جدد جلالة الملك محمد السادس بمناسبة خطابه الافتتاحي للدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة حرصه السامي على تفعيل ورش إصلاح القضاء الذي أطلقه جلالة الملك قبل ثلاث سنوات . و شدد جلالة الملك في هذا الصدد على استقلالية القضاء عن الجهازين ; التشريعي والتنفيذي ، وأكد أنه جزء لا يتجزأ من سلطة الدولة. باعتبار العدالة مؤتمنة على سمو دستور المملكة، وسيادة قوانينها، وحماية حقوق والتزامات المواطنة. وألح جلالة الملك على حسن تنفيذ المخطط الملكي للإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة، ورهنه بالأداء المسؤول للقضاة. ويتأسس التصور الملكي لإصلاح منظومة العدالة على جعل "القضاء في خدمة المواطن"، و ضمان قرب مؤسساته و رجاله من المتقاضين، و تبسيط مساطره وتسريعها ، وضمان نزاهة أحكامها، وحداثة هياكلها، وكفاءة وتجرد قضاتها، وتحفيزها للتنمية، والتزامها بسيادة القانون، في إحقاق الحقوق ورفع المظالم. وبهذه المبادىء يكون جلالة الملك قد سطر خطة طريق شمولية حول إصلاح المنظومة القضائية انطلاقا من الأولويات التي تعزز الإصلاح، وهي ضمانات الاستقلالية، تحديث المنظومة القانونية، التأهيل البشري والإداري والمؤسساتي و ترسيخ التخليق وضمان الفعالية . وقد شكل ورش إصلاح القضاء المغربي محورا أساسيا في البرنامج الحكومي وذلك لما له من دور في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إذ يعتبر من ركائز دولة القانون ومرتكزات التنمية وأداة تحقيق مبدأ الإنصاف. وكان جلالة الملك محمد السادس ، منذ أول خطاب للعرش قد دعا الى ترسيخ دعائم دولة القانون من بين أولويات ورش الإصلاح الشمولي للبلاد، ومنذ ذلك الحين ما فتئ جلالته يؤكد على هذه المسألة في محطات مختلفة باعتبار العدالة الضامن الأكبر للأمن والاستقرار والتلاحم الذي به تكون المواطنة الحقة. وهي مؤثر فاعل في تخليق المجتمع وإشاعة الطمأنينة بين أفراده، وإتاحة فرص التطور الاقتصادي والنمو الاجتماعي وفتح الباب لحياة ديمقراطية صحيحة. وتتجلى الارادة الملكية في إصلاح القضاء وتحديثه تأهيله للإسهام الفعال في المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي الذي تسهر المملكة على تحقيقه وهو ما يبرز مدى المسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتق القضاة أنفسهم في إصلاح الجهاز المؤتمن على العدل الذي يتوقف عليه كسب رهان الديمقراطية والتنمية. لقد أضحى الإصلاح الشامل للقضاء يتصدر قائمة الأوراش الإصلاحية التي تقوم بها البلاد تحت قيادة جلالة الملك و هو يندرج ضمن المجهود الجماعي لاستيعاب التحولات التي يعرفها المغرب و رفع تحدي البناء الديمقراطي و التنمية المستدامة و الحداثة و الاستقرار الاقتصادي و الاجتماعي التي يشكل القضاء الفعال و النزيه شرطا أساسيا لبلوغها .