تتقاسم شعب لبنان 18 طائفة معترف بها، موزعة بين المسلمين السنة بنسبة %29 والشيعة بنسبة 24 % والدروز بنسبة 5 % والعلويين 2 %، بينما يشكل المسيحيون العرب الموارنة نسبة 23% والروم الأورثوذكس 9 % والوروم الكاثوليك 5 % والإنجيليين 1 %، إضافة للمسيحيين الأرمن الأرثوذكس والكاثوليك والإنجيليين والسريان واللاتين والأقباط الذين يشكلون نسبة كبيرة من السكان مع كل من الأكراد والترك، عموما يبلغ عدد السكان المسلمين % 58,92 بينما يشكل المسيحيون العرب والأرمن %41,07. وتملك كل الطوائف تمثيلية في البرلمان بناء على وزنها الديمغرافي، بل حتى تقسيم الدوائر البرلمانية يتم بناء على هذا التقسيم الطائفي مما يجعل عدد من الدوائر محسومة مسبقا لممثلي إحدى الطوائف حتى لو كانت هذه الطائفة تمثل أقلية ديمغرافية في الدائرة المعنية أو في حالة عدم تطابق التقطيع الترابي مع تواجد الطائفة ،حيث توجد دوائر مخصص للموارنة في بيروت في مناطق تضم فقط المسلمين السنة والشيعة حيث تصبح عدد من الطوائف تقرر في ممثل طائفة معينة، خلاصة القول أن لبنان ورغم المظاهر التي تبرز للسطح فإنه دولة ثيوقراطية تُحكم من المشيخيات والأديرة وتبقى مرهونة للاعتبارات السياسية لقادة الطوائف بناءا على شعار «الطائفة أولا» ..في لبنان قاتل الجميع الجميع، بل حتى «حزب الله» و«حركة أمل» الممثلين الرئيسيين للطائفة الشيعية وعلى الرغم مما يظهرانه اليوم من تطابق في وجهات النظر، عرفا مواجهات دامية في نهاية الثمانينات لحسم قيادة الطائفة الشيعية في مواجهة بالوكالة عن سوريا وإيران [سوريا كانت تدعم حركة أمل وإيران كانت تدعم حزب الله الذي أنشأته على يمين حركة أمل عندما بدأ نفوذ الشيوعيين يتقوى داخلها]، الطائفة في لبنان تحولت إلى الحضن الأكثر أمانا للبنانيين خاصة مع ويلات الحرب الأهلية التي استمرت من 1975 إلى سنة 1990، ولم يستطع اتفاق الطائف الذي رعاه كل من المغرب والجزائر والسعودية بتكليف من الجامعة العربية، أن يفك معادلة التقاطب الطائفي بل تعاظمت وأدخلت لبنان في لعبة المحاور الإقليمية بل تحولت إلى ساحة لمعارك الآخرين، هذا الواقع جعل ثلثي اللبنانيين خارج لبنان بما يفوق 8 ملايين نسمة وجعل القرار اللبناني خارج بيروت منذ عقود، الطائفة السنية في لبنان تواجه اليوم تحديات كبيرة ، فهي الطائفة الوحيدة التي لم تتورط في الحرب الأهلية بالشكل الذي كانت عليه باقي الطوائف حيث لم يسجل على السنة وجود مليشيات على شاكلة القوات اللبنانية وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي، هذه التحديات تبرز مع القرار الظني المزمع إعلانه من قبل المحكمة الدولية التي أنشأها مجلس الأمن للتحقيق في جريمة إغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري ، والتي تشير كل التقارير إلى كونها سوف توجه الاتهام لعناصر من حزب الله ، هذا الأخير استبق القرار بحملة علاقات عامة واسعة للتحذير من مغبة توجيه الاتهام إليه، وتدخل زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد لبيروت التي وصلها يوم أمس في هذا السياق، السُنة في لبنان لم يُراكموا ما يكفي من الخبرة في الحرب الأهلية، وقد شكل إستعراض القوة على السُنة في بيروت قبل أشهر من طرف عناصر من حزب الله رسالة غير ودية ولا تحمل على الاطمئنان على مصير السُنة الذين يشكلون الأغلبية بين الطوائف الأخرى، الدول التي تدعم تيار المستقبل ممثلة في السعودية ومصر والأردن لم تستطع أن تخلخل معادلة توازن القوة داخل المسلمين في لبنان نتيجة التفوق الإستراتيجي الذي راكمه حزب الله على مستوى التسلح إبان الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، غياب قوى سُنية إقليمية لدعم سُنة لبنان وإمعان حزب الله في استعراض القوة وإستسغار الطائفة السُنية إضافة إلى تراجع دور حركة أمل داخل الطائفة الشيعية والتي تعرف بنوع من الانفتاح على باقي الطوائف والاتزان في المواقف وعدم الارتهان الكلي للأجندة السورية والإيرانية في المنطقة، يُعتبر في السياق اللبناني والإقليمي والدولي دعوة مفتوحة لأسامة بن لادن والقاعدة للتدخل في الشأن اللبناني ...فهل ستستمر دمشق في نفس التوجه باعتبار أنها سوف تكون معنية بتواجد القاعدة على حدودها؟ وهل سوف تسمح إسرائيل لأسامة بن لادن بنصب خيامه في بيروت؟ الخلاصة هي أن السُنة في لبنان لا يمكن أن يبقوا معزولين عن الدعم أيا كان مصدره ..دروس الحرب اللبنانية تقدم لنا كيف تحالف المارونيون مع إسرائيل لمواجهة الفلسطينيين في لبنان، الحرب ليست لها أخلاق ولا مبادئ. [email protected]