... شغب، فوضى، ضرب، جرح ،إصابات، هراوات ، تكسير وتخريب ، نهب واعتداءات .... صورة قبيحة جدا ، مع الأسف باتت مألوفةً في ملاعبنا ، التي لم يعد بينها أي استثناءً ، رغم قيمنا وأخلاقياتنا، التي تقوم على أساس الفطرة التي تقول إن الرياضة فوز وهزيمة، وعناء ونتيجة، ولكن ثقافة "الهوليغانز" الجدد عندنا باتت هي السائدة في وملاعبنا... فلم تعد الرياضة هي تلك الوسيلة لتحقيق التقارب بين الأفراد سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي ، في ظل ما يحاول بعض المحسوبين على الجمهور التأسيس له بين ظهرانينا إلى حد أصبح بقعة سوداء تلوث نصاعة الثوب الكروي المغربي... فما عشناه في الدورة الرابعة بين أنصار الكوكب والوداد بمدينة مراكش من شغب لا يؤشر إلا إلى أننا أصبحنا غير نحن ، وأن أولادنا الذين يذهبون كل أسبوع للملاعب ، لم يعودوا كما كانوا بعد أن اختلط بهم نوع آخر من الجمهور بعيد كل البعد عن التشجيع الرياضي الصرف ، بل لا علاقة له بالرياضة عامة وبكرة القدم خاصة ، سوى أنه ينتظر كل أسبوع الفرصة لنتفيذ "هوايته " في بث الفزع في نفوس عباد الله ، وفي النهب والتخريب ، وفي التعدي على ملك الغير ... هم باختصار ليسوا جماهير كرة القدم بقدرما هم "مشروع " لقطاع طرق جدد يتربون ويترعرعون وسط جماهير الكرة الحقيقيين الذين فضل أغلبهم في ظل هذا الواقع المرير المفروض على ملاعبنا الهروب من الملاعب وتفضيل متابعة مباريات فرقهم عن بعد ، بل منهم من يفضل متابعة مباريات دوريات أجنبية على التلفزيون حيث كل شئ في ثوبه الحقيقي ، كرة وجمهورا أنيقا " بربطة العنق والسموكينغ " ، ونساء جميلات مرفوقات بأبنائهن وبناتهن ، ونظام وانتظام كما لو كانوا يحضرون زفة عريسين أو عرضا مسرحيا ... الكل يشجع بطرقه الخاصة ، في صور حضارية جميلة... فماذا ينقصنا نحن لأن لا نكون مثلهم ، أو لنقلدهم على الأقل فيما يقومون به ، فهل تنقصنا التربية ، وهل أباؤنا لم يعودوا قادرين على تعليمنا كيف نستمتع بمباراة في كرة القدم ، وكيف نحترم غيرنا وهو يشجع فريقه المفضل .... والى هذا وذاك هل الجمهور الذي يدخل إلى الملاعب " مقرقبا " ومخدرا ، بيده "الميكا والسيلسيون " ، " والطاسة والقرطاسة " هو جمهور كرتنا الوطنية الجديد ، التي نريدها أن ترتقى الى القمة؟ لا أولئك ليسوا جماهير كرة ، هم أناس مرضى بطاعون جديد اسمه "السيبة "، همهم الوحيد هو إفساد حال وأحوال المدن التي يحلون بها ، لأننا لا نظن أن هناك من يذهب إلى الملعب ويتمنى اللا عودة منه ، أو يتمنى العودة منه بعاهة مستديمة ، أو مصابا إصابات خطيرة ، فأية كرة هاته إذا كانت ستفقد متفرجها حياته كما حدث مع الأسف للبعض بيننا ... لقد حان الوقت لأن تقوم الجهات المسؤولة بما يلزم لكبح جماح هذا " الجمهور " الجديد الذي بدأ يغزو ملاعبنا ، وحان الوقت لأن تقوم جمعيات المحبين والأنصار بدورها الكبير في تأطير "الإلترات" حتى تتمكن من تأدية دورها في صور حضارية متقدمة ، مع إخراج قانون منع دخول المراهقين إلى الملاعب الى حيز التنفيذ ، الذي مع الأسف تتغاضى عنه الفرق كلما تعلق الأمر بالسماح بالدخول لكل من يؤدي ثمن التذكرة .. وإنه إذا تركنا الأمور على ماهي عليه ، فإننا سنرى العجب العجاب ... والأكيد أن القضاء على هذه الآفة أو الحد منها لا يتطلب عقد الندوات ، بقدرما يتطلب النزول الى الميدان للمكافحة ، وتأديب الخارجين عن القانون ...