خبراء يكشفون دلالات زيارة الرئيس الصيني للمغرب ويؤكدون اقتراب بكين من الاعتراف بمغربية الصحراء    تخليد الذكرى ال 60 لتشييد المسجد الكبير بدكار السنغالية    قلق متزايد بشأن مصير بوعلام صنصال    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    موتسيبي: "فخور للغاية" بدور المغرب في تطور كرة القدم بإفريقيا    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    عندما تتطاول الظلال على الأهرام: عبث تنظيم الصحافة الرياضية        طقس السبت.. بارد في المرتفعات وهبات ريال قوية بالجنوب وسوس    كيوسك السبت | تقرير يكشف تعرض 4535 امرأة للعنف خلال سنة واحدة فقط    وسيط المملكة يستضيف لأول مرة اجتماعات مجلس إدارة المعهد الدولي للأمبودسمان    الموت يفجع الفنانة المصرية مي عزالدين    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    غارات إسرائيلية تخلف 19 قتيلا في غزة    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    موتسيبي يتوقع نجاح "كان السيدات"    الصويرة تستضيف اليوم الوطني السادس لفائدة النزيلات    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    ضمنهم موظفين.. اعتقال 22 شخصاً متورطين في شبكة تزوير وثائق تعشير سيارات مسروقة    الرئيس الصيني يضع المغرب على قائمة الشركاء الاستراتيجيين    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط        صادرات الصناعة التقليدية تتجاوز 922 مليون درهم وأمريكا تزيح أوروبا من الصدارة    خبراء: التعاون الأمني المغربي الإسباني يصد التهديد الإرهابي بضفتي المتوسط    الإكوادور تغلق "ممثلية البوليساريو".. وتطالب الانفصاليين بمغادرة البلاد    المغرب التطواني يُخصص منحة مالية للاعبيه للفوز على اتحاد طنجة    حكيمي لن يغادر حديقة الأمراء    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها    مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"        مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    مشروع قانون جديد لحماية التراث في المغرب: تعزيز التشريعات وصون الهوية الثقافية    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا يرفض الأولاد زواج أمهاتهم بعد الطلاق أو بعد موت الأب
هل هو رفض منطقي أم هي عقدة من عقد المجتمعات العربية
نشر في العلم يوم 14 - 01 - 2011

يبقى الرفض هو الجواب الرئيسي في كثير من الحالات التي تستشير فيها الأم أولادها كبارا كانوا أو صغارا حول رغبتها في الزواج ثانية،وذلك لما تمثله الأم في ذهنية أولادها من مثال للتضحية والطهارة والإيثار،ودخول رجل أجنبي إلى حياتها كبديل لوالدهم سواء كان قد مات أو طلقها هو أمر غير وارد أو مقبول بالنسبة لهم، بل منهم من يتعرض لصدمة نفسية عنيفة ..تصل حد تهديد الأم بالانتحار أو قتل الزوج الجديد..
في هذا الموضوع الذي ننشره بتصرف عن موقع الكتروني عربي خاص بشؤون الأسرة وفيه تصريحات متخصصين في علم الاجتماع والطب النفسي إضافة إلى الشهادات التي تلتقي مع مجموعة من الحالات التي عاشت مثل هذه التجربة في واقعنا المغربي، حيث نشا عن زواج الأم تفكك الأسرة أو تعرض احد الأولاد لمعاملة سيئة من قبل زوج الأم ..وأحيانا أخرى يكون هذا الزواج في مصلحة الكل وبخاصة الأم التي تجد الاستقرار النفسي والمعاملة الطيبة، تعوضها عن تجربة بئيسة عاشتها مع الزوج السابق....
فثمّة كثير من الأبناء يرفضون فكرة زواج الأُم بعد غياب شريكها، سواء أكان ذلك بالطلاق أم الموت، على الرغم مما في هذا الموقف من إجحاف إنساني وشرعي في حق الأُمّهات، اللواتي قد يرغبن في بناء حياة جديدة.
مما لاشكّ فيه أنّ الأرملة أو المطلقة، هي امرأة وحيدة. هذا يعني، أن من حقها أن تشعر بالحاجة إلى الخروج من هذه الوحدة، وبالرغبة في متابعة حياتها بشكل طبيعي، من خلال خوض تجربة جديدة مع رجل آخر، يبدل همها إلى ارتياح، ويقلب وحدتها إلى أنس، رجل يتحمل معها عبء الحياة، ويعوض أبناءها بعضاً من غياب الأب.
قد تكون هذه الخطوة طبيعية بالنسبة إلى أي أُم أرملة أو مطلقة. نعم، فهي لا تخالف بها شرعاً ولا قانوناً ومن صميم حقوقها الإنسانية. لكن الواقع يقول إنّ الأبناء والمجتمع، يقفان في كثير من الأحيان ضد هذا الزواج، فما الأسباب؟
- أنانية أُم:
بلهجة يائسة مليئة بالأسى، تروي أماني،25 عاماً غير متزوجة قصة زواج أُمّها، لافتة إلى أنّها فعلت المستحيل لمنعها من أن تتم تلك الزيجة «لكن دون جدوى». وتقول: «سنوات قليلة كانت قد مضت على رحيل والدي، عندما نادتني أُمّي (57 عاماً)، أنا وأخي الذي يدرس في الجامعة ذات مساء، لتخبرنا أن زميلاً لها في العمل قد تقدم لخطبتها، وأنّها قد وافقت». تضيف: «شعرت في ذلك اليوم بالصدمة الشديدة والجرح العميق، وأحسست بأن مصيبة قد حلت بنا». وتشير أماني إلى أنّها، وفي اللحظة ذاتها، احتجت هي وأخوها على هذه الفكرة، وأخبرا أُمهما أنهما ضد هذه الخطوة. تتابع: «لكن، بين رفضنا، وإصرار والدتي على الدفاع عن حقوقها، ساءت علاقتنا بها كثيراً، لكنها مضت في استكمال ما عزمت عليه، وسريعاً اكتملت مراسم زواجها برجل آخر، حل بديلاً عن أبي وتحول البيت إلى قطعة من جهتم لا تطاق». تؤكد أماني أنها فشلت وأخوها في التعامل مع «الرجل الغريب». تستطرد: «لقد هرب أخي، واختار الإقامة مع جدي، أما أنا، فبقيت أقاوم هذا الشبح الدخيل، الذي حل في بيتنا رغماً عن إرادتنا، أو رغبتنا، أو موافقتنا»، لافتة إلى أن «زوج أُمّي شعر بإحساسي السلبي تجاهه، وناصبني العداء». وتلفت أماني إلى أنّ هناك «ما هو أسوأ من العلاقة المتوترة» بينها وبين زوج والدتها، وهو ما يتعلق بشعورها بخيانة أُمّها ذكرى أبيها. وتختم أماني حديثها بحيرة، وتقول: «في كل يوم وكل لحظة أتعذب، وأتذكر أنانية أُمّي، وعدم وفائها، والنتيجة أنني أصبحت في خصام معها، ولا أدري كيف ستؤول علاقتي بها».
- خطوة مباركة:
في المقابل، وبخلاف العلاقة المتوترة بين الأُم والأبناء، نتيجة قرارها الارتباط والزواج، ثمّة تجربة مرّت بسلاسة ورضا تامّين. أحد أبطال هذه التجربة، هو أمين. ن (موظف متزوج، وأب) الذي يتحدّث عن تقبله هو وإخوته زواج أُمّهم بسعة صدر ومرونة. يقول: «بعد طلاق أبي من أُمّي وزواجه بأخرى أخذته بعيداً عنا، أفنت أُمّي حياتها من أجلنا، وهي كانت في سن تسمح لها بالزواج، لكنها عاشت أكثر من عشرين عاماً تناضل من أجلنا، فتزوجنا جميعاً وتركناها وحيدة في البيت». ويتحدّث أمين عن قلقه هو وإخوته قبل زواج والدتهم، حيث يشير قائلاً: «كلٌّ منّا كان يعيش حياته في ظل أسرته وأولاده، وكانت أُمّي تعيش وحيدة من دون أنيس». يضيف: «في الحقيقة، كنّا نتمنّى أن تعيش مع أحدنا، لكنها تصر على البقاء بعيدة، خوفاً من أن تكون ضيفة ثقيلة على أحد منّا كما كانت تقول».
«ما بدد الشعور بعدم الراحة لديّ ولدى إخوتي»، حسب قول أمين، هو أنّ «هذا الوضع لم يستمر طويلاً، إذ إن أرملاً من أقربائنا تقدم طالباً الزواج بأُمّي التي استشارتنا في الأمر، ثمّ أعلنت موافقتها، وقد وافقنا جميعاً على هذا الزواج». يتابع: «على الرغم من تندر الكثير من حولنا بزواج أُمّي، إلا أننا نريد سعادتها، وهي أهم لدينا من كلام الناس».
- تأقُلم:
من ناحيته، يتحدث (غ ص 17 عاماً) عن تجربته في التأقلم مع زواج والدته بعد أن انفصل أبوه عنها وهاجر خارج الوطن و يؤكد أنّه لم يتقبّل في البداية زواج والدته مرّة أخرى «خاصة أن والدتي كانت ترفض الأمر بسبب عدم موافقتي، وهي قد فشلت في إقناعي أكثر من مرّة»، ويقول: «لقد كان أمراً قاسياً بالنسبة إليَّ أن أرى أُمّي بصحبة رجل آخر غير أبي». يعترف بأنّه تعرض لضغوط كبيرة دفعته إلى الموافقة، وذلك بعد تدخُّل أطراف عدة من الأقارب، من الذين يرون أن أُمّه لا تزال صغيرة، وأن عليها أن تواصل حياتها. من حسن حظه، أنّ الأمور بعد ذلك قد آلت مآلاً سعيداً، حيث يعترف بأنّه وجد في زوج والدته «رجلاً طيباً»، بذل جهداً جباراً لإرضائه، وهذا ما لطف الأجواء بينهما، وعوضه مكان الوالد الذي فقده.
- من حقها:
بالروح المتفهمة ذاتها، يقول أحمد الشغري (موظف متزوج/ 40 عاماً) إن «من حق الأُم المطلقة أو الأرملة، أن تتزوج مرّة أخرى»، لافتاً إلى أن «معظم الصحابيات كن ذات زيجات متكررة». ويقول: «إذا وجدت نفسي في هذا الموقف، لن أخجل من زواج أُمّي، لأني أتمنى لها السعادة وهي أقرب إنسان إلى قلبي». ويعتبر الشغري أن «رفض بعض الأبناء فكرة زواج أُمّهاتهم بعد الانفصال عن الوالد أو موته، فيه أنانية كبيرة ونظرة ظالمة لا تستحقها الأُم». ويواصل الشغري دفاعه عن حق الأُم في الزواج، قائلاً إنّه «لا يوجد سبب شرعي أو إنساني واحد يمنع المرأة من أن تتزوج مرّة أخرى بعد غياب شريكها بالطلاق أو الموت». يضيف: «كل ما في الأمر هو نظرة إنسانية بالية، تدفن الأُم في قبر الظلم، لمجرّد أنها تعبت وتحتاج إلى الاهتمام النفسي والعاطفي».
متفقاً مع رأي الشغري، يبين عبدالله إبراهيم (موظف) أنّ «المجتمعات الشرقية، تتّبع سياسة العيب، ولا تتبع سياسة الحلال، بخصوص هذا الموضوع». وإذ يؤكد أنّه يعتبر أن «ما يحصل في هذا السياق خاطئ تماماً»، يقول: إن «من حق الأُم أن تتزوج مرّة أخرى إذا شعرت بحاجتها إلى ذلك»، متسائلاً: «إذا رغبتْ في ذلك، فلماذا نتركها للوحدة والفراغ؟». ويجد عبدالله أن «من المعيب أن يتعامل الأبناء مع أُمّهم وكأنّها قاصر، ويضعوها تحت وصياتهم، ويتحكموا فيها. بيد أنّه يشترط أن يكون اختيار الأُم زوجها الثاني صحيحاً، وأن تحسن اختياره، بحيث يتقي الله فيها وفي أولادها».
- حُسن الاختيار:
ويشدد عثمان (موظف على نقطة اختيار الأرملة أو المطلقة، شريكها الجديد، باعتبارها من الأسباب التي تدعو أبناءها إلى الرفض، إذا لم يجدوا خيار أُمّهم مناسباً. ويقول: «يتحتم ألا يكون اختيار الأُم عشوائياً، بل يجب أن يقع الاختيار على من يستحق أن تكمل معه بقية حياتها ويكون محافظاً عليها وعلى أبنائها».
وعلى الرغم من صغر سنها وحداثة تجربتها في الحياة، إلا أن يارا (طالبة)، تنظر إلى هذه القضية نظرة وسطية واعية، قائلة: إن «زواج الأُم بعد وفاة زوجها أو طلاقها، له إيجابياته وسلبياته». وتشير إلى أن «من إيجابيات هذا الزواج، أنّه قد يحقق للأُم السعادة، ويخفف عنها متاعب الحياة، وهذا ما يجعلها تعكس ذلك الشعور على أبنائها. أمّا سلبياته، فتتجلى في غيرة الأولاد تجاه الرجل الذي حل مكان أبيهم، والخوف من أن تهملهم الأُم بعد تكوين حياتها الجديدة». وتعود لتقول: «لن يستطيع أحد أن يرفض هذا الزواج أو يوافق عليه، إلا إذا اختبر التجربة شخصياً، فلكل إنسان ظروفه وتركيبته النفسية التي تجعله يحكم».
- رفض:
وعلى الرغم من إقرارها بحق الأُم في الزواج مرّة أخرى، إلا أن الهام، ترفض رفضاً قاطعاً الموافقة على زواج والدتها مرّة أخرى إذا عاشت هذا الموقف. وتلفت إلهام إلى أنّ الصورة الاجتماعية للأُم التي تتزوج بعد أن يكبر أبناؤها، «ليست بالصورة الجميلة اجتماعيا». وتقول: «لا يمكن أن أوافق على أن تكون أُمّي التي أحبها في هذا الموقف». وإذ تبدو وكأنّها تغلق برأيها المتشدد باب الزواج أمام الأُم الأرملة أو المطلقة، تسأل قائلة: «لماذا لا تستبدل هذه المرأة، بعاطفة الأمومة، كل المشاعر المفقودة بعد وفاة الزوج؟». لكن، يبدو أن هذا الشكل السامي للعلاقة التي تتحدث عنها إلهام، «قد لا يعوض الأرملة أو المطلقة تماماً عن النقص الحاصل في حياتها، على الرغم من اعتقادي أنّه كافٍ لمساعدتها على تجاوز أزمة الاحتياج».
و في موقف مماثل عماده الرفض، يسأل نجيب الفقيه (مهندس متزوج/ 32 عاماً): «كيف أتخيل أنّ هناك رجلاً غريباً، جاء ليعوض أُمّي شبابها؟». ويقول: «ألا يشكل أبناؤها وأحفادها أفضل تعويض لها؟». وبينما يضيف أسباباً وحججاً أخرى لرفض هذا الزواج، يقول: «من يضمن ألا تتعرض السيدة في هذه السن لمن يستغلها أو يتزوجها لغرض ما؟ خاصة أنّها توافق على الزواج تحت ضغط الاحتياج العاطفي الوهمي، الذي تستطيع أن تشبعه بحب الأبناء؟».
- مُحرج:
خوفاً من الإحراج وسخرية المجتمع، يرفض محمّد الأحمد (موظف/ 23 عاماً) فكرة زواج الأُم برجل آخر بعد ترملها أو طلاقها، قائلاً: إنّ «الموقف الاجتماعي للأبناء، خاصة الذكور يكون حرجاً جدّاً»، ومؤكداً أنّه لا يتمنّى أن يكون في هذا الموقف ذات يوم.
ويبدو أن حواء، هي نفسها أكثر من يقف ضد بنات جنسها في هذا التفكير. إذ تقول فريدة (ربة منزل) إن «على الأُم التي فقدت زوجها بالوفاة والطلاق ولديها أبناء، أن ترضى بما قسمه الله لها، وأن تهب حياتها لتربية أبنائها والاستمتاع بمراحلهم المختلفة، ففي كل مرحلة من هذه المراحل تعويض عن رغباتها الشخصية المفقودة».
- مثال ضائع:
كذلك، تقول رنا (موظفة متزوجة وأُم) إنّها «ضد زواج الأُم بعد وفاة زوجها أو طلاقها»، لافتة إلى أن «من تفعل ذلك، إنّما تضحي بأبنائها من أجل سعادتها الشخصية. فوجود رجل غريب غير الأب داخل البيت، لن يسعد الأبناء أبداً» بحسب ما تقول، وتشير إلى أن «غيرة الأبناء هنا، غيرة فطرية، حتى وإن كان فيها نوع من الأنانية، لكن مهما تكن حاجة الأُم إلى رجل يراعي احتياجاتها، فعليها أن تفكر في كيف أنّ هذا الأمر يمكن أن يؤذي أبناءها».
وخوفاً على مثال ونموذج الأُم المعروف بالتضحية والإيثار، تقول هند (ربة منزل، متزوجة): «لقد ارتبطتْ بالأُم قيم جميلة مثل: التضحية، والإيثار، ونكران الذات، خاصة إذا كانت المعادلة هي سعادة أبنائها». تضيف: «قد يكون زواج الأُم المطلقة أو الأرملة حقاً مشروعاً لها، ولكنّه يخدش الصورة الجميلة المعروفة عنها. لذا، فأنا أرفض تماماً أن تخدش أُمّي صورتها في نظري إذا تعرضت للموقف نفسه».
- تضحية:
تتحدث أستاذة علم الإجتماع ابتسام محمد عن وجود «موروث اجتماعي كبير يحصر دور الأرملة والمطلقة في التضحية». وتقول: «من هذا المنطلق، فإنّ الثقافة السائدة في المجتمع، ترفض زواج هاتين الفئتين من جديد بسبب وجود الأبناء، وتطالبها بالتضحية من أجلهم، من دون النظر إلى حاجاتها العاطفية والنفسية والجسدية». تضيف: «إذا فكرت المرأة في الزواج بعد وفاة زوجها، فلا يتردد المجتمع في اتهامها بنكران الجميل للزوج الأوّل، أو عدم مراعاتها مشاعر أبنائها، والسعي وراء مصالحها الشخصية على حساب مستقبلهم»، لافتة إلى أن «في ذلك ظلماً كبيراً لها». وتشير إلى أنّ «الإعلام قد أسهم كثيراً في وضع صورة ذهنية نمطية سلبية للأرملة أو المطلقة التي تتزوج من جديد، تصفها بالمرأة الأنانية المتصابية، التي تبحث عن رغباتها وتهمل أبناءها بعد الزواج بآخر. لا بل وتجسدها أحياناً في صورة المرأة التي تسمح لزوجها بمعاقبة أبنائها من الزوج المطلق أو المتوفّى، بشكل يفتقر إلى الرحمة، وهذا ما يفاقم الأمر إجتماعياً». وتشدد على أن «على الإعلام العمل على تغيير هذه الصورة والتي ستنعكس بدورها على المجتمع». وتعتبر أن «في تعميم رفض زواج الأرملة والمطلقة، نوعاً من انعدام الوعي، خاصة أنّ المرأة في هذه الحال، ليست مسؤولة بالضرورة عن الوضع الاجتماعي الذي آلت إليه، ومن حقهما الاختيار بين التضحية من أجل الأبناء، وبناء حياة جديدة قدر لا يتضرّر منها الأبناء، خاصة أن بعض الأبناء قد يرضون بهذا الأمر الواقع، ويتأقلمون مع ظروفه، وهذه كلها تقديرات شخصية، من الظلم الحكم عليها بنظرة واحدة عامة».
- رفض طبيعي:
أمّا من وجهة النظر النفسية، فيعيد الدكتور محفوظ صالح (المتخصص في علم النفس) ميل عدد كبير من الأبناء إلى رفض زواج أُمّهاتهم مجدداً، إلى «عوامل نفسية محضة، حيث إن الأبناء مهما تكن أعمارهم، يكونون قد تعودوا على الاستحواذ بشكل أساسي على اهتمام وعطف الأُم»، مؤكداً أنّ «هذه التجربة النفسية الجديدة، يصاحبها الخوف، والنفور اللاإرادي بين زوج الأُم والأبناء في كثير من الأحيان». ومن وجهة نظر الدكتور صالح أنّ «الأسباب التي تدعو كثيراً من الأبناء إلى رفض زواج أُمّهاتهم مرّة أخرى، قد تكون منطقية ومعلومة، ومنها: الخوف من أن يحل رجل آخر محل والدهم، واعتبارهم أن سلطة زوج الأُم عليهم غير شرعية، فضلاً عن أنّهم يغارون على أُمّهم خوفاً من أن تكون تحت هيمنة رجل غريب». يضيف: «لذا، فإن من المتوقع من الأبناء أن يرفضوا هذا القادم الجديد، وأن يعلنوا ثورتهم عليه، ويحرصوا على ألا تتم هذه الزيجة أبداً». ويلفت الدكتور صالح إلى أنّ «هناك إختلافاً في تقبل الأبناء زواج الأُم، وذلك حسب إختلاف أعمارهم. فكلما كان الإبن صغيراً في عمره وطفلاً، كانت لديه القدرة على التكيف أكثر من المراهق، والناضج». يتابع: «كما أنّ هناك عاملاً آخر مؤثراً في مسألة قبول أو رفض الأبناء زواج والدتهم. إذ إنّه، في حالة القرابة العائلية، قد يكون تقبل زوج الأُم أسهل مقارنة بالغرباء». ولفت الدكتور صالح إلى أن «من أبرز القضايا التي تؤثر في الأبناء، وتجعلهم في حالة سيِّئة، هي أن تتركهم أمهم وتذهب للعيش في بيت زوجها الجديد بعيداً عنهم، ما يجعلهم يفقدون الأُم والأب في آن واحد». وينصح الدكتور صالح الأُم، التي ترغب في الإرتباط مجدداً، عند إختيار شريك حياة جديدة لها بأنّ «تضع مصلحة أبنائها فوق كل إعتبار، وفي المقام الأوّل، كما لابدّ من أن تحرص على أن يمتلك هذا الشريك مشاعر حب حقيقية للأبناء، وأن يكون مستعداً للتعامل معهم بإحسان، وأن يسعى جميع الأطراف إلى ما يحقق مصلحة الأبناء».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.