شدت مدينة سلا صباح أمس أنظار الرأي العام العالمي، والمناسبة كانت بداية إخراج أحد أخطر الملفات المرتبطة بالإرهاب إلى العلن ووضعه رهن إشارة القضاء. عشرات الصحفيين المحررين والمصورين توافدوا منذ الصباح الباكر، مغاربة لكن كثير منهم من خارج المغرب خصوصا من بلجيكا التي شغل ملف بليرج رأيها العام كما شغلنا نحن هنا في المغرب، عشرات العائلات والمنظمات الحقوقية انتظموا في وقفة احتجاجية كانوا يطالبون بالإفراج عمن يعتبرونهم معتقلين سياسيين في هذا الملف، وعتاد أمني كبير جسد في إجراءات أمنية جد مشددة وعشرات السيارات ورجال الأمن، ولا ندري إن كان الأمر يتعلق بالصدفة أم كان متعمدا حيث تصادفت بداية الجلسات في ملف بليرج مع إدراج أحد أهم الملفات الإرهابية الأخرى، ويتمثل في ملف مجموعة الرايدي، وإن كنا نستبعد عامل الصدفة في مثل هذه الحالات، والرسالة في هذا الصدد واضحة جدا. وصلت سيارات الأمن المقلة لثلاثة وثلاثين متهما في هذا الملف، في موكب لم يطرح كثيرا من المتاعب الأمنية مادامت ملحقة محكمة الاستئناف تبعد ببضعة أمتار عن سجن سلا، الذي يوجد به المتهمون رهن الاعتقال. خاطبت إحدى الصحفيات البلجيكيات بليرج بعد نزوله من سيارة الأمن وهو يبدو في حالة صحية جيدة... بماذا تعلق السيد بليرج؟ فرد بليرج بصوت مرتفع وبلكنة فرنسية متمكنة، إنهم جاؤوا بي إلى هنا بالقوة. ويحدث التمييز حتى في مثل هذه الحالات، إذ بالنسبة لممثلي وسائل الإعلام كان التركيز شديدا على بعض الوجوه دون سواها والسبب معروف طبعا يتمثل في وزن وتأثير وحجم كل متهم من المتهمين. داخل المحكمة، كان الازدحام شديدا جدا، وكان من الصعب متابعة كل ما يحدث وما يقال، وهنا تمكنا من وضع تصريح بليرج في سياقه العام، إذ قال دفاعه المتمثل في الأستاذ زيان، وصرح هو نفسه أنه كان ضحية عزلة طيلة تسعة أشهر كاملة، وأنه رفض المجيء في هذا الصباح إلى المحكمة بسلا لكنهم اقتادوه بالقوة. وهناك وسط قاعة المحكمة علمنا أن محاميا بلجيكيا نصب للدفاع عن بليرج لم يتمكن من الحضور بسبب إجراءات مسطرية قانونية، بيد أن محاميا مغربيا انتدبته عائلة البلجيكي الذي قيل إنه قتل من طرف بليرج كان حاضرا. وإلى حدود الساعة الثانية من ظهر أمس كانت المحاكمة جارية في أجواء تقترب من الهدوء، في تجاذب بين الدفاع وهيئة المحكمة أحيانا. بيد أن المتهمين وضعوا في قفص زجاجي كبير، واختار بليرج الجلوس لوحده بعيدا متخفيا في قبعته الرياضية.