سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأمين العام لمؤتمر الأحزاب العربية الأستاذ عبد العزيز السيد أحمد ل «العلم»: في جدول أعمال هذه الدورة موضوع بالغ الأهمية وهو مواجهة الفتن الداخلية وأعاصير التجزئة الخارجية
أكد الأمين العام لمؤتمر الأحزاب العربية الأستاذ عبد العزيز السيد أحمد أن الدورة 54 للأمانة العامة للأحزاب العربية التي تنطلق أشغالها اليوم بالرباط ليست الأولى التي تعقد في المغرب العربي، ولكنها الثانية، فقد عقدت في سنة 2008 الدورة الخامسة والأربعون، وذلك جريا على العادة في المؤتمر العام بأن يعقد أمانته العامة في العواصم العربية المختلفة، لتجسير العلاقة ما بين أقطار المغرب العربي والمشرق العربي ولكسر هذا الحاجز الذي فرضته ظروف، خارجة عن إرادة المواطن العربي في جناحي هذا الوطن. وقال في حوار أجرته معه «العلم» إن الإرهاب صناعة استعمارية بالدرجة الأولى وأمبريالية وهو إرهاب كيانات، تبدأ بالكيان الصهيوني الذي يمتد في جذوره العميقة إلى ما مورس من حرب إبادة في الولاياتالمتحدةالأمريكية نفسها، وتصاعدت كقضية أريد أن تكون عالمية لكي تكون بديلا عن انتهاء الحرب الباردة وانتهاء الخطر السوفياتي. تفاصيل أخرى في نص الحوار. بداية مرحبا بالسيد الأمين العام لمؤتمر الأحزاب العربية في جريدة «العلم» حللتم بالرباط لعقد الدورة 54 للأمانة العامة للأحزاب العربية يومي 8-9 من يناير الجاري. ما هي دلالة اختيار الرباط مكانا لهذه الدورة، وما هي النقط التي يتضمنها جدول أعمالها؟ أنا سعيد بلقاء جريدة «العلم» الصحيفة التي شكلت على امتداد عقود من الزمن منبرا وطنيا وعروبيا، أسهم بدور هام في مسيرة الثقافة والسياسة والفكر، ليس في المغرب فقط، ولكن في أقطار الوطن العربي وأتمنى لها التوفيق. بالنسبة لهذه الدورة فإنها ليست الدورة الأولى التي نعقدها في المغرب العربي، ولكنها الثانية، فقد عقدنا في سنة 2008 الدورة الخامسة والأربعين، وذلك جرينا على عادتنا في المؤتمر العام بأن نعقد الأمانة العامة في العواصم العربية المختلفة، ونحن دائما نسعى لتجسير العلاقة ما بين أقطار المغرب العربي والمشرق العربي لكسر هذا الحاجز الذي فرضته ظروف، بالتأكيد خارجة عن إرادة المواطن العربي في جناحي هذا الوطن. وهذه الدورة تستضيفها الأحزاب المغربية، والتي نسبة عالية منها أعضاء مؤسسين لمؤتمر الأحزاب العربية منذ 1990، وبالمناسبة فإن حزب الاستقلال من بين الأحزاب المؤسسة للمؤتمر، وبالمصادفة، فالأستاذ الكبير والجليل عبد الكريم غلاب كان رئيس وفد حزب الاستقلال في المؤتمر التأسيسي. والآن نضع على جدول أعمال هذه الدورة موضوعا بالغ الأهمية، كعنوان للمرحلة، وهو «مواجهة الفتن الداخلية وأعاصير التجزئة الخارجية» وتحت هذا العنوان سنتحدث عن أمور أخرى، ستدرج على جدول أعمال الأمانة العامة وهي تقييم منجزاتها ما بين الدورتين. اخترتم لهذه الدورة شعار «مواجهة الفتن الداخلية وأعاصير التجزئة الخارجية» هل لهذا الشعار مدلول في الوضع العربي؟ بالتأكيد، نحن لا نضع الشعارات لدورات مؤتمراتنا، ودورات أمانتنا العامة من باب الفلكلور السياسي، ولكننا نستقرئ طبيعة المرحلة التي ينعقد فيها المؤتمر وتنعقد فيها الدورة، فنضع العنوان الاستراتيجي الذي يحدد لنا المهمات التي نضطلع بها في المرحلة التالية. لكن بالنسبة لهذه الدورة وبالنسبة لهذا الشعار، في ظني، إنه يتجاوز حدود المرحلة الآنية، بمعنى أن هذه القضية يمكن إنجازها ما بين دورتين، ولكنها قضية أساسية تمثل طبيعة المرحلة المقبلة، بالنسبة للأمة وبالنسبة للحراك السياسي، سواء على مستوى المشروعات المضادة لنا، من قبل أعداء الأمة، أو على مستوى مواجهة الأمة، وفي المقدمة أحزابها لهذه المؤامرات. ونعتبر أننا نشهد الآن حراكا، لم يعد ناعما بأنه حراك خشينا وفظا في محاولة التأثير على الواقع السياسي في المنطقة بإثارة الفتن الداخلية، وما يستتبع ذلك، والهجمة الشرسة على الوطن العربي لتجزئته، وأمامنا في اليوم الأخير من أعمال الاجتماع مناقشة استفتاء السودان، الذي نخشى، ونكاد نجزم بأنه يحمل اسما ملطفا، ولكنه في حقيقة الأمر هو تقسيم بمعنى التقسيم وليس مجرد انفصال. عقدتم العديد من اللقاءات ومنها المؤتمر الخامس في 2009 بدمشق، ولاشك أنكم خرجتم منها بالعديد من القرارات المتعلقة بأوضاع وقضايا العالم العربي والإسلامي، سواء في العلاقة ما بين الدول المكونة له ، أوفي علاقة العالم العربي مع الدول الغربية. ما مميزات وفعالية هذه القرارات؟ المؤتمر رفع شعارا مركزيا في عام 1996 وكان هو «التضامن وعمل عربي شعبي مشترك»، وكانت هذه هي البداية، وسعينا في مؤتمراتنا الأربعة الأولى لحمل مهمات تتعلق بالقضايا المركزية، أو الأحداث المفصلية التي كانت تمربها الأمة، فكان عندنا مؤتمر الأقصى ومؤتمر لدعم انتفاضة الأقصى وكان عندنا كذلك مؤتمر نصرة سوريا ولبنان، حيث كانت الهجمات التي تحاصر المقاومة، لاسيما بعد انتصار يوليوز 2006، وما رافقه من حصار جائر على سوريا وما تمثله من عنوان للممانعة في المنطقة. وفي المؤتمر الخامس، وقد شب المؤتمر وأصبح يتبوأ مكانته في ساحة العمل السياسي العربي، رأينا أن ننتقل إلى خطوة استراتيجية أعمق، وهي البحث في أسس وجذر المشكلات التي تعاني منها أمتنا، ولذلك طرحنا شعار «القرار العربي المستقل»، وقصدنا به أن كل ما تعانيه أقطار وطننا العربي من محيطه إلى خليجه، إنما هو عائد للتجزئة التي خلقتها القوى الاستعمارية بتوقيع اتفاقية «سايكس بيكو»، التي مهدت لوعد بلفور، الذي عمل من خلال الانتداب البريطاني. وما يسمى بالمجتمع الدولي الآن هو نفسه المجتمع الدولي الذي أعطى للصهاينة، ولا أقول لليهود، 54 بالمائة من فلسطين، ولم يقف الأمر عند ذلك، بل إنه وصل على امتداد التطورات اللاحقة باحتلال فلسطين بكاملها، والأهم أنه جزَّأ الأقطار العربية وزرع فيها بذور التفرقة على القاعدة الاستعمارية الشهيرة «فرق تسود». وفي ظننا، كانت كل نضالاتنا، نحن والجيلين السابقين الآباء والأجداد، هي ردود فعل، وفي رأينا أنه آن الأوان لكي نتناول، حتى وإن بعد أكثر من تسعة عقود على»سايكس بيكو، وأن نعود إلى جذر المشكلة لنواجه موضوع التجزئة، لأنه إذا أردنا أن نوجز ما الذي قامت به «سايكس بيكو»، نجد أنها أكدت القطرية، وجذرت هذه القطرية باسم الدولة الوطنية. وفي حقيقة الأمر كما قال المفكر العربي الكبير صاطع الحسري، «لقد جاء الاستعمار فوضع الحدود وجاء الاستقلال فوضع الجنود تحمي الحدود»، ولذلك لابد من أن نعود بالأمر إلى أصوله. طبعا بعد 94 سنة نحن مع القرار الوطني، لكن إذا كانت بوصلته في اتجاه قرار الأمة المستقل، وهذا ما رفعناه في ذلك المؤتمر، وهو مهمة نجاهد من أجلها، ونحن نعلم بأن ما أفسدته تسعة عقود لا يمكن إصلاحه في تسعة شهور أو تسعة أعوام، لكن هو محاولة لإعادة البوصلة إلى اتجاهها السوي وهذا ما بدأنا به، وكانت لدينا قرارات كثيرة تصب في هذا المجال، بدأناها ونحن مستمرون. وأظن أن الفترة التي مضت على هذا المؤتمر أثبتت أننا كنا على صواب أمام ما نراه الآن من عاتية الأعاصير التي تهب علينا. وإذا كانت «سايكس بيكو» غرست خنجرها المسموم في قلب المشرق العربي وتداعيات هذا القرار امتدت إلى أنحاء الوطن العربي، فإننا نعتقد بأن المرحلة التي نعيشها اليوم نشاهد فيها أن المشروع الاستعماري والامبريالي يريد أن ينقص الوطن العربي من أطرافه. توجد القضية الفلسطينية في صدارة القضايا العربية التي يستأثر بها الرأي العام العربي والدولي كذلك، ما هي وضعية هذه القضية بالنسبة لمؤتمر الأحزاب العربية؟ ننظر إلى القضية الفلسطينية لا كقضية فلسطينية عربية، ولكن كقضية عربية فلسطينية. يعني أنه لم يجر اختيار فلسطين لذاتها فقط، ولكن جرى اختيارها لأنها كفيلة بتمزيق الوطن العربي. فهي كما تعلم تتوسط الموقع الاستراتيجي العربي برمته. ونتعاطى معها من هذا المنطلق أولا. وثانيا نعد القضية الفلسطينية مسؤولية عربية في المقام الأول، ولذلك رفضنا القرار القطري المستقل، لأنه حينما يقول مثلا إن القرار الوطني الفلسطيني المستقل أو فلسطين أولا أو المغرب أولا أو لبنان أولا أو الأردن أولا أو مصر أولا، هذا يعني تخلي ونكوص عن الانتماء الكبير للأمة. ولهذا فكل ما يمكن أن يجمع شتات المواقف العربية في اتجاه وحدتها على الأقل قاعدة المصالح في هذه المنطقة أو في هذه الآونة فنحن نسعى إليه، ونباركه ونبذل جهدنا في سبيله. هل بنفس التعاطي يتم مع قضية العراق؟ في الثلاثينيات من القرن الماضي، كانت هنالك ثورة سميت الثورة الفلسطينية الكبرى في فلسطين بين 1936 إلى 1939، وكنتيجة لهذه الثورة لجأ عدد لا بأس به من القيادات الفلسطينية إلي العراق، أذكر ويذكر التاريخ أن أحد هؤلاء القادة اسمه رشيد الحاج إبراهيم قال «إذا قدر للعراق أن يقوى ويحقق الاستقلال الناجز عن الاستعمار البريطاني، فإن طريق العراق ستكون إلى تحرير فلسطين»، وأنا أعتقد أن هذه المقولة مازالت صالحة، وأن قوة العراق هي قوة أساس في سبيل تحرير فلسطين، ولهذا استهدف العراق كبلد كان يمتلك قوة صاعدة ومتنامية ولديه إمكانات بالقوة الكبرى، ولهذا فنحن مع العراق لاستعادة استقلاله وتحريره من كافة الأخطار، وخلاصه من نير الاحتلال الأمريكي، ونعتبر أن العراق مازال محتلا بالرغم من كل ما يشاع عنه. كيف ترون قضية السودان والاستفتاء بخصوص استقلال الجنوب عن الشمال؟ أيضا السودان، هذا البلد الكبير يتعرض الآن إلى مشروع في ظني أنه يشبه تقسيم فلسطيني ولكنه بشكل أخطر، ففي فلسطين كانت هناك مصلحتان أو عنوانان، العنوان الأول هو الوضع الاستراتيجي والنفط والمصالح الصهيونية، ولأن هذا القرن الذي نعيش فيه ليس «قرن النفط» كما كان في القرن الفائت، بل أضيف إليه «قرن الماء»، والماء بالنسبة للأقطار العربية مسألة مهمة، وإذا كان القرن الماضي قد أخرج مصر من «كامب ديفيد» من الصراع العربي الصهيوني، فإن هذا ليس كافيا، المطلوب الآن المزيد من التفتيت. والتفتيت يستهدف دائما الدولة الأكبر التي هي مصر، وهذه الدولة منذ أيام هيرودوت هي هيبة النيل وهي مستهدفة الآن. ويوجد الآن الماء إضافة إلى الثروات، والتجزئة لا تستهدف الشمال عن الجنوب أو العكس، في ظني أنها تستهدف الوطن العربي والإجهاز على مصر في الدرجة الأولى ثم الجزء الإفريقي المجاور، بالإضافة إلى المصالح والصراعات الأمريكية والصينية. ونحن نعض على أيادينا وأيادي سوانا ندما، لأنه في ظننا، كان بالإمكان أن يقدروا بشكل أفضل بأن تكلفة الانفصال ليست أهون ولا أقل من التابعات في المستقبل من تكلفة الحرص على وحدة السودان. هناك قضايا أخرى تؤرق ليس العالم العربي فحسب بل العالم بأسرة كالإرهاب مثلا، كيف يتناول مؤتمر الأحزاب العربية هذه القضية؟ المؤتمر في كل الدورات يتعامل مع قضية الإرهاب على قاعدة التفرقة ما بين المقاومة التي هي مستهدفة باسم الإرهاب، فيما الإرهاب هو صناعة استعمارية بالدرجة الأولى وأمبريالية وهو إرهاب كيانات، تبدأ بالكيان الصهيوني الذي يمتد في جذوره العميقة إلى ما مورس من حرب إبادة في الولاياتالمتحدةالأمريكية نفسها، وتصاعدت طبعا كقضية أريد أن تكون عالمية لكي تكون بديلا عن انتهاء الحرب الباردة وانتهاء الخطر السوفياتي. نحن للأسف الشديد دائما مستهدفون في منطقتنا لأنها منطقة فيها البعد الحضاري والبعد الاقتصادي وفيها البعد الاستراتيجي الذي لا يتغير بتغيير الأزمان ولا الجهات المسيطرة والتي تريد أن تكون إمبراطوريات. ومواجهة الإرهاب هي التأكيد على المقاومة ونصرة المقاومة وتعزيز الممانعة في المنطقة، وهذا نهجنا وخطنا، ليس فقط في مؤتمرنا، ولكن في المؤتمرات الشقيقة الأخرى كالمؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي الإسلامي. ما هي في نظركم أهم التوصيات التي يمكن لهذه الدورة الخروج بها، وما هي الآليات التي ستعتمدونها لمتابعة هذه التوصيات وجرأتها؟ لا أستطيع أن أفرض على إخواني في الأمانة العامة توصيات، لكن العنوان العريض لهذه الدورة هو موضوع الفتن الداخلية وأعاصير التجزئة الخارجية، ويندرج تحته في هذه المرحلة موضوع غزة وموضوع المقاومة والمحاولات الجارية في أكثر من قطر عربي للتفتيت، بدأ من السودان ومحاولة التشظي في اليمن وفي الصومال، الذي أصبح هيكلا عظميا بائسا، وما يجري في لبنان. فنحن نضع أيدينا على قلوبنا خشية منه، لكننا مع المقاومة بقينا، لأن هذه المقاومة أثبتت نجاعتها، وهي المستهدفة في المحصلة، زائد الفتنة التي بدأت تطل برأسها في مصر، هذه الفتنة التي لا ينبغي أن نقلل منها، وعلى الحصيف السياسي والمثقف والمفكر أن يقرأ ما يجري في السودان. وقبل أن يحدث الانفصال بدأت تتصاعد الفتنة في مصر لأن مصر بقوتها تقوى هذه الأمة، وبضعفها تنهار، وكما كان يقول جمال عبد الناصر «المشروع يستهدف الحوت الكبير وما عدى ذلك فهي أسماك صغيرة»، وهذا ما رأيناه، فبعد مصر كامبدي فيد تمزق وتشرذم هذا القطر بشكل أو بآخر إلا أن المقاومة أثبتت أنها هي الحل الناجع والمواجهة الحقيقية، وهنا لابد من الإشارة إلى مركز هذه الممانعة، سواء في سوريا أو في القوتين الجارتين إيران وتركيا، وهذا ما يجعلنا نؤشر إلى أننا نقول: نعم لشرق أوسط جديد، لكن شرق أوسط نابع منا نحن، من إرادة أصحاب هذه المنطقة، ولذلك ننظر بعين الريبة الكبرى لمحاولة الفتنة على قاعدة السنة والشيعة. فعلينا أن نأخذ الدرس الذي قدمته سوريا كتجربة في أنها تتعاطى مع الشيعة المناهضة للاستعمار، وإيران كانت هي العضد الأساس في عهد الشاه للكيان الصهيوني والسنة التركية التي كانت في عهدها السابق العضد الأساس للكيان الصهيوني، إذن التعامل ليس مع السنة والشيعة ولكن مع مواقف العدوان على المنطقة برمتها.