تحلّ الذكرى الخامسة والثلاثون للمسيرة الخضراء، بكل ما تنطوي عليه من رموز ودلالات، في الوقت الذي يتجند فيه الشعب المغربي وراء جلالة الملك، في معركة صمود وطني في وجه خصوم وحدتنا الترابية، الذين يبذلون كل جهد من أجل عرقلة الحل السلمي الملتزم بقواعد القانون الدولي الذي اقترحه المغرب وطرحه أمام المنتظم الدولي، لإنهاء المشكل المفتعل من الأصل، من خلال إقامة حكم ذاتي في الصحراء . في إطار من السيادة المغربية ، وفي كنف العرش المغربي. وتتزامن هذه الذكرى التي تبعث الفخر والاعتزاز في النفوس، مع وصول المغرب إلى درجة متقدمة من النشاط الدبلوماسي المكثف على الصعيد الدولي الواسع، الذي يهدف إلى شرح مدلول المقترح المغربي وأبعاده وأهدافه للدوائر الدولية ، وتقديم الصورة الحقيقية لها للوضع في المنطقة، في ظل تفاقم الأوضاع التي يعيشها مواطنونا الصحراويون في مخيمات تندوف، تحت حِرَاب السلطات الجزائرية التي تفرض عليهم حصاراً شديداً، وتمنعهم بوسائل القهر والتعذيب والحرمان، من التعبير عن آرائهم التي تتعارض على طول الخط، مع الأطروحة الجزائرية التي تختفي وراء الموقف الذي تتخذه البوليساريو، التي ليست هي سوى ألعوبة في يد الجزائر تستخدمها لأغراضها الخاصة، والتي تتمثل في فرض هيمنتها على المنطقة والتضييق على المغرب، والحيلولة بينه وبين مواصلة بناء التنمية الشاملة المستدامة التي يشعر المواطنون المغاربة في الساقية الحمراء ووادي الذهب، بآثارها وفوائدها التي غيّرت حياتهم عما كانت عليه قبل خمس وثلاثين سنة. إن التعبئة الوطنية الشاملة وراء جلالة الملك، في هذه المرحلة الحاسمة التي تجتازها قضية الصحراء المغربية ، تصيب خصوم الحق والسلام والمشروعية في المنطقة، بالإحباط والارتباك، وتبطل مفعول السياسة التي يتبعونها، ومنذ ثلث قرن، ضدّاً على المغرب في المقام الأول، وليس كما يزعمون من أجل إقرار مبدإ تقرير المصير، والوقوف إلى جانب ما يدعون أنه (الشعب الصحراوي) الذي هو جزء لا يتجزأ من الشعب المغربي، تماماً كما أن الصحراء التي يزعمون أنها أرضهم، هي جزء لا يتجزأ أيضاً، من الوطن المغربي منذ الأزل. ولقد كانت من نتائج التعبئة المغربية الشاملة الجامعة وراء جلالة الملك في هذه القضية الوطنية، كما في القضايا الوطنية الأخرى، أن تهاوت الأطروحة الجزائرية ، وبطلت المزاعم التي يدعيها الانفصاليون، وانهارت المخططات التي دبّروها لفرض الأمر الواقع على المغرب. إن تشبث المغرب بالشرعية الدولية، هو الذي جعله يقترح حلاً سلمياً قانونياً لوضع حدّ للأزمة المصطنعة في الصحراء المغربية، في إطار القانون الدولي، مما كان له ردّ فعل إيجابيّ لدى الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن بصورة خاصة، ولدى المجموعة الدولية بصورة عامة. وهو الأمر الذي قلب حسابات الجزائر، وأفسد تدبيرها، وجعلها تتخبط في تصرفات غير مسؤولة، وتتخذ من المواقف ما يُبعدها عن نهج السياسة الذي يتعيّن على الدول أن تسلكها مع جيرانها. لقد دخلنا مرحلة جديدة من المواجهة مع خصوم وحدتنا الترابية، نعرف جيداً أنها مرحلة الحسم والفصل، ونحن أشدّ ما يكون تصميماً على الثبات والصمود أمام مؤامرات الشوط الأخير من المعركة ، وفي وجه الصعاب والعراقيل التي تواجهنا من جراء إصرار الجزائر على عدم الانصياع للحقائق على الأرض، والإذعان لمنطق السياسة الدولية التي باتت تتفهم القضية وتتجاوب، بطريقة أو بأخرى، مع الطرح المغربي الذي رأت فيه نزوعاً نحو السلم، ورغبة أكيدة وصادقة في تسوية الموضوع بصفة نهائية، دون إخلال بحق من الحقوق، أو فرض هيمنة على طرف من الأطراف. إنَّ المغرب يسير بقيادة جلالة الملك في الاتجاه الصحيح ، بينما الجزائر تسير في الاتجاه الخطأ . والمغرب يراهن على عدالة قضيته الوطنية ، وعلى نزاهة المقترح الذي تقدم به إلى المنتظم الدولي، بينما الجزائر تراهن على الجواد الخاسر، وتتعلق بالأوهام، وتتصرف وكأنها تملك مفاتيح الحلول، بينما هي لا تملك سوى الوهم الذي يتراكم لديها فيضلها عن سواء السبيل. لذلك فإن المغرب هو الرابح في نهاية المطاف، والجزائر هي الخاسرة في كل الأحوال، ولو أنها وعت الحقائق، وتفهمت الآثار المترتبة عليها، وانصاعت لمنطق القانون الدولي ، واستجابت لرغبة شعوب المنطقة في إقامة علاقات تعاون وشراكة على جميع المستويات من أجل بناء المستقبل في ظل الأخوة والصداقة والعمل في سبيل تحقيق المصالح المشتركة، لو أن الجزائر سارت في هذا الاتجاه، لفعلت خيراً للشعب الجزائري الشقيق، ولأسدت معروفاً لشعوب المنطقة عموماً. ومهما يكن من أمر ، فإن المغرب في صحرائه، وصحراءَه جزء لا يتجزأ منه، وأبواب المستقبل مشرعة في وجه المواطنين المغاربة الصحراويين ، سواء في الساقية الحمراء ووادي الذهب ، أو في مخيمات تندوف تحت الحصار المضروب عليهم .