لا يمكن لإسرائيل، من خلال استئنافها الاستيطان، أن تتوقع أن يعرقل الرئيس الأميركي باراك أوباما طلباً ممكناً للأمم المتحدة بالاعتراف بدولة فلسطينية. وربما تسنح للرئيس أوباما قريباً فرصة غير عادية لخدمة قضية السلام في الشرق الأوسط بالتزام الصمت. حيث يمكنه الإذعان بهدوء لخطوة هي قيد البحث حالياً من قبل القادة الفلسطينيين قوامها مطالبة الأممالمتحدة بالاعتراف بدولة فلسطين. ومثل هذا الطلب سيكون ضرورياً في حالة واحدة فقط: إذا قضت إسرائيل فعلياً على أي أمل في مفاوضات السلام مجدداً عن طريق مواصلة بناء المستوطنات اليهودية على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية. ولدى أوباما مبرر وجيه للإيماء بالموافقة الهادئة على مثل هذا الطلب الفلسطيني. فهو يشعر بالإحباط العميق من تجديد إسرائيل بناء المستوطنات أخيراً. وأجبرت تلك الخطوة الفلسطينيين على الخروج من محادثات السلام الثنائية. كما دفعتهم هذه الخطوة أيضاً إلى التفكير في أن الولاياتالمتحدة لم تعد وسيطاً يمكن الاعتماد عليه أو قادرا على الضغط على إسرائيل لتقديم تنازلات. وكملاذ أخير، يقول الرئيس الفلسطيني محمود عباس إنه يفكر في طلب الدعم من أوباما للسعي إلى اعتراف هيئات الأممالمتحدة بالسيادة الفلسطينية على الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، وهي الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967. والسعي لإنشاء دولة بهذه الطريقة ليس مثالياً. فإسرائيل يمكنها الرد على ذلك بقطع العديد من الخدمات الحيوية عن الفلسطينيين، مثل التجارة مع العالم الخارجي. وهناك إمكانية بأن الصين وروسيا، اللتين تواجهان نداءات للاستقلال من قبل جماعات داخلهما، يمكنهما استخدام الفيتو في مجلس الأمن ضد قيام دولة فلسطينية مستقلة. غير أن السماح بمناقشة هذه المسألة في هيئات الأممالمتحدة على الأقل، ربما يجبر إسرائيل على إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية. إذا أعلنت الأممالمتحدة الاعتراف بدولة فلسطين، فان المستوطنات الإسرائيلية ستكون عندئذ انتهاكاً للقانون الدولي. وكان بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، قد صرح بالفعل مطلع أكتوبر الماضي بالقول إن: اجميع الأنشطة الاستيطانية غير قانونية في أي مكان من الأراضي المحتلةب. من ناحية أخرى، أعربت وزيرة الخارجية الأميركية اهيلاري كلينتونب، عن قلقها بشأن الفلسطينيين أخيراً لأنهم يعيشون في ظل امهانة الاحتلالب. واعترفت إسرائيل بشكل غير مباشر أنها تحتل الأراضي الفلسطينية من خلال الموافقة على تعليق النشاط الاستيطاني في الربيع الماضي. ولكن الضغط السياسي من الجناح اليميني داخل التحالف الحاكم لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أجبره على رفع هذا التعليق يوم السادس والعشرين من سبتمبر الماضي. وتتعامل إسرائيل بالفعل مع السلطة الفلسطينية إلى حد ما كدولة من خلال الاستشهاد بالمعاهدات الثنائية الملزمة. يذكر أن دولة إسرائيل قامت بقرار من الأممالمتحدة عام 1947، دعا لإقامة دولة يهودية وعربية في الأراضي المقدسة. وكان الفلسطينيون قد أعلنوا منذ فترة طويلة من جانب واحد دولتهم الخاصة بهم، ولكن لم يكن ذلك كافياً لإرغام إسرائيل على دعم مثل هذه خطوة.