لا تزال الصحف البريطانية تتناول تداعيات نشر موقع ويكيليكس للوثائق السرية الأميركية بالنقد والتحليل، حيث أشار بعضها إلى أهمية وخطورة المعلومات المتسربة، وقالت أخرى إنه بات من الضروري لواشنطن إجراء تعديلات وظيفية في سفاراتها حول العالم. فقد قالت صحيفة «ذي إندبندنت» البريطانية إن الولاياتالمتحدة باتت مجبرة على إجراء تعديلات وظيفية في سفاراتها حول العالم، بسبب التداعيات التي تركتها عملية نشر ويكيليكس للوثائق السرية الأميركية. وأضافت أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تواجه حرجا كبيرا وأزمة في شؤونها الدبلوماسية مع العالم، في ظل التسريبات والوثائق السرية التي نشرها موقع ويكيليكس، وإنه حتى العمل الدبلوماسي العادي والطبيعي بات صعبا وخطيرا على موظفي السفارات الأميركية حول العالم. ونسبت «ذي إندبندنت» إلى دبلوماسي أميركي قوله إن الأمر يتطلب خمس سنوات على الأقل حتى تتمكن الولاياتالمتحدة من إعادة بناء الثقة مع العالم، وسط استمرار ويكيليكس في نشر الوثائق الأخيرة التي تقدر بربع مليون وثيقة استخبارية سرية أميركية. وتقوم كل من وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) ووزارة الخارجية الأميركية بتحديد أسماء الموظفين الأميركيين في المواقع الإستراتيجية الهامة حول العالم، الذين نشرت أسماؤهم عبر موقع ويكيليكس، كي يصار إلى نقلهم وإحلال آخرين محلهم. وتكمن المشكلة أمام الإدارة الأميركية في أن ويكيليكس نشر أسماء شخصيات أميركية صاحبة خبرات كبيرة، بحيث يصعب الاستغناء عنها. من جهة أخرى ، أشارت صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية إلى أن الولاياتالمتحدة حددت مواقع رئيسية حول العالم تخشى عليها من أن تستهدف بهجمات «إرهابية»، وأن بعض تلك المواقع في بريطانيا، ومن بينها مراكز اتصالات لا سلكية، وعدة كوابل اتصالات تحت الماء، ومصنع عسكري، ومركز لتصنيع اللقاحات الطبية. كما أشارت برقية سرية مؤرخة في فبراير 2009 إلى طلب وزارة الخارجية الأميركية من سفاراتها حول العالم تحديث لائحة 2008 للمصالح الحيوية للولايات المتحدة، وكانت البرقية مصنفة ب»سري». وأوضحت «ديلي تلغراف» أن نشر مثل هذه البرقية من شأنه تعريض أمن أميركا ومصالحها للخطر، مضيفة أنه يمكن اتهام ويكيليكس بأنه عبر نشر الوثائق الاستخبارية السرية الأميركية لا يأبه بما إذا كان ذلك سيساعد «الإرهابيين». ومن بين المواقع الأخرى التي كانت واشنطن تخشى أنها ستتعرض لهجمات «إرهابية» في الشرق الأوسط، خطوط الشحن البحري في جيبوتي ، وقناة السويس في مصر ، وميناء البصرة في العراق. كما أثارت التسريبات توترا مع بعض الدول العربية، حيث تشير برقية سرية إلى انتقاد وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون لكل من السعودية ودولة قطر والكويت والإمارات العربية المتحدة لعدم اتخاذها الخطوات اللازمة للحد من تمويل الحركات «الإرهابية»، وعدم التعاون بشكل جدي مع واشنطن، وخاصة دولة قطر.