سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الإصلاح السياسي يحافظ على راهنيته في ظل محاولات إنتاج ظواهر الماضي بصيغ مختلفة الجلسة الختامية في فعاليات جامعة حزب الاستقلال تعكف على دراسة موضوع الإعلام ودوره في بناء المجتمع الديمقراطي
ناقشت الجلسة الأخيرة في فعاليات جامعة حزب الاستقلال للدراسات والأبحاث والتكوين موضوع دور الإعلام في بناء المجتمع الديمقراطي، والذي قاربه في البداية الأستاذ عبد الله البقالي رئيس جريدة تحرير العلم، حيث اعتبر في البداية أن جامعة حزب الاستقلال من المؤسسات المهمة داخل الحزب ، حيث تهتم بالتكوين الفكري والنقاش الأكاديمي الذي يمكن الأطر الاستقلالية من آليات مواكبة ما يستجد في الساحة الفكرية والعلمية. واعتبر في سياق تحليله لمحور الجلسة أن الإصلاح السياسي ظل ورشا مفتوحا منذ الاستقلال حيث حافظ على راهنيته رغم التطورات والانتكاسات التي وقعت، والملاحظ اليوم أن الفضاء السياسي يشهد محاولات لإعادة إنتاج ظواهر الماضي بصيغ مختلفة سمتها تجاذب قوى الخير والشر كما كان على عهد الاستقلال، لكن الفارق هو تغير الأسماء والوجوه، ليؤكد الحاجة إلى تجديد التعاقد المبني على التزامات مع المؤسسة الملكية والمطالبة بدورها بالتجاوب مع القوى الديمقراطية الحقيقية، دون أن ينفي هذا زوال التعاقد التقليدي القائم بين الطرفين . وقال إن المغاربة يريدون أن يفهموا هل إرادة الإصلاح لا رجعة فيها على اعتبار أن الجواب على هذا السؤال يرهن مستقبل المغرب على المدى القريب والمتوسط والبعيد، موضحا أن أحد أجنحة هذا الإصلاح هو الإعلام، كما لا يمكن المراهنة على أي إصلاح إذا لزمت قنوات صرف الحوار الصمت أو تعطلت، وقد أثبتت التجربة أن هناك من يتحاور بطرق أخرى حين تنغلق قنوات صرف الحوار مثل الإعلام والنقابات والمجتمع المدني مثلما حدث في الجزائر، وفي المغرب كانت قبضة حديدية على وسائل الإعلام بما فيها الصحف والإذاعة والتلفزيون مقابل ذلك كان هناك إعلام مناضل، ومن ضمنه الصحافة الحزبية المناضلة ولم يكن بإمكانه لعب الدور المطلوب بمفرده، وكان على كل ممارس أن يتحزب أو يخضع لقوانين الإعلام، بينما كان يطبع المشهد احتكار الاستثمار في الفضاء السمعي البصري، وكانت المقاولة الصحفية غارقة في التخلف إضافة إلى ضعف الأجور وغياب التكوين، مشهد كهذا أفرز جسدا بشرايين مقطعة لا تجري فيها الدماء، نتيجة ذلك تم الاعتراف في لحظة أنه لا يمكن لهيئة الإنصاف والمصالحة أو لانتخابات نزيهة أن توفر التغيير المنشود بمنأى عن مراجعة وضع الإعلام، وبموجب ذلك تم الانكباب على الإهتمام بهذا الورش الهام . بعد ذلك بسط عبد الله البقالي إشكالية سقف حرية التعبير، هل يندرج المساس بالإسلام وبالمرجعية الإثنية في حرية التعبير؟ أم أن حرية التعبير رغم كونيتها يجب أن توضع في خصوصيتها المحلية ومن ثم ماقد يعتبر حرية تعبير في فرنسا مثلا قد لايعتبر كذلك في السعودية، مضيفا في السياق ذاته ضرورة المكاشفة والاتفاق حول الحدود الدنيا حتى تقلع الحافلة. ونوه عبد الله البقالي بمبادرة الحوار الوطني حول الإعلام على اعتبار أن المهنيين في فترة سابقة، كانوا يتحاورون مع أطراف غير واضحة أسماها بالأشباح، وفي ضوء ذلك كان في لحظة يدفع باستعجال إصلاح قانون الصحافة وفي لحظة أخرى كان يتم تعطيل هذا الإصلاح. وتطرق إثر ذلك الى تمفصلات الطفرة الإعلامية حيث يجري الحديث عن المواطن الصحفي فبموجب ذلك يمكن لأي كان أن يوفر لنفسه موقعا على شبكة الانترنت ويزوده بالمعلومات، إضافة إلى إمكانية الاشتراك عبر الهاتف في عدد من شبكات الأخبار، ما يعني أن بعض وسائط الاتصال تصبح متجاوزة زمنيا. ودعا في الأخير الى ضرورة تنظيم سوق الإشهار وإعمال التكوين والتكوين المستمر وإشاعة الأخلاقيات في مجال الممارسة الإعلامية لتحصينها من الانزلاق وضرورة إنشاء مجلس وطني للصحافة يتكلف بكل المهام. ونوه جمال الدين الناجي المنسق العام للحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع بجامعة حزب الاستقلال ومبادراتها البناءة لتمكين الشباب من فضاء حواري وتواصلي مع فعاليات من مختلف المشارب الفكرية والسياسية ما يمثل إضافة نوعية للأطر الشبابية الاستقلالية، واعتبرها من المبادرة المهمة جدا التي تتصدى لمحاولات التيئيس والتبخيس في صفوف الشباب. وقال اتصالا بمحور الجلسة إن تاريخ الإعلام بالمغرب لم يكتب حيث يعمر الفعل الإعلامي بالمغرب لقرنين من الزمن ما يستوجب إنشاء متحف للإعلام لإبراز مسيرته ومختلف محطاته، وإيجابياته أيضا والتي كان من أسسها التعدد، حيث سبق المغرب بتعدديته الإعلامية دولا في أمريكا الجنوبية وأوروبا الشرقية، وقد استطاع الإعلام المغربي الانفلات من القبضة الحديدية التي ظلت تجثم عليه، وبذلك دخل التنوع في المنابر والعناوين الكشك المغربي وتأثث الفضاء بإذاعات جديدة، وتم الانتقال من صحافة التعليق إلى صحافة الخبر، بينما لاتزال السماء غير مفتوحة في بلدان الجوار، ومع ذلك يقول جمال الدين الناجي، يحبل المشهد الإعلامي بمفارقات حيث انتقلت قناة من القطاع الخاص إلى القطاع العمومي فيما لم تظهر بعد القنوات التلفزية الخاصة ولا بوادر استثمار كل المؤهلات التي تنقلنا إلى مجتمع المعرفة والإخراج عن المعلومة وامتلاكها من طرف المواطن كحق. وانتقل بعد ذلك للحديث عن الموقع الجغرافي للمغرب والذي يمثل نقطة قوة نظرا لجواره بالمحيط الأوروبي والمتوسطي وامتداده الافريقي، وهي رقعة جغرافية شكلت على الدوام محطة التواصل مع الشمال والجنوب والشرق، هذه المزايا تتوق إليها العديد من الدول التي تعرف حصارا مجاليا يكاد يخنقها، مزية أخرى اعتبرها جمال الدين الناجي مهمة تتمثل في التعدد اللساني والذي يمثل نقطة قوة بالنسبة لرجال الإعلام. وفيما يتعلق بتأهيل الإعلام، دعا إلى ضرورة مناقشة الموضوع في شموليته وليس في تفاصيله، وذلك بهدف بلوغ فعل إعلامي مُهَيْكل ومُهَيْكلٍ حتى لا يكون له وقع في صنادق الاقتراع وفي اتخاذ القرارات الجماعية الفردية، وفي فرض رقابته على المجتمع. وأوضح في سياق توضيحاته حول محصلة الحوار الوطني حول الإعلام أنه من المقرر أن يصدر كتاب أبيض في 300 صفحة وبخمس لغات سيشكل ثورة في التفكير.