إن المدن التاريخية تمثل إرثا حضاريا زاخرا ببعده التاريخي ونمطه الحياتي المميز ونسيجه العمراني المتماسك وقد جاءت أهمية المدن العتيقة من كونها نتاجا يحتوي على حقب متوالية من التاريخ البشري طبيعيا ومعنويا والمشاكل التي تواجه المدن الحديثة يمكن تعامل معها باعتبار المدن العتيقة سبيلا لتدليل تلك المصاعب وليس تعقيدا لها، إن إعادة تأهيل المدن التاريخية وإدماجها في محيطها الحضري بطرق فاعلة يوفر أحد المخارج الآمنة. لقد أدى تنامي الحس التراثي في الكثير من المدن المغربية وإدراك أهمية صيانة المخزون التاريخي فيها إلى رسم سياسات لصيانة وإحياء التراث وحماية الأحياء العتيقة وإدماجها في الحركة التنموية الشاملة تماشيا مع توصيات اتفاقية التراث العالمي الموقعة مع اليونسكو التي تؤكد ضرورة ألا يظهر التراث بمظهر العائق الوطني بل كعنصر فعال فيه.ويعد ترميم المعالم التاريخية وصيانتها واتقادها من الإتلاف وإحياء صناعات مهددة بالانقراض وتكوين رصيد وثائقي عملية مهمة جدا لدمج هذه المعالم في حركة التطور بالتوافق بين متطلبات الصيانة ومقتضيات العصر والسعي إلى توظيفها توظيفا ملائما لطابعها المميز وفي هذا الصدد تمتلك مدينة سلا تاريخا مهما وتراثا حضاريا يجب الحفاظ عليه باعتباره أحد المكونات الأساسية للهوية المغربية والمعبر المادي والمعنوي عن حضارة هذه الأمة وثقافتها كما يجب الاستفادة من هذا الموروث الحضاري والثقافي في دعم عملية التنمية الاقتصادية من خلال صيانته وإعادة تأهيله وتوظيفه ودمجه في حياة المدينة عمرانيا واجتماعيا وثقافيا. سلا تلك المدينة التي أعشقها عشقا لا يعلمه أحد إلا من عشقها مثلي أحبها فهي أمي التي تضمني في حضنها ولقد صدق قول الشاعر محمد بن سوار الأشبوني الأندلسي حين أنشد : أحب سلا من أجل كونك من سلا فكل سلاوي إلي حبيب في العين تجد الشواهد التي تدل على أصالة ساكنة سلا وعمق اتصالها بالتاريخ من خلال مجموعة الحصون والأبراج والقلاع والأبواب التاريخية التي تبرز للعيان عظمة هذه المدينة المجاهدة، الجمال والتاريخ في ونسة على ضفاف أبي رقراق ومجمل القول سلا مدينة التراث الحضاري والجمال المعماري والناس الطيبين، مدينة يفوح عبق التاريخ من جميع زواياها قلما تجد مدينة تجمع بين عبق التاريخ بأصالته وثقافته وجمال طبيعته وما كنت أحب في مدينتي ذلك الهدوء الأبدي الذي لايكدر صفوه شيء. مهارة يد الصانع السلوي وإن الصناعة التقليدية لهي أهم العناصر التي تتكون منها ثقافة المدينة وشخصيتها، كيف لا وإبداعات الصناع وما أنشأ وه لدى الحقب التاريخية تظل آخذة بالألباب يقوم شاهدا على ذلك ما أقاموه بالمساجد والزوايا والبيوت وما أورثوه إيانا بالمعالم التاريخية.كيف لا وحاضرة سلا تتوفر على رصيد هائل وغني من التراث الثقافي خصوصا فيما يتعلق بالثقافة الشعبية. حينما نقوم باستقراء الذاكرة لاستحضار صورة الهيكل القديم للمدينة وتكوين السماطات المختصة بالصناعة التقليدية نحس بالتغيير الذي أصاب الأحياء والبضاعات، فبعد أن كان كل سماط ينفرد بنوع خاص من الصناعة كالحرارين والخرازين والسلالين والقشاشين والحدادين الخ...ورغم كون الأسماء لا تزال قائمة لكنها لم تعد تدل على مسمياتها فقد أصبح يعسر التوجه بالنسبة للغرباء عن المدينة نتيجة التشعب والتباعد وطغيان الآلة واجتياح عصرنة الصناعة، مما أضر ببضاعة العرض وبمستوى عيش الصانع التقليدي. لولا الجهود المبذولة أخيرا للتعريف بما تمتاز به صناعة اليد السلوية من طابع خاص ذلك بإقامة مجمعات خاصة كالمجمع الصناعي بالولجة المعروف دوليا بصناعة الخزف ومراكز تعليم فن التطريز المنبثقة عن الوزارة المختصة وكذا الجمعيات المهنية والتعاونيات استعاصة لدور المعلمات التي كانت مختصة بتلقين فن التطريز للفتيات من مختلف الأعمار. ورغم ما تحققه الصناعة العصرية من سرعة في الإنجاز وانخفاض في التكلفة فإن صناعة التطريز اليدوي تبقى لها أهميتها لما تعمل عليه من الكشف عن المواهب وما تخلده من آيات في الروعة والإتقان خصوصا عند توشية وتوشيح وتذييل جهاز وألبسة العرائس، لولا أنها تتطلب تميزا في الملكات والحداقة واستعدادا لتقبل الانكباب الساعات المتوالية لإنجاز العمال والزخارف المعقدة بمنتهى الصبر وطول أناة. وفي ميدان صناعة الزرابي، فإن ليد المرأة السلوية طول باع حيث تمتاز الزرابي بإتقان كبير ويتم ذلك في دور متعددة حيث يلقن هذا الفن صاغرا عن كابر وتجد الفتيات تشجيعا من لدن التعاونيات على المثابرة للمهارة في الفن.فقد يكون موردا لضمان العيش فالفتاة تتلقى كما تتلقى فن الطبخ وربما استعانت الصانعة بالنماذج والرسوم، يأتي في الدرجة الثانية الحنبل من حيث الخفة وقلة التكلفة واختلاف الرسوم والألوان الفاتحة عن نقل النموذج البربري. ورغم الصابغ الخاص الذي تختص بالزربية السلوية فقد تأثرت بالأنواع المشرقية والأندلسية التي بدأت تتقاطر منذ القرن السابع عشر. صناعة الحصائر هي الأخرى تعاني من اجتياح الصناعات الآلية التي اكتسحت السوق بأثمان منخفضة لكن الحصائر المحلية بما تمتاز به من جمال وزخرفة وإتقان الصنعة تظل موضع التفضيل خصوصا لتفريش أرضية وحيطان المساجد ومختلف قباب القاعات والدور التقليدية. أما صناعة الجبس فهي ذات زخرفة تأخذ بالألباب خصوصا إذا امتزجت بفن الخط والتلوين وهي تقتضي تفوقا ومهارات متميزة من لدن المعلمين ويظهر أنها الأخرى اكتسحتها الصناعة الآلية. صناعة الفسيفساء( الزليج التقليدي) تبقى دوما المفخرة المتميزة للصناعة التقليدية لا تكاد تخلو أي مؤسسة دينية أو علمية أو قبة أو قاعة من الزخرفة بالزليج تحظى بالإعجاب.ناهيك بما يخلده العهد المريني في القرن الرابع عشر.و صناعة الزليج والزخرفة أصبح يكثر الإقبال عليها حتى في البنايات الحديثة لدى الطبقات الموسرة. ولكن إتقانها يقضي التمكن من معرفة قواعد العمل التي تلقن للأجيال والإلمام بتكوين المضلعات والأقواس والأوتار الهندسية. النحث والزخرفة على الخشب صناعة أسهمت فيها يد الصانع السلوي بنصيب وافر يشهد على ذلك ما يواجه الزائر للمنشآت القديمة سواء ما أثبت على الأبواب أو السقوف والدرابزين ينتقل فيها المتعلم من الصناعة البسيطة إلى النحث والزخرفة المعقدة المتأثرة بالفن الإسلامي والأندلسي مما يحتاج إلى المواهب والدقة في الصنع والصبر والمثابرة. النقش على الحجر أيضا من امتيازات الصانع السلوي يواجه الزائر عند استقباله بمدخل المدينة حتى إذا ولج المساجد والقباب والمساكن أخد بلبه منظر المشمشيات والمنجميات البالغة أقصى درجة في روعة الشكل وإتقان النحث. كما أن الحدادة تعرف ازدهارا في المدينة فهي مهما تكن بسيطة فإن لها دورها الذي لا يستهان به حيث تبقى أهميتها في الأبواب والشبابيك للصيانة من جهة ولتوفير الجانب الجمالي فيزاوجه مع زخرفة الخشب. وتعرف صناعة السلال رواجا متسع النطاق وإقبالا متزايدا من لدن الزائرين للمركز المقام بالولجة وذلك بفضل إبداعات الصناعات بصورة دائمة التجديد والتنويع جعلتها ملبية لاحتياجات الاستعمال ومستجيبة لمختلف الأذواق. إن قيمة تراث الأمة تتمثل في كونه عاملا أساسيا لإثبات رسوخ هويتها وتميز المكانة التي تتبوؤها بين الشعوب، غير أنه يواجه اليوم بتهديد مزدوج من جراء استفحال ظاهرة ثقافة العولمة من جهة ومن جهة أخرى مما يلاقيه من التعرض للضروب المأساوية من الإهمال والتلاشي. وإذ كان التراث الثقافي يظل المرجع الأساسي المتر سخ لدى تاريخ الشعوب، والمصدر الأهم لتأكيد هويتها فإن هذا التراث أصبح اليوم مهددا أمام العولمة الثقافية التي تهيأت لها ظروف التطورات التقنية والإعلامية في الوقت الذي لا يلقى فيه التراث غلا ضروبا من الإهمال والتبديد.ناهيك عما أصبحت تتعرض له بمدينة سلا بعض مظاهر الثقافية الشعبية والمهارات التقليدية التي أشرفت على التردي إن لم تكن قد آلت إلى الاضمحلال. بيد أنه ينبغي أنسنة العولمة كما بين ذلك جلالة الملك محمد السادس المنصور المؤيد بالله بما يلزم من رفع التحديات خصوصا فيما يتعلق بحماية التراث وتشجيع المبادرات الإبداعية والتشبث بأهداب الهوية الثقافية مع الإبقاء بطبيعة الحال على روح الحوار والتفتح على مختلف الثقافات الكونية والقيم الشمولية. واعتبارا لهذه المبادئ، انطلقت عمالة سلا ومنتخبوها مع مختلف المنظمات والجمعيات والمجتمع المدني متضافرة جهودها من أجل إنقاذ هذا التراث.وإن أملنا لراسخ في توفير الظروف الضرورية لتذليل الصعاب والتمكن من رد الاعتبار إلى تراثنا الثقافي ليستعيد تبؤ مكانته اللائقة به من الخلود ضمن مجموعة ضروب تراث الإنسانية إذ لا ينبغي أن يكون الحفاظ على التراث السلوي وقفا على ذويه ولكنه قبل كل شيء واجب يلقى على كاهل الجميع. .كما، يلزمنا ينبغي اعتبار أن إنقاذ مدينة سلا وحماية تراثها تظل محدودة في ترميم المعالم التاريخية والمنشآت العتيقة، لكنها يجب أن تشمل المدينة التاريخية والتراث الحضاري من تقاليد وعادات المجتمع، ومن ضمنها احتفال موكب الشموع الذي يعتبر تراثا للوطن بأكمله.لذا يلزمنا والحالة هذه أن نكون جديرين بهذا الميراث الحضاري، وكل اهتمام نوليه في هذا السبيل يظل علامة وفاء للسلف الصالح، وكل إهمال يعد نكرانا وجحودا، إذ أن حماية التراث الوطني والحضاري يظل مسؤولية كل القوى الوطنية الفاعلة. ومن نافلة القول إن التصور بشأن حماية التراث، أصبح يخضع لمبدأ التطور بحيث لم يعد مقتصرا على مآثر المضي بل انصرف الاهتمام إلى إدماجه في المنشآت الحضارية الحديثة، مما يسمح بتقديم صور ناصعة مشعة عن الشعوب والأوطان، والتنبؤ بازدهار المستقبل ورغد العيش. وهكذا يحمل التراث العتيق الإبداعي في تمازج الجسد والروح والمادة والتجرد بما يؤديه من نضج وإيصال وتبليغ. فهو البعد الرابع المضاف إلى الأبعاد الثلاثة وهو أي البعد الروحي سهل المنال لدى الجميع، فيه ينسجم كل فرد حيث يلفي هناك نفسه بصفة مباشرة.وليس من اللازم أن يتوقف ذلك على كسب قبلي أوتكوين مسبق لكي ينسجم مع هذا النوع من التراث.ومن هذه الصورة للاندماج الطبيعي يكتسب التراث الروحي خصوصيته. ومن المناسب أن نورد العبارة البليغة التي جاءت في اتفاقية منظمة اليونسكو في دورتها الثانية والثلاثين لسنة 2003 «إن حماية التراث الثقافي الروحي في صالح الإنسانية».إذ تثبت أهمية دور هذا التراث باعتباره عاملا لتقارب الشعوب وتبادل الحوار والتفاهم بين بني البشر. ففيما يتعلق بمدينة سلا فقد افتقدنا أو كدنا نفتقد بعض التظاهرات التي كان من شأنها التعريف بالمهارات التقليدية والشعبية، الأمر الذي حدا بعمالة سلا والمجالس المنتخبة والمجتمع المدني إلى استنهاض العزائم قصد الملاحقة والإنقاذ بما يستجيب مع الرؤية المولوية لعاهلنا المفدى وبما يحتاج إليه العالم الإسلامي من انبثاق تفكير استراتيجي بناء. «وفي عصر أصبح فيه العالم سوق عكاظ ، فإن تطوير الثقافة رهين بحسن استعمالها للوسائل الإعلامية والتواصلية الحديثة سواء داخل الفضاء العربي أو لتأكيد ضمن تعدد ثقافية، محلي وجهوي وكوني، وكل ذلك في نطاق التسامح والتوافق، حول قيم إنسانية عالمية، واحترام الآخر، حرية وهوية وعقيدة وحضارة، وكذا احترام درجة التطور التاريخي لكل شعب ومساره الخاص».(مقتطف من نص الرسالة التي وجهها جلالة الملك إلى المشاركين في المؤتمر الثالث للفكر العربي). إن أمل مدينة سلا لقوي على غرار مدن أخرى في إيجاد الشروط الضرورية لرسوخ هذه الثقافة ورقيها حتى يمكنها أن تتبوأ المكانة التي تستحقها ضمن التراث الثقافي الإنساني. فالمحافظة على تراث مدينة سلا ينبغي ألا يكون اهتماما سلويا فقط ولكنه واجب إنساني قبل كل شئ. ثم إن العناية بمدينة سلا وتراثها ينبغي ألا تنحصر في مآثرها التاريخية ومواقعها العتيقة لكن بالمدينة عامة، بعادتها وتقاليدها كموكب الشموع الذي يعد ميراثا وطنيا في ملك العموم فينبغي أن نكون جديرين بهذا الكنز الحضاري الذي ورثناه عن السلف، وتبقى المحافظة عليه عنوان الوفاء للأجداد بقدر ما يكون التقصير في هذا الجانب إخلالا مشينا في حقه. فالمحافظة أيضا على هذا التراث الحضاري الوطني مسؤولية جماعية تقع على كل القوات الحية للبلاد.إن مدينة سلا لا تألو جهدا في حماية تراثها والحفاظ عليه والرقي به وذلك اعتمادا على ما يوليه السلويون شيبا وشبابا من اهتمام بهذا التراث وما يبدونه من إدراك وإيمان بقيمته بصفته عنصرا أساسيا من ثقافتهم. وموسم الشموع بالإضافة إلى ما يحققه من متعة يعمل على إدماج التظاهرات والإبداعات في برنامج تنمية البلاد. لذا، أصبح متحتما إصدار القواعد الأساسية التشريعية للتراث المقدس مدعمة بمرجعية الذاكرة التاريخية، تلكم الذاكرة إذا تم الحفاظ عليها كان مضمونا حتما إنقاذ المحيط الطبيعي والثقافي والاجتماعي للإنسان. لقد ارتقى اليوم تصور مدلول التراث حيث لم يعد ينحصر في المنشآت الجليلة ومآثر الماضي لكنه أصبح يتطلب إدماج ذلك في مشاريع منشآت الحاضر، مما من شأنه أن يقدم صورة مشعة عن الأوطان والشعوب ويعلن عن التنبؤ بازدهار المستقبل. إن التراث الروحي يعتمد على الإلهام حيث إنه يملك سلطة التمازج وتنافذ الجسم والروح فهو البعد الرابع بعد الأبعاد الثلاثة الطبيعية سهل المنال لدى الجميع بطريقة شخصية ومباشرة يجد كل فرد فيه نفسه بدون ثقافة سابقة أو أن يكون متبحرا في مجال المعرفة ليلج في علاقة حميمية مع هذا النوع من التراث. فالتواصل يتم طبيعيا وبدون واسطة، وهذا التواصل الإنساني هو الذي يكسب الخاصية للتراث الروحي وفي حماية التراث الثقافي الروحي فائدة عامة للإنسانية كما جاء في وثيقة اليونسكو «الدورة الثانية والثلاثين سنة 2003» التي تؤكد الأهمية الكبرى لهذا التراث بصفته عاملا للتقارب والحوار والتفاهم بين بني البشر. فالتراث الشفوي والروحي يتمثل في تلك التظاهرات الثقافية التقليدية والشعبية المنبثقة عن الجماعة والتي لم تؤخذ عن طريق الكتابة لكن بواسطة التعبير الشفوي والحركات. إن مجموع العادات والأعراف من الموسيقى والرقص ومختلف الفنون تمثل عوامل حيوية لتعدد الثقافات واختلافها مع العلم أن التراث الثقافي يختلف عن غيره من أنواع التراث لما يحمله من أفكار ورموز وما يعبر عنه من أساليب الحياة، الأمر الذي يحتم علينا الاستهانة بهذا التراث ورميه بأوصاف التفاهة والترهات، لكن أن نبوئه مكان القيم وندرجه في إطار أخلاقياتنا وأن نعمل على حمايته وتطوره داخل إطار عناية تشريعية. وما علينا إلا أن نأمل في فوات زمان رفض الآخر وانه لم يعد هناك مجال لتدمير هويته، إن التراث وهو مجهود عام للإبداع الاجتماعي ينشئه الأفراد ويستفيدون منه ويجعلونه موردا ووسيلة للتغيير، يجب أن يصير رصيدا وممرا لا للكذب لكن للمحبة ورسولا مواصلا بين مختلف الثقافات. تلكم هي رؤية اليونسكو مثلا في وثيقتها المتعلقة بالتراث العالمي وإنها لمناسبة للتذكير بالرغبة الأكيدة في إدراج مدينة سلا في قائمة المآثر التاريخية للتراث العالمي.وإنه لاقتراح يستحق التفكير وأن يحظى بالاهتمام وتنفيذ رغبته لما يرمي من أهداف: ) العمل على وضع نقل راديو-غرافي معماري وكذا سوسيو-اقتصادي للنسيج الحضري العتيق مما يسمح بالوقوف على مختلف أنواع الاختيارات اللازم اتخاذها لوضع تخطيط ناجع لإعادة تقييم المدينة. ) تأصيل القيم الحضارية والحفاظ على الملامح الرئيسية لطابع وشخصية المدينة ) العمل على حماية وتنمية التراث سواء في المجالات الطبيعية والمعمارية والروحية والصناعية التقليدية. ) العناية بجمال الواجهة البحرية للمدينة. ) إعادة الاعتبار للصورة التاريخية للمدينة والتعريف بأهميتها ضمن التكتل السكاني لحاضرتي الرباطوسلا. ) الحفاظ على خاصية المدينة التاريخية وفي نفس الوقت ضمان إدماجها مع بقايا المدينة تجنبا لهامشيتها. ) إعادة التقنين لقواعد وأسس البناء خاصة وأن ثمة قوانين عصرية تذوب شخصيات المدن وتطمس هويتها. ) تثقيف المشتغلين بالعمران وضرورة تزويدهم بالمعارف المرتبطة بالعمران الإسلامي. ) القيام ببحوث ميدانية في الموضوع بتداخل اختصاصات متعددة ( هندسة، تاريخ، جغرافية واقتصاد). ) وضع برنامج دراسي قصد التعريف بأهمية مدينة سلا بالنسبة للتطورات التي عرفتها في السنين الأخيرة. ) ضرورة إحداث صندوق لإنقاذ مدينة سلا التاريخية. ) إن نجاح عملية إنقاذ مدينة سلا يقتضي ضرورة اهتمام كل سكان المدينة ومشاركتهم لذا ينبغي اغتنام الفرص لاستقطاب الأجيال وتشجيعهم على أن يولوا الاهتمام المنتظر لأنه يجب ألا يعزب عن البال أن إنقاذ المدينة ومآثرها وحاراتها التاريخية موكول بالدرجة الأولى إلى أهلها. ) أن يتجند الجميع لتحقيق المشروع الاقتصادي والسياحي لضفتي أبي رقراق. ) يجب أن يكون الرأي العام على وعي بهذه القضايا وأن يبث الشعور لدى الكل بما يتحمله كل فرد من مسؤولية إزاء هذا التراث الذي تسلمناه من السلف، وأن نبارك ونشجع الاقتناع الملموس لدى السلطات الإقليمية والمحلية والوزارات ذات القرار بمواصلة السعي لإدماج مسألة التراث ضمن التصاميم الجريئة للمستقبل.وببذلنا لمشروع هذا التطور التاريخي بما يلزم من الدينامية والتضامن والتشجيع نكون قد أعطينا للسياسة الحكيمة المولوية كل بعدها الإشعاعي. فلنجعل مشروع أبي رقراق الاقتصادي والسياحي في مقدمة اهتماماتنا، ولنعمل بكل ما تتطلبه معاني المواطنة والمسؤولية. إن مدينة سلا تنظر من كل فرد أن يقوم بما يفرضه عليه واجب المواطنة، وحلول ذكرى المولد النبوي الشريف مناسبة لتحظى بهذه العناية. مدينة سلا كتاب تاريخي رائع، مفتوح أمام أعين الزائرين، ثري بأحداث وبطولات الماضي التي تنطق عنها دروبها وأسوارها وشاطئها، مما يفرض التوقف عندها كاستحضار أعمال القراصنة المجاهدين وتخيل قسوة المعارك التي خاضها السلويون للحفاظ على ميزة ضفتي أبي رقراق. إنها حاضرة سلا الضاربة الأعماق في جذور التاريخ الألفي والمتداولة التقاليد منذ القرون، أرض الإشعاع والضيافة الاستقبالات الودية بما يضفي على الحياة جوا أخاذا ومتعة متميزة. أن تحتضنك حاضرة سلا العريقة يصير لديك راسخا شعور بالامتزاج بالمحيط وانصهار مع تناغمها الألفي الذي يمتد مداه لدى كل حركة يومية إذ لا تلبث أن تصبح مفتونا بالسحر الأخاذ لهذه المدينة التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة. وبالإجمال، سوف تجدون لدى سلا استقبالا بالأحضان لتثرى روحكم وتنعش مشاعركم ستكتشفون حياة تقليدية لمدينة ظلت أصيلة دائمة البهجة والترحاب: سلا بلد الكرام الفاضلينا تطيب بها نفوس الطيبنا المدينة القديمة هي القلب التاريخي لمدينة سلا التي تكتسي طابعا خاصا وبواسطتها يمكن الارتحال مع الزمان لاكتشاف مآثرها التاريخية إن مدينة سلا لتنتظر من كل فرد أن يؤدي بواجبه كمواطن،إذ هي تستحق وقفة ليكتشف الفرد بين أحضانها مدينة تظل مرحبة مضيافة ذات أصالة وروعة. تلكم الحاضرة الناضرة بجمالها وبعتاقتها التي تظل القلب التاريخي لمدينة سلا بما تشتمل عليه من دلالة خاصة فهي وسيلة للرحلة مع الزمان للوقوف على المآثر التاريخية في المقدمة مسجدها الكبير ويطلق عليه اسم المسجد الأعظم الذي أنشء في قلب المدينة وهو أوسع وأجل مكان للعبادة بسلا محاذاة له نجد مدرسة أبي الحسن المريني المنشأة في القرن الرابع عشر 1341 وهي من المنشآت المهمة في البلاد لما اشتملت عليه هذه المأثرة من إبداع رائع في زخرفة الجبس ممزوجة مع فن الخط في رسم آيات قرآنية.أما الصحن فقد اكتسى حلة من زينة وزخرفة الخشب والمرمر والفسيفساء، يمكن زيارة المآوي أي الغرف التي كانت مخصصة للطلبة ثم الصعود إلى السطح الأعلى لتمتيع النظر بمقابلة الهيكل العام للمسجد الأعظم مع المنارة الصومعة وبالمنظر البانورامي لمدينة الرباط ، غير بعيد من المسجد الأعظم والمدرسة المرينية يقام ضريح المولى سيدي عبد الله بن حسون المتكون من القاعة الكبرى لأداء الصلاة وإقامة المهرجانات الدينية وهي حديثة البناء كما تحتوي على القبة القديمة وهي المحتوية على آيات في النحت والزخرفة المختلفة الألوان وبها تعلق الشموع عند الانتهاء من عرضها وطوافها بالمدينة ليلة المولد. وفي الجانب الغربي للمدينة غير بعيد عن ضريح القطب مولاي عبد الله بن حسون يقع ضريح الولي الصالح سيدي أحمد بن عاشر الذي أدرك العهد المريني حيث تحاذى السور عدة أبراج برج الدموع والبرج الكبير وصقالات القديمة والجديدة كانت تقام بها مدفعيات مواجهة للبحر و عرفت هذه المنطقة صيانة وترميم أعاد لها رونقها ونضارتها . ثم نقف بأبواب المدينة التي كانت وسيلة اتصال المدينة بالمناطق المجاورة لازالت تعطي صورة لروعة النحث ومتانة البناء.من ذلك باب المريسة، باب دار الصناعة اللذان كانا موصولين بالمرسى عن طريق جسر في منطقة حارة ملاح، ونمر ببقية أبواب المدينة باب فاس، باب سبة، باب شعفة، باب مالقة « المعلقة» وباب الجديد إلى مدرسة الطب التي كانت عبارة عن مستشفى أنشأه أبوعنان أواسط القرن الرابع عشر وزاوية النساك أيضا منشأة من طرف أبي عنان المريني ثم إلى غير ذلك مما تسمح به الزيارة للإطلاع على كنوز التراث التاريخي من المقاهي التقليدية: مقهى البارودي ومقهى الحسين السلاوي والقسارية والأسواق القديمة كالسوق الكبير وسوق الغزل والولوج إلى قلب الأحياء لمشاهدة مختلف المصانع والشغال اليومية للأيدي التي تعمل باستمرار وبدون كلل. لنقف على إبداعات الصناعة التقليدية التي تشتهر بصناعة الفخار والطرز ونسيج الزرابي والحصير والسلال مارين بمختلف سماطات الصناع الخاصة بالحرارين والعطارين والقشاشين والحدادين والخرازين.ناهيك عن مجمع الخزف السياحي بالولجة ومتحف الخزف الجهوي بسيدي بنعاشر.إن الطابع التقليدي- التاريخي والروحي للمدينة يعطيها طابع القدسية. وإن لمدينة سلا لسعيا حثيثا في التفكير في المستقبل وبما يكسبها نهضة في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية، اعتمادا على تدبير محكم لمختلف الهيآت الإدارية والمنتخبة، الأمر الذي استطاعت أن تحصل بفضله على نتائج مشجعة نتيجة ما أبرمته من اتفاقيات الشراكة مع مختلف المؤسسات العمومية والقطاعات الحرة. إن العمل الحضاري الوطني يتطلب الوعي بالتاريخ الوطني في جميع عصوره لكي يؤمن تسلسله الاستمراري ويدعمه وفق المعطيات الكيانية الوطنية وتؤكد الأحداث التاريخية أن الواعين من المواطنين بالتاريخ الوطني هم الذين يتصدون التحديات. فالأصالة تعني التشبث بمظاهر العبقرية المغربية المتمثلة في الميراث الثقافي الأصيل و تعني دعم الشخصية المغربية في أبعادها الحضارية.إنها مسؤولية تاريخية وحضارية يضطلع بها كل مغربي وطني باعتبار أن الموضوع لا يهم الجوانب التقنية والسياسية والاقتصادية ولكنه يهم بصورة أشمل وأدق حاضر المغرب ومستقبله المتفاعل مع الحضارات الإنسانية. وتأسيسا على ذلك لابد من أن نعمل على قناعته ورضا بصيانته والمحافظة عليه في ضوء التجارب التي مرت بها الدول التي تعتمد في دخلها على السياحة التراثية.لذا ارتأت الزاوية الحسونية أن تساهم في الجهود الوطنية الهادفة لنشر الوعي حول أهمية المحافظة على التراث والموروث الثقافي والطبيعي خدمة للأجيال القادمة، لأن هذا الموروث المعرفي كزاد لا غنى عنه في هذه الفترة من تاريخنا والذي تقومت به هوية الأمة، وتشكلت طبقا له شخصيتها الحضارية وارتسم في ضوئه مسارها التاريخي وتجلت من خلال الوعي بمعالمه وتفاصيله ذاكرتها إزاء الماضي وتاريخها. فالوعي بالحاضر يتأسس على الإلمام بالماضي أولا لأن الماضي هو الذي يكون الحاضر وبالتالي يصبح محصنا من الاختراق الثقافي، علما بأن التراث بجانب قيمته التاريخية والجمالية عامل هام من عوامل التنمية ووسيلة لاسترجاع وتعزيز الهوية المحلية، كما يعتبر كذاكرة مرشدة وكإشعاع يضئ طريق أجيال المستقبل، يثري هويتهم ويجمل وجودهم. سلا معتزة بطريفها ومتشوقة لازدهار تليدها في عهد التطور والتقدم والانفتاح. سلا فيها رجال من قريش بنوا فخرا رفيعا ثم جاها وشباب لهم في كل يوم جميل الفعل ينشر في رباها وقاها الله من شر العوادي وأبقاها حديقة من أتاها