولا القوى الوطنية، ومعنى ذلك أن ما هو مطروح في الساحة، هو الواقع، وحتى بالنسبة للذين يقولون ، " أو لم تؤمن، قالو بلا، ولكن ليطمئن قلبي"، فليطمئن قبلهم ، أن إصلاح الدستور ليس ترفا فكريا بل واقعا ملموسا". وعبر الناصري عن استغرابه لسؤال حول وضع الأمازيغية في الدستور، وكأن المتحدثين، لا يضعون الثقة، مؤكدا أن الوضع الاعتباري لأحد مكونات الأمة المغربية، تم الحديث عنه في الخطاب التاريخي ليوم 9 مارس، وهي تحصيل حاصل، فوضعها في الدستور أمر حتمي، ومكانتها على الأقل والأدنى، وأضعف الإيمان، لغة وطنية، وهناك اجتهادات للمعهد الملكي للثقافة الامازيغية، ستثري الأمر، حيث سيعقد لقاء مع مسؤوليه في الايام المقبلة. وعلى صعيد آخر، أعرب الناصري عن أمنيته أن تجرى مباراة الجزائر والمغرب في كرة القدم في أحسن الظروف، وفي جو رياضي وحضاري، لا تشوبه شائبة، مؤكدا أن ضمان السلامة الجسدية للوفد المغربي ولاعبيه، تتم على عاتق الحكومة الجزائرية، لأنها البلد المضيف، وذلك في معرض جوابه على سؤال تعلق بتخوف المشجعين، من تكرار سيناريو مباراة مصر الجزائر. وقال الناصري إن المغاربة يحذوهم الأمل في أن يتم تطبيع العلاقات بين البلدين على كافة المستويات، محملا الجزائر المسؤولية السياسية والأخلاقية والقانونية، كي تتأقلم مع رغبة المغرب في تطبيع العلاقات الثنائية معها. وقدم الناصري معطيات، بخصوص ملف الصحراء، في المجلس الحكومي الذي ترأسه عباس الفاسي، مؤكدا أن الجولة المقبلة الغير الرسمية للمفاوضات، ستتم نهاية شهر ماي المقبل، بجدول أعمال يهم الثروات الطبيعية، وإزالة الألغام، والتقيد بتدابير الثقة من أجل تحسين تنظيم عمليات تبادل الزيارات، بين تندوف بالجزائر والمناطق الصحراوية المغربية، مشيرا إلى أن المغرب ملتزم بحل سياسي لملف نزاع الصحراء المغربية، عبر مقترح الحكم الذاتي المتجاوب مع متطلبات الحكامة الترابية ، وتطبيق الجهوية الموسعة، مستغربا عدم تقديم البوليساريو لأي مقترح جاد، والاكتفاء بترديد كلام متجاوز، وغير قابل للتطبيق.