تتردد الأخبار في وسائل الإعلام الروسية حول مجموعة عمل مشتركة من كل من روسيا وكازاخستان ستنظر خلال الأيام القليلة المقبلة في مخطط للوصل بين بحري آزوف وقزوين. ويتوقع لهذا المشروع الضخم أن يصبح من أكثر المشاريع كلفة في تاريخ روسيا المعاصرة. وتجدر الإشارة إلى أن فكرة الوصل بين البحرين ظهرت في الثلاثينات من القرن الماضي، حالها كحال العديد من المشاريع الستالينية الضخمة الأخرى. وآنذاك جرى العمل في حفر قناة امانيتشب الواصلة بين هذين البحرين عبر أراضي إقليمي كراسنودار وستافروبول. وتم حفر نصف القناة تقريبا، لكن أعمال شقها أوقفت بعد نشوب الحرب. وفي عام 2007 أعلن فلاديمير بوتين عن ضرورة توسيع القنوات المائية الداخلية، ليبعث الحياة من جديد في المشروع الستاليني المنسي. وتعتبر هذه الفكرة من عداد المشاريع المستقبلية. وفي العام 2009 خصص مصرف التنمية الأوروآسيوية مبلغ 7,2 مليون دولار لدراسة حلين مقترحين: قناة «أوراسيا»، وفرع ثان لقناة «فولغا - الدون». والآن سيكون على مجموعة العمل الروسية الكازاخية المشتركة اختيار الحل الأفضل، أما القرار النهائي فمن المتوقع اتخاذه على مستوى رئيسي البلدين. ونعيد إلى الأذهان أن بوتين قال في 2007 حينما كان رئيسا للبلاد، أن شق القناة الجديدة سيمنح الدول المطلة على بحر قزوين منفذا إلى البحرين الأسود والمتوسط ومنهما إلى بقية البحار والمحيطات، كما سيغير من الوضع الجيوسياسي لهذه الدول جاعلا إياها دولا بحرية عظمى. إضافة إلى ذلك سيمنح هذا الشريان المائي روسيا مزايا ضخمة. ويرى المحلل السياسي ألكسندر دوغين أن روسيا ستتمكن من تعزيز نفوذها في كازاخستان مقابل إنشاء قناة اأوراسياب. وفي حال انضمت إليهما آذربيجان وإيران اللتان تطلان على بحر قزوين فيمكن أن يتشكل تكتل من الدول النفطية يضاهي منظمة أوبك وينافسها بشكل مؤثر وفعال. وستسمح هذه القناة لروسيا بإنشاء ممر لعبور البضائع سيعود عليها بالأرباح، وسيكون النفط البضاعة الرئيسية التي تعبر الأراضي الروسية في تلك الحالة. ويذكر أن الجرف القاري لبحر قزوين يحتوي على 20 حقلا مستثمرا للنفط والغاز وأكثر من 250 حقلا نفطيا واعدا. ويقدر الخبراء احتياطي الذهب الأسود في تلك المنطقة بحوالي 6% إلى 10% من الاحتياطي العالمي. وإذا ما تم إنشاء طريق بري يربط المناطق الصناعية الصينية ببحر قزوين، فستتحول القناة الجديدة إلى معبر للبضائع الصينية ينافس المسار البحري عبر قناة السويس. مثل هذا المشروع من السهل أن تلتقي عليه دول المنطقة وتدعمه وتوافق على البدء في تنفيذه، وحتى الدول التي بينها خلافات في المنطقة لن تتردد في المشاركة في مثل هذا المشروع، ووجود روسيا والصين سوف يعطي زخما وحماسا كبيرا لباقي دول المنطقة، لأنه بالقطع هاتان الدولتان الكبيرتان ستتحملان الجزء الأكبر من النفقات، ليس فقط لأنهما أغنياء، ولكن لأنهما أصحاب المصالح الأكبر في هذا المشروع الذي سيغير موازين القوى الاقتصادية في العالم وينقلها من الغرب للشرق.