ذكرت صحيفة «البلاد» الجزائرية والعهدة عليها طبعا أن القائمين بأمر قصر المرادية بالجزائر العاصمة احجموا عن التجاوب مع رغبة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في زيارة الجزائر والاجتماع بمسؤوليها السامين لإطلاعهم على آخر المستجدات المرتبطة بالقضية الفلسطينية في ضوء المفاوضات المباشرة التي انطلقت مؤخرا؛ ولم يوضح المسؤولون الجزائريون أسباب هذا التبرم الذي يعكس الجفاء الكبير في العلاقات الفلسطينيةالجزائرية؛ وهو ما يتضح جليا من غياب الرئيس أبو مازن عن الجزائر لفترة تجاوزت الخمس سنوات. المثير في أسباب هذا الجفاء حسب صحيفة البلاد الجزائرية أن المسؤولين الجزائريين يتهمون قادة السلطة الفلسطينية بتحويل المبالغ المالية التي تبرعت بها الجزائر لدعم القضية الفلسطينية تنفيذا لقرارات القمم العربية المرتبطة بهذا الموضوع إلى حسابات بنكية خاصة في المغرب والتصرف فيها خارج ما هو متفق عليه. طبعا، ما هو ظاهر في هذه القصة الجزائريةالجديدة غير كاف لتبرير ما يحدث، وللملاحظ أن يتساءل كيف يمكن للمسؤولين الفلسطينيين أن يقتطعوا المبالغ الجزائرية من مجموع الدعم الذي يصل إلى السلطة الفلسطينية عبر جامعة الدول العربية ويقومون بتوجيهه إلى حسابات بنكية خاصة في المغرب، سيناريو لايمكن أن تصدقه إلا صحافة غبية أو تلك التي تقدم خدماتها تحت الطلب. جوهر القضية غير هذا تماما، والحقيقة أن السلطات الجزائرية لاتنظر بعين الرضى إلى التفاهم الكبير بين المسؤولين في المغرب وفي السلطة الفلسطينية، ومنزعجة جدا من الخدمات الكبيرة والمهمة التي يسديها بيت مال القدس لفائدة الشعب الفلسطيني، بقيادة جلالة الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس. ويتجلى ذلك في المنشآت العمرانية والاجتماعية التي رأت النور في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة بفضل عمل بيت مال القدس الذي يمول في غالبيته من المغرب سواء من تبرعات المغاربة السخية، أو عبر التبرعات المالية الشخصية التي قدمها جلالة الملك محمد السادس والتي كان لها كبير الأثر في حياة الشعب الفلسطيني، وفي ضوء ذلك كان المسؤولون الجزائريون قد اشترطوا أن يوجه الدعم القليل الذي يقدمونه إلى إنشاء مشاريع لمزاحمة المغرب، وهذا لم يكن بالإمكان تحققه لأسباب كثيرة، أهمها أن الدعم يصل عبر جامعة الدول العربية ضمن المبلغ المالي الاجمالي الذي تقدمه جميع الدول العربية. طبعا، الجزائر لاتساهم بمليم واحد في بيت مال القدس لأسباب نحن نعرفها جيدا. بقيت الإشارة المهمة في هذا الصدد، وهي أن نقترح على حكام الجزائر أن يخصصوا واحداً في الألف من الأموال الطائلة التي يقدمونها بسخاء كبير لتمويل جمهورية الوهم في الصحراء المغربية لفائدة دعم نضال الشعب الفلسطيني، وآنذاك يمكن أن يكون لهذا الدعم أثر إيجابي على حياة شعب فلسطين البطل، ونحن على يقين أن ذلك لن يحدث على الأقل في عهد العسكر، لأن دعم الانفصال في المغرب والجهاد من أجل تشتيت قوة المغرب العربي والعالم العربي أهم عندهم بكثير من دعم نضال الشعب الفلسطيني البطل.