تقدمت الفرق النيابية لمجلس النواب أغلبية ومعارضة بطلب تكوين لجنة نيابية لتقصي الحقائق حول الأحداث المؤلمة بمدينة العيون يوم 8 نونبر الجاري عندما استغل منحرفون وإرهابيون أجواء الحرية الواسعة التي تتمتع بها أقاليمنا الجنوبية المسترجعة على غرار بقية مناطق المملكة للقيام بأعمال إجرامية في حق القوات العمومية والمدنيين وأفعال تخريبية مست ممتلكات الخواص والدولة ومرافق عمومية ومنشآت اقتصادية. يأتي إحداث هذه اللجنة النيابية لتقصي الحقائق بعدما أخذت أحداث 8 نونبر بالعيون أبعادا وطنية ودولية عندما تدخلت جهات أجنبية معروفة بمعاداتها ومعاكستها لقضية وحدتنا الترابية لتزييف وقائع الأحداث وأسبابها ونتائجها بهدف محاولة تضليل الرأي العام الدولي والمس بسمعة البلاد وما حققته من مكاسب في المجالات الديمقراطية والحقوقية والاجتماعية. يأتي إحداث هذه اللجنة النيابية لتقصي الحقائق بهدف تمكين مجلس النواب من ممارسة مهمته الرقابية من خلال الوقوف على حقيقة الأحداث التي عرفتها مدينة العيون يوم 8 نونبر الجاري مادامت اللجان النيابية لتقصي الحقائق تشكل آلية ناجعة للمراقبة البرلمانية كما جاء بها دستور 1992 المعدل عندما نصت الفقرة 2 من الفصل 42 من الدستور على إمكانية تشكيل هذه اللجان بمبادرة من جلالة الملك وبطلب من أغلبية أعضاء أحد مجلسين البرلمان، وذلك على الرغم من كون مهمتها تقتصر على جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معنية وإطلاع المجلس الذي يشكلها على النتائج التي تنتهي إليها أعمالها. يأتيوحتى تتمكن اللجنة النيابية من القيام بالمهمة التي أحدثت من أجلها، فمن حقها، وفقا لمقتضيات المادة 8 من القانو التنظيمي المذكور، الاطلاع على جميع الوثائق العامة أو الخاصة التي لها علاقة بالوقائع المطلوب تقصي الحقائق في شأنها، وكذا استدعاء الشهود للاستماع إليهم إذا كانت شهادتهم من شأنها تنوير أعضاء اللجنة فيما يتعلق بالوقائع المطلوب تقصي الحقائق في شأنها، ماعدا إذا كانت الوقائع تتعلق بالدفاع الوطني أو أمن الدولة الداخلي أو الخارجي أو علاقات المغرب مع دول أجنبية، فإن رئيس اللجنة النيابية عليه أن يخبر الوزير الأول بذلك الذي بإمكانه أن يعترض على ذلك. وبموجب المادة 12 من القانون التنظيمي السالف الذكر، فإن أعمال اللجنة النيابية وشهادات الشهود تكتسي طابعا سريا ، بحيث لا يجوز الاعلان عن المعلومات التي قامت اللجنة بجمعها إلا حين إيداع التقرير لدى رئيس المجلس، وذلك تحت طائلة عقوبتي الغرامة والحبس. وتنتهي مهمة اللجنة النيابية بإيداع تقريرها لدى رئيس المجلس داخل أجل أقصاه 6 أشهر قابلة للتمديد عند الاقتضاء لمدة ثلاثين يوما. وفي حالة عدم إيداع التقرير داخل هذا الأجل، يعلن رئيس المجلس عن حل اللجنة النيابية بعد أن يعرض الأمر على المجلس الذي له أن يقرر مناقشة مضمون التقرير في جلسة عمومية إو دراسته في جلسة مغلقة أو نشره في الجريدة الرسمية كله أو بعضه. بإحداث هذه اللجنة النيابية لتقصي الحقائق، تكون المؤسسة التشريعية قد أكدت مرة أخرى حضورها القوي والفاعل في القضايا الوطنية والأحداث التي تعرفها البلاد وانشغالات الشعب المغربي باعتبار البرلمان القلب النابض للديمقراطية وأرفع تعبير عن الإرادة الشعبية، ومادامت النيابة عن الأمة ليست امتيازا أو ريع مركز ، أو حصانة لمصالح شخصية، بل هي أمانة جسيمة والتزام بالصالح العام، ومادام إعادة الاعتبار للمؤسسة البرلمانية يتطلب من أعضائها عملا دؤوبا ليس داخل القبة البرلمانية من أجل أداء مهامهم الدستورية فحسب، بل الالتزام أيضا بالقرب من مغرب الأعماق والاصغاء للمواطنين من أجل التعبير عن انشغالات الامة كما أكد ذلك جلالة الملك بمناسبة افتتاح السنوات التشريعية الأخيرة. ومهما تكن الوقائع المطلوب تقصي الحقائق في شأنها، ومهما يكن حجم ونوع المعلومات المتوصل إليها، ومهما تكن النتائج المستخلصة، ومهما يكن مضمون التقرير الذي سيتم إعداده، فإن إحداث لجنة نيابية لتقصي الحقائق حول الأحداث المؤلمة التي عرفتها مدينة العيون يوم 8 نونبر الجاري بطلب من جميع الفرق النيابية أغلبية ومعارضة، يعتبر في حد ذاته تجسيدا لوحدة الجبهة الداخلية لاعطاء الديمقراطية مدلولها الحقيقي والحرية آبعادها العميقة في التعامل مع أحداث تستحق أن تكون موضوع تقصي الحقائق من طرف ممثلي الأمة بهدف تنوير الرأي العام الوطني والدولي بشأن حقيقة أحداث العيون بكل أسبابها وخلفياتها ومعطياتها وتداعياتها ونتائجها انطلاقا من المعلومات التي ستجمعها اللجنة النيابية بخصوص الوقائع المعهود إليها بالتقصي في شأنها.