احتل الموضوع الليبي حيزا كبيرا في الصحافة البريطانية. فقد سخرت إحدى الصحف من المواقف الانتهازية للحكومات الغربية، واستعرضت ثانية أوجه الاختلاف بين الثورة الليبية ونظيرتيها بتونس ومصر، وتعرضت ثالثة لقسوة النظام الليبي وفشله، وأشادت رابعة بشجاعة الشعب الليبي. تقول صحيفة «فايننشال تايمز» إن الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان وصف القذافي بأنه « مجنون» عام 1986، وكانت أخبار خروقات حقوق الإنسان في ليبيا تذاع في كل مكان، وفي الوقت نفسه كان الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين يتم تناول أخباره بطريقة لائقة إلى حد كبير لأن الغرب كان يحتاجه للوقوف بوجه إيران. وعندما قررت الولاياتالمتحدة الإطاحة بصدام أصبحت خروقات نظامه لحقوق الإنسان الشغل الشاغل للغرب بينما تم احتضان نظام معمر القذافي وتقربت إليه العديد من الحكومات الغربية، ونُسي أو تم التغاضي تماما عن سجل نظامه في مجال حقوق الإنسان. وأشارت نفس الصحيفة إلى ظهور القذافي على شاشات التلفزة، وذكرت أن هذا الظهور كان يهدف لدحض المعلومات التي تناولتها وسائل إعلام بأنه غادر ليبيا، لكن من جهة أخرى لم يتضمن الخطاب إشارة واضحة إلى مكان وجوده ووقت تسجيله للخطاب. ورجحت الصحيفة احتمال أن يصبح القذافي الزعيم العربي الثالث الذي يتم إسقاطه في العالم العربي. وقالت إن استخدام القذافي للعنف ضد المنتفضين الليبيين بالطريقة التي شاهدها وسمعها العالم ، ينطوي على «درس وضيع» في السياسة. أما «دايلي تلغراف» فقالت إنه رغم المد القوي لانتفاضة الليبيين والتصميم الذي أبدوه لإحداث التغيير، فإن انتفاضتهم تختلف عن انتفاضتي تونس ومصر في عدم وجود وجوه معروفة تقودها أو تدعمها لتملأ الفراغ السياسي المحتمل، وبالتالي قد يؤول مصير البلاد في حالة مغادرة القذافي إلى أجهزته البيروقراطية أو العسكر. وفي ظل هذا الوضع تنحصر احتمالات مرحلة ما بعد القذافي في رفاقه من الضباط الأحرار الذين أطاحوا برفقته بالملكية في ليبيا عام 1969 ، مثل عبد السلام جلود الذي اختلف مع القذافي منذ عقد من الزمان، وانطفأ نجمه في الحياة السياسية منذ ذلك الحين. وقالت«دايلي تلغراف» إن قوة الجماعات الإسلامية -التي أُطلق الكثير من أعضائها من السجون في الأيام الماضية نتيجة الفوضى التي عمت البلاد- لا تزال غير معروفة، وأشارت إلى أن ذلك قد يكون نتيجة العزلة النسبية التي ميزت الوضع الليبي طوال العقود الماضية. صحيفة ال«غارديان» البريطانية قالت إن الانتفاضة الشعبية الليبية، التي يزداد نطاقها يوما بعد يوم ، تعد إثباتا وتجسيدا حيا وعلى الهواء لقسوة النظام الذي حكم البلاد طوال العقود الأربعة الماضية. ومضت إلى أن خروج الجماهير الليبية إلى الشارع، في دولة تقول إن الحكم للجماهير، يبين للعالم مدى فشل النظام الليبي في خدمة شعبه. وتطرقت الصحيفة أيضا إلى نفس الموضوع الذي تناولته صحف بريطانية عديدة ، وهو عدم وجود رؤية واضحة للمراقبين عن كيف ومن سيقود المرحلة الانتقالية لو وصلت الأمور إلى إزاحة القذافي من السلطة. ووضعت الصحيفة الأمل في الدبلوماسيين الليبيين الذين أثبتوا جدارة ومهنية عالية باستقالتهم من مناصبهم احتجاجا على طريقة تصدي النظام للاحتجاجات الشعبية. «تايمز» البريطانية هي الأخرى انضمت إلى مجموعة الصحف الغربية التي انتقدت النهج الغربي في التعامل مع ليبيا في السنين الأخيرة، وانتقدت في افتتاحيتها تشدق الدول الغربية في تسويق علاقاتها مع ليبيا على أنها نموذج يحتذى به في طريقة جر الدول المارقة للانضمام إلى الأسرة الدولية وتحولها إلى دول صالحة. وتقول الصحيفة إن ما يحدث في المدن الليبية من عنف الدولة وإراقة لدماء المدنيين ، يثبت بوضوح مدى فشل السياسة الغربية تجاه نظام يُقال إنه تخلى عن تبني الإرهاب، ولكن ها هو يستخدمه ضد شعبه دون تردد في أول فرصة أتيحت له. وأشادت الصحيفة بعبارات قوية بشجاعة الشعب الليبي، وقالت إن تصميم هذا الشعب لتغيير نظام يتألف من مجموعة من قطاع الطرق وتحديه للموت ، هو بحد ذاته مؤشر قوي على دموية ذلك النظام الذي يحكم ليبيا. وشددت الصحيفة على ضرورة عمل القوى الغربية على إنهاء النظام الليبي بأسرع وقت.