بمناسبة الذكرى 67 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال التي تعتبر منعطفا حاسما ومحطة مشرقة في مسلسل الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال ، نظم حزب الاستقلال بجهة الدارالبيضاء الكبرى مهرجانا خطابيا حاشدا برئاسة الأخ عبدالواحد الفاسي عضو اللجنة التنفيذية للحزب و منسق جهة الدارالبيضاء الكبرى بحضور الأخ رشيد أفيلال عضو اللجنة التنفيذية و مفتشي الحزب وأعضاء المجلس الوطني وأطر الحزب و منظماته و هيئاته بالجهة. المهرجان كان مناسبة للتأكيد على أن إحياء ذكرى 11 يناير 1944 يعتبر لحظة تاريخية عميقة الدلالات وتذكير بأمجاد نضالات المغرب للتحرير والاستقلال من قبضة مستعمر غاشم، والتذكير بزعماء عصوا المحتل وأبوا إلا أن يحيا وطنهم متحرر ، ذكرى خالدة وعلامة بارزة في تاريخ الأمة المغربية و منارة تاريخية أسست لمرحلة متقدمة من الكفاح الوطني ، والوثيقة جسدت الوحدة والتلاحم المغربي فهزمت القوة بالإيمان بالقضية،و تعد علامة مضيئة في صرح حزب الاستقلال الذي قاد نضالات الشعب المغربي. المناسبة كانت فرصة لاستحضار الصفحات المشرقة لهذه الملحمة الخالدة، واستلهام معانيها وما تنطوي عليه من قيم ودروس وعبر لتنوير أذهان الناشئة والشباب وأجيال الوطن الصاعدة و التذكير بنتائج وثيقة المطالبة بالاستقلال ووثيقة التعادلية الاقتصادية التي لا يمكن أن نفصلها عن وثيقة 11 يناير 1944 و التأكيد على أن حزب الاستقلال لم يكن وليد لحظة أو مرحلة سياسية وإصلاح فقط، بل كان صاحب مشروع مستقبلي متنامي، المتابعة والمواكبة لبناء المجتمع المغربي في وحدته وعقيدته وتطوير بنيته الاقتصادية، وما وثيقة التعادلية إلا تأكيد على جوانب مسلسل البناء في الاقتصاد والإدارة وتكوين الأطر والتعليم والسياسة وعدم التبعية الاقتصادية والسياسية. مطالب لم تتحقق في عهد الحماية، و أن مبادئ التعادلية ضلت دوما تنشد إنصاف الناس وتدعو إليه، لأنها مبنية على فلسفة الخلق الإسلامي. ومما أعطى للقاء نكهة عطر و طيبة ، هو عرض شريط جد مهم عن حياة والنضالات الثقافية و السياسية و الاجتماعية للزعيم الراحل علال الفاسي شريط ابرز مراحل نشأة الزعيم و تكوينه وتأثيره وقدرته على الخلق والإبداع في كل المجالات وعمله من موقعه كأحد علماء الإسلام المجتهدين المتنورين، وباعتباره مفكرا ومطلعا على الثقافات الإنسانية، وبوصفه قائدا سياسيا إلى أن وافته المنية في بودابيست سنة 1974 وهو يدافع عن الوحدة الترابية و القضية الفلسطينية. هذا الشريط الذي يحتوي على شهادات عدد من الشخصيات الوطنية و الدولية من مختلف المشارب السياسية والتي سنحت لها الفرصة مرافقة الزعيم أو العيش في مرحلة كفاح علال الفاسي . وتميز المهرجان بالافتتاح بآيات بينات من الذكر الحكيم وتلتها كلمة احمد بنسنة باسم مفتشي الحزب رحب فيها بالدكتور عبدالواحد الفاسي و بالأخ رشيد افيلال عضوا اللجنة التنفيذية للحزب، معتزين جميعا بمشاركتهما في هذا اللقاء التذكاري الذي يخلد لحدث يعتبر منعطفا كبيرا في تاريخ المغرب قديمه و حديثه. ذلك أن وثيقة الاستقلال التي أعطيت اسم حزبنا الاستقلال تعتبر حلقة مجدية نادرة ضمن سلسلة أمجاد التاريخ الذي كتبه شعبنا بأرواحه و دماء أبنائه و بناته. وجاء في كلمة الدكتور عبدالواحد الفاسي منسق الحزب بجهة الدارالبيضاء: »يسعدني أن احضر معكم بهذه المناسبة و اترأس هذا المهرجان ،في البداية أقدم لكم تحية إخوانكم عباس الفاسي و أعضاء اللجنة التنفيذية وأريد أن ادكر أن هذا الحدث هو حدث خاص له أهمية خاصة بالنسبة لنا كحزب . 11 يناير 1944 أتت بعد سلسلة من الأحداث و نضالات متعددة في عدد من المدن في الوقت الذي كان عدد من القادة الوطنية في المنفى كعلال الفاسي الذي بعث برسالة للمطالب بالاستقلال في الوقت الذي اعتقد المستعمر انه بنفي علال الفاسي سيقضي على الحركة الوطنية و على زعيم التحرير. ولابد أن نعلم كذلك أن الوثيقة لها ارتباط خاص بالحزب فهو الذي كان يطالب بالاستقلال وهذا مبين في الوثيقة.المغرب كان حماية و ليس مستعمرة و الوثيقة قدمت باتفاق تام مع محمد الخامس وهذه نقطة أساسية الحماية كانت للملك والملك كان يطالب بالاستقلال. فالوثيقة كانت لها و لكل الموقعين عليها قادرين على التضحية بالغالي و النفيس من اجل الدفاع عن المواطنين في جميع مناطقه ففي 42 كانت في المنطقة الخلفية وقبل ذلك بقليل قبيل ظهور دكول بعث علال الفاسي برسائل له من اجل استقلال المغرب فكان اتصال روحي ما بين الوطنيين في المنفى وداخل المغرب فالوثيقة وجدت مساندة عفوية وبمظاهرات على الصعيد الوطني وهذا دليل عن الوعي الذي كان يتميز به الشعب و مساندة للمدافعين عن المغرب في إطار الملكية و الدين الإسلام و حدود البلاد. و 11 سنة بعد الوثيقة حصل المغرب على الاستقلال و الغريب في الأمر هو أن ما جاء أيضا هو المطالبة بالتعادلية وهذا يعني أننا لم ننس ما سيأتي بعد الاستقلال و أننا لنا ثقة في نفسنا فسنضحي من اجل الاستقلال و سندافع عن المستقبل. فلما طالب الوطنيون بملكية ديمقراطية أي طالبوا أن يحكم الشعب نفسه بنفسه من خلال المؤسسات الدستورية و اعتبروا أن فكرة الحزب الوحيد هو الديكتاتورية فالتعددية الحزبية تساعد على بناء الديمقراطية بالوجه الصحيح و ليس عن طريق القرصنة الحزبية كما نلاحظ اليوم ففي العالم الحزب الذي لم يكن موجود و يصبح موجود عن طريق القرصنة الحزبية لا يكون له ما يؤمن به فكان على الأقل أن يكون له الإيمان على الأقل بالدين و الوطن و الملك. فهذا الوضع إذا استمر في المغرب إلى 2012 فالبلاد ستكون متضررة ،فالثوابت الثلاثة هي التي جمعت بيننا و الحزب الذي لا يؤمن بهذا يجب الانتفاضة ضده لأنه يسيئ الى البلاد و نحن مع الأحزاب التي تسير في طريق المحافظة على المقدسات يجب أن نكون حذرين في المستقبل و حزب الاستقلال له دور أساسي في البلاد. وبعد الاستقلال وعند خروجه من الحكومة تقدم حزب الاستقلال بوثيقة التعادلية الاقتصادية التي تعطي تكافؤ الفرص في إطار المجتمع المغربي و الدين الإسلامي، مع الأسف لم تسمح الظروف لتطبيق بنود الوثيقة. وفي كلمة الاخ رشيد أفيلال عضو اللجنة التنفيذية تطرق فيها الى الوثيقة التي تربط الحزب بتاريخ التأسيس و تذكر بالمواقف البطولية للوطنين الدين افنوا عمرهم من اجل الوطن . فلماذا انتظر المغاربة كل هذه السنوات لوضع الوثيقة ،فالحماية جاءت للقيام بإصلاحات بالمغرب لكن مع تعاقب الأيام كانت الممارسة الفرنسية ممارسة قمعية و استغلال خيرات المغرب فعلى سبيل المثال التعليم الذي كان البند الأول في وثيقة الحماية خصص المستعمر ميزانية غير عادلة حيث تركز على أبناء المستعمر إلى أن وصل 4 أضعاف الميزانية المخصص لأبناء الشعب مما حدا بحزب الاستقلال إلى بناء مدارس في القرى و المدن و انشأ لجنة مركزية خاصة بالتعليم. والمثال الدي كان له تأثير كبير على الشعب من خلال سلوك المستعمر من خلال ما ابتكره و سماه بالظهير البربري في محاولة يائسة للتفرقة بين العرب و الأمازيغ و أراد فك الترابط ما بين البرابرة و محمد الخامس ،فكان رد فعل المغاربة طبيعي فخرجوا في مظاهرة اللطيف . فاستطاع الحزب التعبير عن موقفه من عمل المستعمر بثورة عارمة ضد الأعمال التي تمس المجتمع في العمق أي في كرامته فعندما تمس الكرامة يثور الشعب كما وقع في تونس حاليا ليس بسبب المطالب الاجتماعية ولكن حينما شعر المواطن بإهانة كرامته وهذا لن يقع في المغرب لما يعرفه من جو عام. كما قام المستعمر بسلسلة أخرى من الأعمال المستفزة للشعور المغاربة في عدد من الميادين كالتعليم و الاقتصاد و القضاء وعلى رأسها اعتقال علال الفاسي و نفيه إلى الكابون واعتقال فيما بعد محمد بلافريج و اليازدي بتهمة التجسس.،نتيجة كل هذا انتفاضة عارمة و إضراب الخاتم الذي عبر من خلاله محمد الخامس المجاهد الأول من خلال رفضه التوقيع على عدد من القوانين ورفضه إصدار بلاغ ضد حزب الاستقلال. ارتباك المستعمر من خلال التلاحم ما بين الشعب و العرش جعله يقرر نفي الملك محمد الخامس فخاطب علال الفاسي المغاربة من القاهرة من اجل حمل السلاح ضد المستعمر وقامت الثورة من جديد إلى أن حصل المغرب على الاستقلال«.