في نفس التوقيت الذي كان فيه مقر وزارة الداخلية المغربية بالرباط يحتضن لقاء مشترك جمع مسؤولين مغاربة كبار بنظرائهم الاسبان للتحضير للاجتماع المرتقب بين وزيري الداخلية بالبلدين الجارين الاثنين المقبل كان قادة الحزب الشعبي الاسباني يتعمدون نصب المزيد من الأشواك و الألغام في طريق أي أفق لتخفيف التوتر بين الرباط و مدريد . فعلى الرغم من أن البلاغ المشترك الصادر عن الاجتماع التحضيري المشترك عبر عن ارتياح الطرفين لجودة علاقات التعاون بين مختلف المصالح المختصة بالبلدين و التي مكنت من بلوغ نتائج مرضية و توجت بتبني مقترحات و محاور للتعاون كفيلة بالرقي بالعمل المشترك بين العاصمتين إلا أن تزامن الاجتماع التحضيري مع الخطوة الاستفزازية المتعمدة التي قام بها رئيس الحكومة الاسبانية السابق خوسي ماريا أثنار الذي حل صبيحة أول أمس الاربعاء بمليلية في زيارة مفاجئة تستمر ليومين حل خلالها بالمعبر الحدودي المكهرب و عبر عن مساندته ودعمه لعناصر الحرس المدني الاسباني بالمدينةالمحتلة . ووصف محللون الخطوة المفاجئة للزعيم السابق لحكومة مدريد و الرئيس الشرفي للحزب الشعبي الاسباني بأنها تندرج ضمن مخطط مدروس لتأجيج الوضع على الحدود مع المغرب وإحراج الحكومة الاشتراكية التي يقودها موراتينوس . وتأتي الزيارة الاستفزازية لأثنار الذي تفيد المعلومات من عين المكان أنه قطع عطلته الصيفية خصيصا للقدوم الى مليلية المحتلة و التعبير عن المساندة لرجال الأمن الاسبان بالمعبر الحدودي في أوج التوتر القائم يوما واحدا بعد زيارة مماثلة لقيادي مركزي آخر بالحزب الشعبي المكلف بالاتصالات غونزالس بونس والذي كان بدوره قد أدلى بتصريحات صحفية "نارية" هاجم فيها بشدة الحكومة الاسبانية بسبب معالجتها " المتساهلة " للوضع على الحدود والذي وصفه ب "عالي التوتر". هذا وقد وصفت الحكومة الاسبانية زيارة اثنار المدعومة من قبل الحزب الشعبي وزعيمه راخوي "بعدم الولاء للحكومة ولاسبانيا" وقال خوسي بلا نكو الرجل الثاني في الحزب الاشتراكي ووزير البنى التحتية "إن وجود اثنار في مليلية "لن يساعد على إيجاد حل للوضع المتوتر بالشريط الحدودي . من جهة أخرى تبنى الحزب الشعبي اليميني احتجاجات صاخبة عبرت عنها نقابة الحرس المدني الاسباني بالمدينة المحتجة على إثر تثبيت فعاليات المجتمع المدني المغربي المحتجة بالمعبر الحدودي منذ أيام ضد الانتهاكات العنصرية لرجال الأمن الاسبان لملصقات تتضمن صورا لشرطيات مليليات متورطات في أحداث عنف طالت مواطنين مغاربة بالمعبر الحدودي . وعبرت الحكومة المحلية بالمدينةالمحتلة عن تنديدها بنشر الصور المذكورة معتبرة إياها تمييزا جنسيا في حق نساء الأمن الاسبان ودعت وزيرة المساواة بحكومة مدريد الى الاحتجاج لدى الخارجية المغربية للمطالبة برفع اللافتات المنددة بالانتهاكات العنصرية الاسبانية و إخلاء مسافة نصف كيلومتر من المنطقة العازلة بالمعبر الحدودي التي إستغلتها الفعاليات المدنية المغربية المحتجة لتثبيت لافتات تطالب بوقف مسلسل الانزلاقات العنصرية ضمانا لكرامة المواطنين المغاربة . الى ذلك أعلنت اللجنة التنسيقية لفعاليات المجتمع المدني المعتصمة ببني انصار رفع الحصار الاقتصادي المفروض على مليبلية المحتلة و السماح لشاحنات تمويل المدينةالمحتلة بالمواد الغدائية الأساسية بالمرور خلال شهر رمضان نزولا عند ملتمس عبرت عنه تمثيليات الساكنة المسلمة بالمدينةالمحتلة . و في موضوع ذي صلة أوردت صحيفة "أ.ب.ث" الاسبانية أن وزير الداخلية الفريدو بريث روبالكابا "طلب من الحزب الشعبي عدم زيارة الحدود من اجل منع تفاقم الأزمة". و أكدت مصادر متواترة أن صقور الحزب الشعبي الذين يتعمدون لأغراض إنتخابية محضة تأجيج الأوضاع و إفشال مساعي الحكومة الاشتراكية لتفادي أزمة ديبلوماسية جديدة مع الرباط طالببوا من وزير الداخلية الاسباني زيارة مليلية والاستماع الى سلطتها الأمنية قبل التوجه الى الرباط الاثنين المقبل للتباحث مع نظيره المغربي في سبل تسوية الملفات الأمنية العالقة التي أدت الى تأزم الأوضاع مرة أخرى بالمعبر الحدودي . وتفيد آخر المعطيات الواردة من عين المكان أن الأجواء مرشحة للتصعيد في أي لحظة عقب الخطوة الاستفزازية لليميني أثنار الذي ما زالت طريقة تعامله المتعجرفة مع حادث جزيرة ليلى المغربية قبل سنوات ماثلة في الذاكرة المغربية , خاصة و أن أثنار لم يقم طيلة فترة رئاسته للحكومة الاسبانية بأي زيارة رسمية لمليلية المحتلة و هو ما يعكس النية التصعيدية لخطوته الجديدة غير محسوبة العواقب .