يرى عدد من الخبراء الاقتصاديين المغاربة أن الأزمة المالية العالمية لا تزال بعيدل عن السوق المالية الوطنية، بفضل عدد من الإجراءات الاحترازية التي اتخذها النظام المصرفي بالمغرب، وهي إجراءات جعلت المغرب في منأى عن الاضطرابات التي يعرفها العالم سواء من جهة السيولة النكية أو سوق الأوراق المالية في كبريات البورصات العالمية. وإذا كانت بورصة الدارالبيضاء قد شهدت في الآونة الأخيرة تراجا كبيرا لأسهم عدد من الشركات المدرجة وكذلك لرسملة البورصة، وخاصة في نهاية تداولات الأسبوع الماضي فإن هؤلاء الخبراء يعزون تلك التراجعات إلى أسباب نفسية مرتبطة بمخاوف المستثمرين من أن تصل الأزمة إلى بورصة الدارالبيضاء تبعا لما يحدث في البورصات العالمية، ويرون أن الهبوط الحاد لهذه البورصات لا بد أن يحدث «اضطرابا» لدى المستثمرين مما انعكس على بورصة الدارالبيضاء. وفي هذا الإطار أكد فتح الله برادة رئيس المجلس المديري لبورصة القيم بالدارالبيضاء أن البورصة بدأت تستعيد نشاطها العادي بعد التراجعات التي شهدتها الأسبوع الماضي حيث حققت اليوم الاثنين إرتفاعا في تداولاتها . وقال السيد برادة إن حجم المعاملات المسجل يوم الإثنين فاق600 مليون درهم . وعزا التراجعات التي شهدتها بورصة الدارالبيضاء خلال الأيام الأخيرة إلى التأثير النفسي ورد الفعل «المضطرب » لبعض المستثمرين إزاء الأزمة المالية العالمية . وأضاف أن التراجعات المسجلة في بورصة الدارالبيضاء لم تكن بالحدة التي شهدتها البورصات العالمية بالنظر لحركة الأسهم المتداولة سنويا حيث «تعودنا على نتائج هامة جدا » . وحسب برادة فإنه «يتعين الإستفادة من الأزمات لإستخلاص الدروس» داعيا في الوقت نفسه مختلف المتدخلين في السوق المالية إلى دعم ثقافة البورصة لتفادي الوقوع في أزمات مماثلة . وفي هذا الاتجاه حث شركات البورصة على أن تقترب أكثر من زبنائها وأن توضح لهم أن السوق المغربية ليست لها أي علاقة مباشرة مع البورصات الأجنبية . كما دعا الوزارة الوصية إلى إعتماد تدابير جبائية تتلاءم مع مختلف فئات المستثمرين وذلك من أجل ضمان وفائهم وحثهم على الإبقاء على عامل الثقة . وناشد الشركات المدرجة في البورصة أن تبذل مزيدا من الجهود على مستوى التواصل لأن المستثمرين «لا يتلقون المعلومة كما يجب »، مستشهدا في هذا الصدد برد فعلهم «غير العادي » إزاء أسهمهم رغم أن النتائج المسجلة خلال النصف الأول من السنة الجارية كانت «إيجابية جدا». وفي نفس السياق اعتبر رئيس الجمعية المهنية لشركات البورصة يوسف بنكيران في تصريحات أوردتها وكالة المغرب العربي للأنباء أن التراجعات التي شهدتها بورصة الدارالبيضاء مؤخرا تعود إلى أسباب نفسية . وأوضح أن هذه التراجعات خلال عمليات التداول الأخيرة وخاصة يومي الخميس والجمعة الماضيين كانت بفعل التأثير النفسي للأزمة المالية العالمية على المستثمرين . وأبرز أن هذه الأزمة لم يكن لها أي تأثير مباشر على بورصة الدارالبيضاء مضيفا أنه مع ذلك لا يمكن لمستثمري البورصة البقاء دون رد فعل إتجاه ما يجري في الأسواق المالية العالمية . وأضاف أن هناك «عدوى نفسية أصابت المستثمرين وخلقت لديهم حالة من الذعر جعلتهم يشرعون في بيع أسهمهم »وهو ما يؤدي حتما إلى تراجع في المؤشرات . ودعا إلى الإبقاء على الثقة في سوق البورصة مع إدراك حجم ومستوى هذه السوق التي يبلغ رأسمالها600 مليار درهم (يفوق الناتج الوطني الخام) . كما دعا إلى استمرار الثقة في المقاولات المدرجة في البورصة لأن هذه الأخيرة حققت معدل أرباح ناهز20 بالمائة خلال النصف الأول من سنة2008 مقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية . وأكد بنكيران أن المغرب لا يعاني من أزمة السيولة البنكية على غرار ما يجري في الخارج موضحا أن السوق المالية الوطنية ليست منفتحة كليا على الخارج بفضل التقنين الحالي للمعاملات المالية . وقال إنه ليس هناك ما يدعو إلى الذعر , حاثا مختلف الفاعلين , بمن فيهم الفاعلين المؤسساتيين وشركات البورصة والسلطات الوصية , على الإضطلاع بدورهم لتجاوز حالة الذعر التي من شأنها أن تخلق أزمة ثقة في سوق البورصة .