أكد أحمد أوعياش رئيس الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية أن توجهات الدولة حسمت في الهوية الفلاحية للمغرب عبر »مخطط المغرب الأخضر«، حيث تم تجاوز سياسة الارتباك والتردد التي استمرت لسنين طويلة، وتوضحت الرؤية بالنسبة للتعامل مع القطاع الفلاحي. وأوضح أوعياش في حوار مع العلم أن التدابير والإجراءات المواكبة للموسم الفلاحي 2011/2010،جزء لا يتجزأ من مخطط المغرب الأخضر، والتي يتم تصريفها على مستوى سنوي. وشدد رئيس الكومادير على أهمية التأمين في القطاع الفلاحي،مبرزا أنه يجب أن يمتد إلى كافة الآفات والكوارث الطبيعية التي قد تصيب الحقول والاستغلاليات الفلاحية وممتلكات الفلاحين من آليات وتجهيزات زراعية ومساكن وأماكن تربية المواشي، وبشكل عام جميع ما له علاقة بالفلاح.ودعا إلى ضرورةالتوفر على برامج وقائية استباقية عبر الاستفادة من تجارب الماضي، مثل كيفية تلافي الانعكاسات السلبية للفيضانات والجفاف والأمراض والأوبئة.. في ما يلي نص الحوار : س: سبق لوزارة الفلاحة أن أعلنت عن برنامج يهم مواكبة الموسم الفلاحي الجديد، هل ينخرط هذا البرنامج في إطار مخطط المغرب الجديد؟ ج: قبل الإجابة على هذا السؤال يجب التأكيد على نقطة مهمة. لقد سبق أن أكدت في حوار مع جريدة العلم أن المغرب بلد فلاحي بامتياز، وعلى من يشكك في ذلك أن يراجع أوراقه. وقد جاء »مخطط المغرب الأخضر« ليؤكد هذا الموقف، حيث حسمت توجهات الدولة عبر هذا المخطط في الهوية الفلاحية للمغرب، وتجاوز سياسة الارتباك والتردد التي استمرت لسنين طويلة، صحيح أننا أصبحنا نعتمد على العديد من السياسات القطاعية، إلا أن الرؤية توضحت بالنسبة للقطاع الفلاحي. بخصوص البرنامج المتعلق بالتدابير والإجراءات المواكبة للموسم الفلاحي 2011/2010، فإنه يتوزع على مجموعة من الإجراءات تشمل أربعة محاور أساسية تهم تنمية سلاسل الإنتاج، وضمان التزويد بعوامل الانتاج، وتدبير مياه السقي، ووقاية النباتات والصحة الحيوانية والتأطير المباشر للفلاحين، ويظهر من الوهلة الأولى أن هذه المحاور جزء لا يتجزأ من مخطط المغرب الأخضر، والتي يتم تصريفها على مستوى سنوي، وهي تدابير مهمة على كل حال، من أبرزها دعم بذور الحبوب في حدود 160 درهم للقنطار من القمح الطري و170 درهم للقنطار من القمح الصّلب و150 درهم للقنطار من الشعير، بالإضافة إلى حذف الرسوم الجمركية على استيراد القمح الطري إلى غاية 31 دجنبر 2010، وتعبئة مخزون البذور والحبوب بحوالي مليون قنطار، ومواصلة برنامج تزويد القطاع الفلاحي بأغراس الأشجار المثمرة المدعمة بما قدره 80٪ في إطار صندوق التنمية الفلاحية، وتهم حوالي أربعة ملايين شتلة منها 80٪ من أشجار الزيتون. س: باعتباركم تمثلون أكبر تنظيم مهني في المغرب كيف تنظرون إلى طبيعة هذه التدابير؟ ج: كما سبق أن ذكرت تأتي هذه التدابير في إطار التوجهات الجديدة للمغرب بخصوص القطاع الفلاحي حيث يجرى تنفيذ مخطط المغرب الأخضر خلال سنته الثالثة، وهذا يعني أن هذه التدابير لايمكن إلا أن تعزّز المكتسبات التي تحققت حتى الآن، وأيضا النظر فيما يجب القيام به خلال السنوات المقبلة من أجل مراكمة المزيد من المكتسبات. وفي هذا الإطار لابد من تعميق التفكير في مشروع التأمين الفلاحي بما يضمن تلبية احتياجات البلاد والفلاحين، في مختلف فروع الفلاحة. س: هل من توضيح في هذا الجانب؟ ج: إن التأمين في القطاع الفلاحي، يجب في الواقع، أن يمتد إلى كافة الآفات والكوارث الطبيعية التي قد تصيب في أي وقت من الأوقات الحقول والاستغلاليات الفلاحية وممتلكات الفلاحين من آليات وتجهيزات زراعية ومساكن وأماكن تربية المواشي، وبشكل عام جميع ما له علاقة بالفلاح، والذي قد يلحقه الضرر بفعل العوامل المذكورة. وإلى جانب التأمين، لابد من التوفر على برامج وقائية استباقية عبر الاستفادة من تجارب الماضي، مثلا كيف يمكن تلافي الانعكاسات السلبية للفيضانات والجفاف والأمراض والأوبئة، وفي هذا السياق أذكر بالأضرار التي لحقت الحقول الزراعية والخضروات والفواكه نتيجة موجات البرد والصقيع. وتلك التي أصابت حقول التمور بسبب سوسة النخيل الحمراء، وأيضا الأضرار التي خلفتها اللفحة البكتيرية ومرض ثريستيزا على الحوامض ودودة الطماطم، التي تسببت في ضعف المنتوج، وهو ما أثر سلبا على مداخيل الفلاحين وعلى القدرة الشرائية للمواطنين، دون إغفال الأضرار الفادحة التي أصابت الغلل والمحاصيل الزراعية في الحبوب والأغراس والأشجار وغيرها... ولذلك لابد من نهج سياسة استباقية للمخاطر من أجل تلافي الأضرار أو على الأقل التقليص منهما. إن أضرار هذه الكوارث والأفات، كما أشرت الى ذلك لاتقتصر على الحبوب، والمحاصيل الزراعية، إنها تمتد الى حقول الأشجار المثمرة والى قطعان المواشي وشبكات الري والبنايات والتجهيزات، وهو ما يضاعف من معانات السكان. إن اعتماد هذه المقاربة الشاملة على مستوى التأمين في المجال الفلاحي من شأنها تجاوز الأخطار وتلافي إلحاق الأضرار المحدقة بحوالي 14 مليون مواطن يعيشون في العالم القروي. س: ماهي أهم التدابر التي ترونها ضرورية في هذا المجال بالضبط؟ ج: السياسة الاستباقية تقتضي العمل على إحداث محطات مقاومة البرد والصقيع، وتزويد السوق الوطنية بالأدوية والمواد الحيوية المقاومة لمثل هذه الظواهر الطبيعية، وإقامة الأحزمة للوقاية من الفياضانات مثل أحزمة مواجهة زحف الرمال . وتتطلب هذه السياسة أيضا، تطوير البحث العلمي في مجال الأوبئة والحشرات الضارة بالمنتوجات الفلاحية، والقيام بالحملات التحسيسية الواسعة وسط الفلاحين، اعتمادا على مهندسين وتقنيين ومرشدين متخصصين في مجال محاربة الأوبئة ومكافحة الحشرات الضارة واستعمال المواد الكيماوية الحيوية. ولاشك أن هذا المجهود سيؤدي الى مساهمة فاعلة للقطاع الفلاحي في الناتج الداخلي الإجمالي، والرفع من معدل النمو الوطني باعتبار تقاطع الفلاحة مع جميع القطاعات الأخرى الانتاجية والخدماتية وغيرها. س: طيب في هذا الإطار، كيف تقيمون دور القطاع التعاوني وتربية الماشية ضمن الأهداف العامة لمخطط المغرب الأخضر؟ ج: اعتقد أن القطاع التعاوني وتربية الماشية يمكنهما أن يلعبا دورا كبيرا في هذا المخطط، نظراً لحضورهما القوي في الأنشطة الفلاحية، ويظهر من خلال التجارب أن القطاع الفلاحي، لا يمكن أن يضمن النجاح الكامل بدون الاعتماد على تعاونيات فلاحية كبيرة تتمركز في مختلف الجهات، وبدون العمل على تحسين الوضعية الاجتماعية والاقتصادية لمربي المواشي خصوصا أن أكثر من 80٪ من الفلاحين يعيشون من الناتج الداخلي الفلاحي المتولد من قطاع تربية المواشي. وفي هذا الجانب بالضبط أؤكد أن نجاح المخطط الأخضر وتحقيق أهدافه المنشودة، ستكون له انعكاسات إيجابية ملموسة على جميع الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية.. س: وماهي أهم التدابير التي يجب تقويتها من أجل تحقيق أهداف المخطط على جميع الأصعدة ومختلف فروع القطاع الفلاحي؟ ج: لقد أشرت سابقا إلى بعض التدابير، ويمكن إضافة تدابير أخرى، تهم بالخصوص توفير البذور المختارة بكميات وافرة لتغطية كافة الحاجيات، ومضاعفة توزيع البذور والأسمدة وتوفيرها في مختلف المناطق والمراكز الفلاحية، ومعالجة المشاكل المتعلقة بنظام التسويق، والعمل عن الرفع من الاستثمار في المجال الفلاحي، ومعالجة المشاكل المتعلقة بتوحل السدود وتنظيم استغلال مياه الري، وإعطاء أهمية كبرى لموضوح التأطير، والإسراع بإصلاح وتطوير التجهيزات الهيدروفلاحية، وتوفير إطار مرن لحل المشاكل المتعلقة بالأنظمة العقارية، ودعم المنظمات المهنية، وتطوير العمل الذي تقوم به المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي، وتقوية الدور الذي تقوم به التعاونيات الفلاحية. س : كسؤال أخير ، خلال هذه السنة بادرت ، كتنظيم مهني ،إلى هيكلة مجموعة من التنظيمات المهنية الفرعية في إطار الكونفدرالية المغربية للفلاحةوالتنمية القروية ، كما الشأن بالنسبة لقطاع النخيل ، ماهو الهدف من حرصكم على هذا القطاع ؟ ج : في البداية لا بد من توضيح الأمور ، لقد كانت بلادنا دائما في حاجة إلى تنظيمات مهنية وازنة ، تكون بمتابة قوة تنظيمية وتأطيرة للمهنيين ، وقوة اقتراحية بالنسبة للدولة في مجال رسم السياسات والبرامج الحكومية . بالنسبة للمساهمتنا في الهيكلة المهنية لقطاع النخيل ، جاءت أولا انطلاقا من التوجه العام الذي اختارته الكومادير والهادف إلى العمل على تقوية التنظيمات المهنية في مختلف فروع القطاع الفلاحي وتوفير الشروط لوجود تنظيم مهني قوي ، وثانيا لمواكبة مختلف البرامج والتدابير التي حددها مخطط المغرب الأخضر، ومن بينها تلك المتعلقة بقطاع النخيل ، حيث تروم الاستراتيجية الخاصة بهذا القطاع الرفع من الإنتاج والإنتاجية في أفق 2020 ، وإخراج القطاع من حالة الجمود والتغلب على الإكراهات التي يعانيه. باعتبار أن زراعة النخيل تمثل قية مضافة حقيقية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، وتساهم بشكل قوي في الدخل الفلاحي لحوالي مليون شخص بنسبة تتراوح مابين 20 و 60 في المائة من الدخل الإجمالي للاستغلاليات . وفي مرحة أولى يمكن التركيز على استرجاع مافقدناه خلال العقود القليلة المنصرمة ، حيث كان المغرب يحتل الرتبة الثالثة على الصعيد العالمي بفضل وجود حوالي 15 مليون نخلة ، مقابل حوالي ثلث هذا العدد في الوقت الراهن ، كما كان يتوفر على آكثر من 85 هكتار من المساحات المغروسة بالنخيل في الأربعينيات من القرن المنصرم مقابل حوالي نصف المساحة المذكورة في الوقت الراهن . ولتبيان القيمة الاقتصادية لهذا القطاع يمكن الإشارة فقط إلى الميزان التجاري الخارجي المغربي للتمور، حيث تفيد المعطيات المتعلقة بالفترة مابين 1984 و1997 ، أن هذا الميزان عرف عجزا قدربحوالي 544.2 طن في السنة ، وهو ما يوازي من الناحية المادية ما قيمتهثمانية ملايين و246ألف و197 درهم في السنة.ولا شك أن التوجهات الجديدة بإمكانها التغلب على مختلف الإكراهات واسترجاع المكانة التي تحتلها التمور المغربية في السوق العالمية..