من البديهي أن نتساءل لماذا يتعثر دائماً مشروع إصلاح نظام التقاعد في بلادنا، رغم التأكيد الرسمي على حساسيته وأهميته وارتباطه بمصير شريحة اجتماعية تتوسع باستمرار؟ ويبدو واضحاً أن أسباب تعثر مشروع إصلاح نظام التقاعد تعود في قسط كبير منها إلى تغييب وإقصاء المعنيين به أي المتقاعدين وذوي الحقوق من خلال ممثليهم وجمعياتهم الفاعلة وعدم إشراكهم في وضع أسس متينة وواقعية لهذا الإصلاح المرتقب. فالمؤسسات المشغّلة راكمت مشاكل كثيرة قد تجعل مشروع الاصلاح صعباً بمكان.. وهناك آلاف مؤلفة من المتقاعدين خرجوا إلى التقاعد بمعاش هزيل لأن المؤسسات التي كانوا يشتغلون بها لم تصرح بهم لدى صندوق الضمان الاجتماعي أو انهاصرحت بهم فقط بشهور قليلة قبل مغادرتهم.. إضافة إلى إسقاط نسبة 50% من هذا المعاش الهزيل بعد وفاة المستفيد. ولابد من التذكير بأن الحكومة الحالية ورثت عن سابقاتها بعض الفوارق المجحفة بحق المتقاعدين من خلال نظامي التقاعد بالقطاع العام المعمول بهما قبل 1990 وبعدها، كما أن هناك زهاء 187 ألف متقاعد من القطاع العام ذاته لايتعدى راتب معاشهم 1000 درهم شهرياً. ثم هناك مؤسسات ظلت تتولى منذ مدة منح رواتب المعاش لمتقاعديها مباشرة كالمكتب الشريف للفوسفاط الذي تحول إلى شركة مجهولة الإسم حيث يصل عدد المتقاعدين به إلى أزيد من 25000 شخص، وكذلك بالنسبة لمتقاعدي شركة التبغ والسكك الحديدية وغيرها من المؤسسات التي تخلصت من عبء متقاعديها بتكليف صندوق منح الرواتب التابع لصندوق الإيداع والتدبير بأداء معاشات متقاعديها. إزاء هذه المشاكل المتشابكة والمعقدة فإن نجاح أي إصلاح أو حوار لابد وأن يتم عبر اشراك ممثلي المتقاعدين وجمعياتهم.. فأهل مكة أدرى بشعابها. أحمد باكر