قمنا بجولة إلى بعض قاعات الانترنيت المنتشرة بجل أحياء وشوارع مدن الجديدة وأزمور وسيدي بنور وتميزت بقدرة واسعة على جذب الأطفال والمراهقين حيث أضحت بالنسبة لهم قاعات لا يستطيعون عنها فراقا ، تستحوذ على جل أوقاتهم وتؤثر على تحصيلهم الدراسي، والملاحظ ان اغلبهم أطفالاً أكبرهم لايتجاوز الثالثة عشرة من العمر أو اقل، يدخلون بلهفة كبيرة إلى قاعات الانترنت التي أوجدت قاعات خاصة بالألعاب الالكترونية، تملا أصواتهم وضحكاتهم المكان، مرددين في أحاديثهم المشتعلة حماسا وشغفا كلمات من قبيل "قتلو"، "ضربو"، "فرشخ ليه راسو"، "فرقعو" "فرتكو" ، "هرسو" سيل من الألفاظ المؤلمة القاسية والكلمات الدالة على صور العنف، من قتل وحرب و موت تخلف ضررا جسديا ونفسيا عليهم جراء الإدمان على ألعاب الكمبيوتر التي تدفع الطفل الى تقليد أعمال العنف والضرب وهلما جرا، والملاحظ أن الأطفال والمراهقين يجلسون ساعات طوال يوميا أمام الكمبيوتر يلعبون نفس اللعبة وكأنهم يعيشون في داخلها، وبدأت تنهال على راسي الأسئلة، أسئلة كثيرة يطرحها وجود ألعاب من ذلك النوع في حياة أطفالنا، و مسؤولية الأهل، ومدى مراقبتهم أولادهم في قاعات الانترنيت على الخصوص، فالمشكلة الحقيقية ليست في تنبيه الأطفال الى مدى خطورة تعلقهم بالعاب الإنترنت، ولكن في جهل أولياء الأمور أنفسهم بهذا الخطر الداهم، وعدم مراقبتهم لما يشاهده أطفالهم من الألعاب وعدم الوعي بمخاطر ألعاب هدامة تروج لسلوكات عنيفة، وللأسف أن قاعات الانترنت أصبحت مخازن لكثير من الألعاب الخطرة دون أن يكون هناك رقابة على تلك القاعات و أصحابها يبحثون عن الربح ولا شئ غير الربح على حساب صحة الأطفال الصغار والمراهقين، وفي تصريح للدكتور مصطفى أدحو طبيب بمستشفى محمد الخامس قال "على الرغم من فوائد بعض الألعاب إلا أن سلبياتها أكثر من إيجابياتها لأنها تترك آثارا سلبية جداً على الأطفال والمراهقين فمن حيث الآثار الصحية تعرض الأطفال إلى إصابات الرقبة والظهر والأطراف بسبب استخدام أجهزة الألعاب الالكترونية لفترات طويلة مع الجلوس بطريقة غير صحيحة أمامها، كما أن العينين تتحركان سريعا أثناء ممارسة العاب الكمبيوتر مما يزيد من إجهادها، إضافة إلى أن مجالات الأشعة الكهرومغناطيسية والمنبعثة من شاشات الكمبيوتر تؤدي إلى حدوث الاحمرار بالعين والجفاف والحكة وكلها أعراض تعطي الإحساس بالصداع والشعور بالإجهاد البدني وأحيانا بالقلق والاكتئاب"، ويضيف الدكتور أدحو "أما آثارها السلوكية فإنها تعلم الأطفال والمراهقين أساليب وحيل ارتكاب الجريمة وتنمي في عقولهم مهارات العنف والعدوان"، وأشار أدحو إلى أن هذه الألعاب تجعل الطفل يتقمص الشخصية العدوانية ليلعبها ويمارسها، وقال أدحو "أن الكثير من هذه الألعاب تدعو إلى الرذيلة والترويج للأفكار الإباحية التي تفسد عقول الأطفال والمراهقين على حد سواء"، وشدد على أن الإدمان على هذه الألعاب الإلكترونية عند الأطفال والمراهقين يؤدي إلى ضعف التركيز والتحصيل الدراسي وإهمال الواجبات المدرسية وحتى الهروب من المدرسة، وختم أدحو رأيه في الموضوع فقال" يجب أن نحرص على كل ما من شأنه إدخال البهجة والسرور على قلوب أطفالنا و أن نختار لهم ألعابا تساعدهم على بناء عقولهم ومهاراتهم بعيدا عن أخطار الألعاب الالكترونية" .