ركن خاص بذكريات رجال ونساء التعليم : اللقاء الأول مع التلاميذ ، العلاقات مع محيط المؤسسة التعليمية ، العلاقة بالرؤساء والزملاء، طرائف وقعت خلال الحياة المهنية وغيرها من الذكريات... كاتبونا عبر البريد الالكتروني [email protected] حدثنا محمد بن يحيى قال: ... أمضينا في سلك التدريس سنين عددا، والقطاع يطلب العدد والمدد. وأبانت الإحصاءات أننا في تراجع، وكشفت الاستطلاعات ما عليه مستوانا من تواضع. فضربنا كفا بكف، وتصاعدت الحسرات من كل جوف: كيف وما سبب هذا النكوص؟ بعد كل مابذلناه من جهود وطقوس؟ كيف أصبحنا نخرج أشباه الأميين؟ ومن يعجز عن إنجاز حساب أو تمرين؟ إنها والله لغصة في الحلق، عند كل غيور يؤمن بالحق. ثم هبت نسمات الإصلاح كالوجه الصبوح، وبدأت تباشير التغيير في الأفق تلوح. فاستبشرت بذلك خيرا، وقلت إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا من أنفسهم أمرا. فأول ما توصلنا به من الخدمات، للأولاد والفتيات: أدوات ومحفظات، وزي موحد من البذلات. أما للأساتذة والأستاذات، فالمصوغات والمجزوءات، والتدريب في دورات. لأن الموارد البشرية هي العناصر الضرورية. بها يتم الإصلاح، ويكتب له النجاح والفلاح. استدعينا على شكل أفواج، للتكوين في بيداغوجيا الإدماج. كل يوم نشد الرحال، تحذونا قوة العزائم والآمال. إلى مركز تكوين المعلمين، حيث يوجد كل مؤطر أمين، كعبد الرحمن وسيف الدين، اللذين يبذلان كل نفيس وثمين. فزودانا بالدرر والجواهر، وذللا كل علم مستعص قاهر.وباللطائف والمستملحات، بددا حدة النقاشات. وبالحكمة البالغة، قالا إن كل تلميذ نابغة. فقط على المعلم أن يشعل الشرارة، التي توهج الإبداع والمهارة. فالمعلمون هم قادة الشعوب، بهم تبلغ كل مطلوب. قالا إن المعلم يعمل من أجل الوطن، من أجل طفل ولد وعاش في شجن، من أجل طفلة تحلم بغد أحسن، على المعلم أن يعلو فوق عتبات المحن. قالا إن المعلم إنسان، والإنسان قوي بالإرادة والإيمان، قوي ضد الطبيعة ضد المكان ضد الزمان. والمعلم هو إنسان، بما يحمل من رسالة هو إنسان. عملت في واحدة من المجموعات الأربع، حيث التفاهم والسلام يرتع. فحسن يعلق الملصقات، ويقدم الشروحات والتوضيحات. وهند ذات الخط الجميل، لم نجد لتصميماتها أي بديل. وتوالت الاقتراحات الدفينة، من علي وأمينة. ولم تخف فتيحة وسمية، ما لهما على التعليم من حمية. خلال خمسة أيام، أولينا بيداغوجيا الإدماج كل اهتمام. متى وكيف ولم أسئلة خالدة، بها تكتمل الفائدة. فالوضعيات، لابد لها من سياق وسند وتعليمات. أما معايير الملاءمة والسلامة والانسجام، فلنعرف هل بلغ الطفل المرام. ثم تتلوها الشبكات، للتحقق والتصحيح والتصنيفات. وبذلك يتم التقويم، للتوجيه أو التعديل السليم. ثم يكون الإشهاد، علامة على بلوغ المراد. وجاء يوم الوداع حثيثا، ولازال لنا في العلوم حديثا. "والله ما سخينا" كلمة القوم، هي كل ما تسمع في ذلك اليوم. فالرحمة لمعلمينا الأوائل، لمن حاربوا الجهل حرب البواسل. والشكر الجزيل وخالص الدعاء، لأستاذينا الجليلين بطول البقاء، ولمن خدم ذاك الجمع من جنود الخفاء. ثم استرسل قائلا: ولا أظن أني آتي بجديد، أو أني أحيطكم بخبر فريد. إذا اعترفت لكم دون التباس، أنه بدء لم يكن لدي حماس. فعادة ما تبعث هذه الاجتماعات على ملل، نتمنى معه أن تنفض على عجل. لكني لم أتوقع أن تنقلب، الأمور فجأة على عقب. فالمؤطران كانا من الذكاء، وللوهلة الأولى كسبا منا الولاء. أما أفراد المجموعة، فالروعة كانوا وأي روعة. إذ أحيوا في قلبي الأمل، أن هناك من يحمل المشعل. أن هناك قلوبا تنبض، وأن شبابا على الجمر يقبض. أسئلتهم تحمل هما وغيرة، ووجوههم تطفح حبا وحيرة. طرحوا المشاكل على الطاولة، وتساءلوا عن الحلول العاجلة. في أصواتهم حرقة ولوعة، فمن كل العراقيل أخذوا جرعة.وهم مع ذلك لهم إصرار، على إخلاص العمل بكامل الإختيار فالمدرسة عندهم تسكن الوجدان، هي المركب إلى بر الأمان. والطفل مشروع يراهنون عليه، غدا يصبح رجلا يعتمد عليه. ليس مسؤولا هو عن الصعوبات، ولن يحملوه مسؤولية التبعات. سيبذلون كل الجهود، للوصول به إلى المستوى المنشود. ولن يفقدوا الأمل، في تحسن ظروف العمل. من أجل ذلك عبرت عن حالهم برسالة، أرجو ألا تكون فيها إطالة. لأشرك معنا كل أسرة التعليم، فكل فرد فيها له دور عظيم. أوصيهم بتكثيف التواصل واللقاءات، وتبادل التجارب والخبرات. فبذلك يغيرون "الروتين"، ويجددون النشاط والعزم واليقين. فكانت الرسالة كما سيأتي، وهي تعبير عن حسن نيتي. فإن وفقت فيها فمن الله، وإلا فمعذرة إن أخطأ قلمي خطاه....(يتبع الجزء الثاني خلال الأسبوع المقبل)_ * أستاذة التعليم الإبتدائي سيدي قاسم