كما هو معلوم فإن الإرادة الملكية في القضاء على السكن غير اللائق هي إرادة أكيدة حيث يعتبر الخطاب الملكي ل 20 غشت 2001 بمثابة المرجع الأساسي للاستراتيجية الجديدة للقضاء على السكن الصفيحي في إطار البرناج الوطني «مدن بدون صفيح»، وكان جلالته دقيقا في اعتبار السكن الملائم للمواطن بمثابة أحد ركائز ضمان الاستقرار. لكن وفي خطاب العرش لسنة 2003 أبدى جلالته ملاحظة دقيقة «أنه وبعد سنتين بدل أن أعاين خلال زياراتي التفقدية لأقاليم المملكة القضاء التدريجي على السكن الصفيحي، ألاحظ بمرارة انتشاره في عدة مدن، بل ان أحياء صفيحية قد ظهرت وتضخمت لتصبح مدنا عشوائية قائمة الذات». وكما هو معلوم أيضا فإن موضوع الاهتمام الملكي لم يقتصر على الخطب والكلمات بل وكما قال وزير الإسكان والتعمير والتنمية المجالية عمل جلالة الملك على إعطاء تعليماته للحكومة وتتبع برامجها عن قرب. وقد كشفت حصيلة تنفيذ البرنامج الوطني مدن بدون صفيح الى غاية نهاية 2010 أن الدار البيضاء هي من ضمن المدن التي لم تعلن عن انخراطها في «المدن المعلنة بدون صفيح» في أفق سنة 2012 رغم أن عدد الأسر غير المبرمجة في الاستفادة من الوحدات المنجزة أوفي طور الانجاز يصل الى 23 ألف و568 أسرة حسب إحصاء سابق. فلماذا ياترى لم تنخرط الدار البيضاء في برنامج مدن بدون صفيح؟ هذا هو التساؤل العريض الذي يطرح نفسه والذي سيظل مطروحا باستمرار رغم وجود إرادة ملكية كبيرة ومجهودات حكومية أكيدة. فقد كشفت حصيلة وزارة الإسكان حول تنفيذ البرنامج أنه في سنة 2005 تم إحداث شركة «إدماج سكن» وهي شركة مساهمة ذات مجلس إداري ويبلغ رأسمالها 20 مليون درهم، ويضم مجلسها الإداري الذي يترأسه السيد والي جهة الدارالبيضاء الكبرى ممثلين عن وزارة الاسكان والتعمير والتنمية المجالية، شركة التهيئة العمران، صندوق الإيداع والتدبير، البنك المركزي الشعبي، القرض العقاري والسياحي، مجلس جهة الدار البيضاء الكبرى، مجلس عمالة مدينة الدارالبيضاء، عمالة الدار البيضاء، مجلس المدينة، الوكالة الحضرية للدار البيضاء، شركة ليديك. وتتمثل مهام «إدماج سكن» في إنجاز برامج محاربة السكن غير اللائق بجهة الدارالبيضاء الكبرى كما تتدخل في المراحل الأولية للمشاريع عبر أبحاث اجتماعية تمكن من تحديد طرق التدخل الواجب اتخاذها فيما تقوم بتفويض إنجاز الأشغال كليا أو جزئيا لمتدخلين عموميين أو خواص. ومن أجل إنجاح البرنامج الوطني «مدن بدون صفيح» ساهمت وزارة الاسكان والتعمير والتنمية المجالية في وضع لجنة جهوية لتسيير وتتبع برنامج محاربة دور الصفيح من خلال تعبئة المنعشين العقاريين العموميين مثل ديار المنصور وشركة العمران وشركة إدماج سكن وإشراك القطاع الخاص في القضاء على السكن غير اللائق، وتعبئة العقار العمومي بالجهة، تمكين الساكنة من الاستفادة من ضمانة صندوق «فوكاريم» وتبسيط مساطر دراسة وترخيص مشاريع محاربة السكن الصفيحي، وإحداث لجان تحت إشراف السادة العمال لمراقبة انتشار السكن غير اللائق وتتبع بعض العمليات الخاصة وكذا مراقبة وتسريع وتيرة الهدم كما أن وزارة الاسكان ساهمت في إحداث الشباك الوحيد لتسهيل عملية منح قروض فوكاريم. وحسب الحصيلة المعلن عنها من طرف الوزارة، فإن هذه الاخيرة ساهمت في تقدم أشغال البرامج على مستوى كل من عمالة الدارالبيضاء وإقليمي مديونة والنواصر والمحمدية. وبني يخلف وعين حرودة والشلالات، حيث وصل العدد الإجمالي للأسر المعنية بعد التحيين إلى 98.319 أسرة ووصل عدد الأسر المعنية بالوحدات السكنية المنجزة إلى 43906 أي بنسبة 44,65 في المائة. ويذكر أنه في إطار البرنامج الحكومي «مدن بدون صفيح» والرامي إلى إنتاج 100 ألف وحدة سكنية سنويا تم اتخاذ مجموعة من التدابير منها على الخصوص تعبئة الأرصدة العقارية التابعة للدولة لفائدة السكن الاجتماعي من الأملاك المخزنية وغيرها. لكن وللأسف الشديد حصلت عدة أمر لا مجال لذكرها الآن كما حصلت بعض التلاعبات في الأراضي المخصصة لمحاربة السكن غير اللائق من ضمنها ما سبق أن تمت إثارته في بعض دورات مجلس مدينة الدار البيضاء ونشرته بعض وسائل الإعلام وتورط منتخبين تحت صمت الإدارة وكان حريا بالمسؤولين المحليين بمدينة الدار البيضاء أو أنهم كانوا يحترمون مجهودات الدولة في محاربة السكن غير اللائق أن يفتحوا تحقيقا قضائيا في مجمل التلاعبات التي عرقلت انخراط مدينة الدار البيضاء في برنامج مدن بدون صفيح.