يلقى مسلسل أسمهان الذي يعرض في العديد من القنوات الفضائية العربية خلال شهر رمضان نجاحا كبيرا لما يتصف به من جودة في الإخراج، وتألق في الأداء، وتميز في الحبكة والسيناريو. لكن يبقى السؤال هو من أين استقى منتجو المسلسل معلوماتهم عن حياة أسمهان وعائلة الأطرش؟ وكيف يمكن تصديق كل ما نراه في المسلسل من أحداث هل هي أحداث واقعية أم نابعة من خيال المؤلف والمخرج؟ هذا هو السؤال الذي يطرح نفسه بشدة عند مشاهدة مسلسل أسمهان حيث نجد تشويها وتعتيما كبيرين للصورة التي يريد المخرج أومؤلف السيناريو تبليغها للمشاهدين خاصة فيما يتعلق بشخصية أسمهان وعلاقتها بعائلتها وبأخيها فؤاد الأطرش ، الذي يظهر لنا بشخصية المستبد الذي كان يعارض دائما ما تفعله أخته، وهذا ما أثار ضجة كبيرة في أوساط عائلة الأطرش المقيمة حاليا في سوريا إذ رفضت عرض المسلسل في القنوات السورية لما فيه من تشويه كبير لصورة هذه العائلة، من خلال شخصية أسمهان المتمردة واللعوبة التي تعيش حياة التفسخ والانحلال لإشباع نزواتها العاطفية المتعددة، وإهانتها الدائمة من طرف أخيها فؤاد الأطرش كشخصية ضعيفة مسالمة ليس عندها أي دور في اتخاذ القرارات، شخصية تعيش بالفن و من أجل الفن فقط دون الاهتمام بما يحصل حولها، فيما تظهر الأم علياء الأطرش كشخصية محورية تجمع كل أبنائها حولها و تحاول حل المشاكل العالقة بينهم. لكن ما القصد من تشويه صورة أسمهان لهذه الدرجة؟ و لماذا تم التركيز على شخصية أسمهان المتمردة الضائعة عوض الاهتمام بشخصية أسمهان الفنانة التي كانت تملك حسا فنيا عاليا لمسناه من خلال رواذعها الغنائية،حتى غدت أسطورة الغناء العربي، وذلك مقارنة بالمسلسلات السابقة التي صورت حياة عمالقة الطرب و الغناء في مصر دون التركيز كثيرا على الجوانب السلبية في حياتهم. ذلك أن المشاهد العربي صدم كثيرا مما شاهده في المسلسل عن حياة أسمهان ،مما يستدعي أن نتساءل عن دور هذه المسلسلات التي تصور لنا حياة فنان ما وما الهدف المنشود من وراء ذلك؟. هل تمجيد وتكريم هذا الفنان أم هي محاولة لتشويه صورته عن طريق إفشاء و كشف حقائق مغلوطة عنه دون التأكد من مصداقيتها. وهذا يستوجب القيام بدراسة شاملة لحياة الفنان، ذلك أنه قبل أن يكون فنانا فهو إنسان يجب أن تبقى كرامته مصانة دون اللعب بها ببراثن الإنتاج التلفزيوني الرمضاني بهدف استقطاب العديد من المشاهدين و خلق بلبلة في الأوساط الفنية.