ركن خاص بذكريات رجال ونساء التعليم : اللقاء الأول مع التلاميذ، العلاقات مع محيط المؤسسة التعليمية، العلاقة بالرؤساء والزملاء، طرائف وقعت خلال الحياة المهنية وغيرها من الذكريات... كاتبونا عبر البريد الالكتروني يتزاحمون أمام محلات «الفوطوكوبي»، ليس لاستنساخ كتاب تربوي مهم، لا، بل لاستنساخ ما يسمى ب «الجذاذات» بعد حذف اسم أستاذ ناجح أو أستاذة جادة، يتبادلون الرسائل القصيرة، ليس من أجل السؤال عن الأحوال الشخصية، لا، بل يتناقلون أخبارهم؛ متى وصلوا..؟ كم عددهم..؟ على أرجلهم سائرون أم على متن سيارة النيابة قادمون، هل جاء فلان معهم..؟ (ياربي السلامة)، كم ستستغرق مدة زيارتهم..؟ هل المدير (فراسوا ) أم مسافر لزيارة عائلته كما العادة ؟...، يقتنون بطاقات التعبئة على مضض من أجل تيسير عملية التواصل، التواصل الذي لا تظهر ملامحه إلا لماما في مثل هذه اللحظات كثيرا، من هم من يقتني هذه البطاقة لأول مرة بعد شرائه الهاتف النقال، الآخرون يتقاطرون على النوادي الانترنيتية، ليس من أجل المشاركة بآرائهم في موقع تربوي أو ما شابه ذلك، لا، بل بحثا عن المواقع التي تهيئ الوثائق التربوية والبيداغوجية و تضعها رهن إشارة المدرس والمدرسة أولئك «المعكازة« مع الأسف إنها الحقيقة .. المعجم يتغير بينهم و بينهن تسيطر عليه هواجس الزيارة التفتيشية و مصطلحات أكل عليها الدهر و شرب كالتوازيع السنوية و الشهرية و استعمال الزمن و دفتر التناوب و و... يصطفون أمام المكتبات، ليس من أجل اقتناء جريدة بها ملحق تربوي أو مجلة تعنى بقضايا التربية و التعليم...، لا، بل باحثين عن الأوراق المختلفة الألوان، الأقلام اللبدية، المسطرات و الأغلفة.. كأنها بداية السنة الدراسية، البعض يسأل عن المراجع ( دلائل الأستاذ ) التي نسوا عناوينها وأشكالها منذ أن غادروا مراكز التكوين و توديع الدروس التطبيقية.. فعلا هي مراجع كثيرة ومتعددة، وبالكاد تحصل على مرجع أو مرجعين! يودعون غرف الفنادق والمقاهي ورائحة البن والسجائر، وأصوات الباعة والجرائد و تلك العوالم الافتراضية و«الشاتات «.. يحزمون حقائبهم، عفوا، « بلاستيكاتهم «بسرعة البرق مغادرين « الحضارة « على لسان من يعمل فيك يا فيافي و يستقر في قممك يا جبال .. وسائل النقل على اختلافها شاحنات و«بيكوبات «تستعيد محركاتها البالية صوتها المعتاد رغبة في نقل «أجساد« مدرسينو مدرسات أما العقل و الروح فينتظر على رصيف المدينة ! الكل سيلتحق بموقعه، من ينتظر ترقية و من يرتقب كفاءة و حتى من لا ينتظر أي شيء..إنه الاستعداد لمواجهة أية زيارة مفاجئة. تستمر عجلة الاقتصاد في الدوران في إطار أيام « مهرجان زيارة المفتش التربوي «، الثوب الأبيض يكون مطلوبا، ليس من أجل إعلاء راية الاستسلام في حرب مع تعليم الأطفال أو إعداد الكفن لتوديع حياة تدريسية ملؤها المثابرة و النجاح، بل من أجل الحصول على الوزرة البيضاء، الزي الرسمي الذي كان يمنح للمدرسين و المدرسات هيبة و وقارا، لكن هنا المسألة تغدو أشبه بحملة ( خفف السير ... ) أو لحظة عبور الجمارك... الجذاذات آه من الجذاذات كم هي ثقيلة تأبى اليد على تسطيرها و يمتنع الفكر على تخطيطها، لكنها بمثابة بطاقة التعريف بدونها يفقد المدرس هويته في عالم التدريس مهما عمل مهما أبدع مهما اشتغل مهما درس و علم ... لذلك فرقمها صعب في بورصات التبادلات بين المدرسين و المدرسات، لا مجال للمفاوضات لا جدوى من المقايضات في سوق الجذاذات! طابع و خاتم الإدارة التربوية تعود إليه رائحة المداد، سجل الغياب و الحضور ينفض منه الغبار، المذكرة تعود إليها صفتها « اليومية « تتلون بأحلى الألوان، الحجرات الدراسية تنظف، جدرانها بالصور تزين و في رمشة عين تخلق المجلة الحائطية بمواضيع و كتابات و إبداعات الصغار ترصع، و المقاعد تصفف و كراسات الإدماج تصحح، و النشيد الوطني يحفظ ... و يبقى السؤال مطروحا بإلحاح، لماذا لا تستقيم الحياة المدرسية بهذا الشكل الصحيح دائما؟ الجواب هي الإكراهات تتجسد أغلبها في البنيات التحتية الهشة في الأقسام المشتركة المزعجة في الإكتضاض و مشاكله المتعددة في المسالك الوعرة في الطقس و التضاريس القاسية.. و ليس لا المدرس و لا المدير سببا في بعثرة أوراق إصلاح التعليم .. فلماذا لا تسير الأمور المدرسية عادية، بكل شجاعة نواجه هذا و تلك مهما كانت الأحوال؟ الجواب..... *مجموعة مدارس أكرض، إمنتانوت ----------------------------------------------------------------------------------------