... لأول مرة منذ تسعة أشهر تذوق جمهور كرة القدم المغربي طعم الفرحة بفوز منتخبه الوطني الأول على نظيره من غينيا الاستوائية بهدفين مقابل واحد في المباراة الودية التي جمعتهما مساء يوم الأربعاء بملعب مجمع الأمير مولاي عبد الله بالرباط، زارعا فيه بصيصا من الأمل لاستعادة بعضا من أمجاده الغابرة. ورغم أن المباراة التي قادها الحكم الجزائري جمال حيمودي بمساعدة مواطنيه الطاهر بلعيد وعبد الحق الشيالي، لم ترق إلى مستوى أن تكون مقياسا حقيقيا لمدى جاهزية أسود الأطلس لكسب رهان التأهل إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا2012 التي ستقام في غينيا الاستوائية والغابون، على اعتبار التشكيلة التي اعتمدها مساعد المدرب دومينيك كوبيرلي تتخللها بعض العناصر التي أثبتت أن مدة صلاحيتها قد انتهت مع المنتخب ولم يعد لها مكان فيه، وأيضا لغياب المدرب الرسمي البلجيكي إيريك غيريتس الملتزم حاليا مع فريق الهلال السعودي.. (رغم ذلك) فقد خرجت الجماهير التي عاينت المباراة في الملعب شبه راضية عن أداء الأسود خصوصا في الشوط الثاني الذي دانت فيه السيطرة كاملة إلى زملاء العميد الجديد مروان الشماخ .. والدليل في ذلك انه بعد انتهاء اللقاء تجمهرت جحافل كبيرة من الجمهور وأحاطت بالحافلة التي أقلت اللاعبين سعيا منها لالتقاط صور تذكارية معهم، كما أن التصفيق رافق اللاعبين منذ صعودهم الحافلة حتى مغادرتهم مجمع الأمير مولاي عبد الله. وإذا كان من الطبيعي أن يغيب الانسجام بين اللاعبين بحكم التجمع القصير الذي لم يدم أكثر من ثلاثة أيام، فالحق يقال أن روحا جديدة انبعثت من داخل المنتخب الوطني ولاحت في الأفق بوادر بداية صفحة جديدة نتمناها ناصعة تكلل بالتأهل إلى المونديال الإفريقي القادم سنة 2012 ، ذلك أن الوجه العام الذي ظهر به الفريق يبشر بكل خير إذ رأينا كيف أن اللاعبين صنعوا بعض الجمل التكتيكية المفيدة التي غابت عن الفريق منذ أزيد من تسعة أشهر أي منذ الإقصاء المذل من تصفيات كأسي العالم وإفريقيا 2010 في جنوب إفريقيا و أنغولا.. كما أن مساعد المدرب كوبرلي ابان عن حنكة لا باس بها في قيادة اللاعبين من خلال التغييرات التي أقدم عليها في الشوط الثاني والتي اثمرت هدفي الفوز بواسطة اللاعب يوسف حجي. وبالعودة إلى أطوار المقابلة فقد كان منتخب غينيا الاستوائية سباقا إلى التسجيل بواسطة أنسيلمو إيغي في الدقيقة 38 من تسديدة قوية من خارج المربع لم يقو الحارس نادر لمياغري على التصدي لها، هذا الأخير طرحت عدة تساؤلات سواء بين الصحافيين أو بعض المتتبعين حول سبب اعتماده أساسيا في هذا اللقاء وهو لم يخض أي مباراة منذ ثلاثة أشهر تقريبا ، عكس زميله في الوداد والمنتخب كريم فكروش الذي شارك في دوري أفريكا كاب المنظم من طرف الوداد وحصوله على جائزة أحسن لاعب في دوري أبها الدولي في السعودية، ولم يتم اعتماده في هذه المباراة !! وعرف الشوط الأول هدوءا كبيرا في أداء المنتخبين مع محاولة من الأسود على فرض سيطرتهم لكن كانت هذه السيطرة بدون نجاعة خصوصا مع تقوقع اللاعبين الغينيين في منطقتهم وإجادتهم للخطة الدفاعية الشيء الذي حد من فاعلية المهاجمين المغاربة وجعلهم يكتفون بتمرير الكرات طولا وعرضا دون أن تجد طريقها إلى الشباك.. ويعاب على اللاعبين المغاربة في الشوط الأول إغراقهم في اللعب الاستعراضي عن طريق المراوغات الزائدة وإبداء بعض المهارات الفنية الفردية التي لا تسمن ولا تغني من جوع ناهيك عن بعض الهفوات في بعض الخطوط كالجهة اليسرى التي شغلها اللاعب المهدوفي والتي شكلت طريقا سيارا «تسوق» منه اللاعبون الغينيون بالإضافة إلى العرض الباهت الذي قدمه كل من عادل هرماش ونبيل الزهر. وتبقى أبرز الفرص التي أتيحت للعناصر الوطنية في الشوط الأول تلك التي أضاعها كل من مبارك بوصوفة وكريتيان بصير وتاعرابت.. أما الشماخ فرغم خطورته ووزنه الثقيل في خط الهجوم إلا أنه لم يكن موفقا في هذه المباراة. وخلال الشوط الثاني بدا المنتخب المغربي أكثر تنظيما خصوصا بعد التبديلين اللذين قام بهما المدرب المساعد كوبيرلي بإشراك كل من سفيان العلودي ويوسف حجي مكان كل من نبيل الزهر وعادل تاعرابت.. وسيطر الأسود سيطرة مطلقة على مجريات اللعب ساعدهم فيها التراجع الكلي للاعبين الغينيين وبالأخص طرد اللاعب جوفتال إدجوغو في الدقيقة 51 بعد خشونته الواضحة في حق اللاعبين بنعطية والأحمدي. وأثمر الضغط الكلي للعناصر الوطنية عن هدف التعادل في الدقيقة 65 بواسطة اللاعب يوسف حجي من كرة تلقاها من ضربة زاوية وزعها له برأسه سفيان العلودي.. ثم أضاف حجي هدفا ثانيا في الدقيقة 78 من تمريرة تلقاها مرة أخرى من رجل العائد العلودي. ومع الاطمئنان إلى نتيجة الفوز ومواصلة تراجع لاعبي غينيا الاستوائية وتقوقعهم في منطقة عملياتهم عمد دومينيك كوبيرلي إلى إجراء تبديلات جديدة مانحا الفرصة لكل من نبيل باها وعصام الراقي والكروشي لإبداء مؤهلاتهم وكذا لإراحة اللاعبين الآخرين مروان الشماخ والأحمدي وبنعطية، هذا الأخير أكد أحقيته في قيادة خط الدفاع المغربي وقد يشكل خليفة جيدة للعميد السابق نور الدين النيبت. ومن شأن العرض الذي قدمه الأسود في مباراة أمسية الأربعاء أن يعطي صورة واضحة للمدرب غيريتس ومساعده كوبيرلي عن اللاعبين الذين يمكن الاعتماد عليهم في المباريات الرسمية المقبلة علما أن عملا كبيرا ينتظر الطاقم التقني الوطني لإيجاد التوليفة المناسبة القادرة على انتزاع بطاقة التأهل لنهائيات أمم إفريقيا عن المجموعة الرابعة التي تضم أيضا منتخبات الجزائر وتانزانيا و جمهورية إفريقيا الوسطى والبداية ستكون بتحقيق الفوز على هذا الأخير في أولى المباريات الرسمية التي ستجرى أحد يومي 4 أو 5 شتنبر المقبل بالرباط.. للإشارة تعود آخر مباراة رسمية خاضها الأسود إلى يوم 14 نونبر من السنة الماضية و كان خسرها بهدفين نظيفين أمام منتخب الكاميرون بفاس برسم الإقصائيات المزدوجة المؤهلة إلى نهائيات كأسي العالم وإفريقيا للأمم 2010. دومنيك كوبرلي (المدرب المساعد للمنتخب المغربي): استخلصنا العديد من الدروس في المباراة وعمل كبير ما زال ينتظرنا أكد المدرب المساعد للمنتخب المغربي دومنيك كوبرلي أنه تم استخلاص العديد من الدروس من مواجهة منتخب غينيا الاستوائية.. وقال كوبيرلي في الندوة الصحافية بعد المباراة: « استخلصنا العديد من الدروس من هذه المباراة خصوصا منها أن الفريق عندما يواجه فريقا منظما دفاعيا عليه أن يجد الحلول المناسبة لاختراق هذا الدفاع وأيضا البحث عن التهديف.. مع الأخذ بعين الاعتبار عدم الوقوع في فخ المرتدات الهجومية للمنافس». واضاف « المنتخب المغربي لم يخض أي مباراة منذ ثمانية أشهر. لقد أنجزنا عملا كبيرا خلال المعسكر التدريبي بالمعمورة توج بهذا اللقاء الهام الذي سيخدم كثيرا المجموعة. خلال المباراة أتيحت لنا العديد من الفرص لكننا تفاجأنا بهدف للخصم جاء من محاولة وحيدة في المواجهة بأكملها. أثناء محاولتنا إدراك التعادل اصطدمنا بدفاع صلب من الصعب اختراقه لكن وبقليل من الصبر تمكنا من العودة إلى المباراة ونجحنا في التسجيل في مناسبتين. سنواصل عملنا ونرى مدى تقدم النخبة الوطنية شخصيا وبصفتي مساعدا للمدرب اضطلع بمهمتي في انتظار وصول الناخب الوطني إريك غيريتس . يجب وضع الثقة في هذه المجموعة». خلال المباراة الرسمية القادمة للإقصائيات الإفريقية قد تكون هناك بعض التغييرات وسيكون أمامنا متسع من الوقت للاستعداد بشكل جيد . المجموعة الرابعة يتواجد بها خصوم كبار ونحن نتابع استعداداتهم ولا يجب الاستهانة بأي منتخب. كارلوس ديارتي (مدرب منتخب غينيا الاستوائية) : قدمنا أداء جيدا رغم أن المنتخب المغربي أفضل منا بكثير اعترف مدرب منتخب غينيا الاستوائية الباراغوياني كارلوس ديارتي بأحقية فوز المنتخب المغربي في المباراة الودية لمساء يوم الأربعاء.. وقال في الندوة الصحافية التي أعقبت اللقاء إن المنتخب المغربي أفضل بكثير من نظيره الغيني بتوفره على لاعبين متميزين بمهاراتهم الفنية والبدنية ومعروفين خصوصا على الصعيد الأوروبي. وأضاف أن فريقه قدم أداء محترما ووقف ندا للمنتخب المغربي في الشوط الأول قبل أن يتراجع في الشوط الثاني بعد طرد لاعبه جوفتال. وقال أيضا أن فريقه مازال شابا خصوصا منهم الذين خاضوا المباراة مؤكدا أن غياب ثلاثة أو أربعة لاعبين أساسيين وأيضا الاستعداد غير الكافي أثرا على مردود فريقه. وختم كارلوس ديارتي تصريحه بالقول إنه الآن يهيئ فريقا في أفق المشاركة في كأس إفريقيا للأمم 2012 التي ستحتضنها غينيا الاستوائية إلى جانب الغابون وأنه سيعمل على تجريب أكبر عدد ممكن من اللاعبين المحليين وسيستمر في خوض لقاءات ودية حتى يكون المنتخب في أتم الاستعداد لخوض النهائيات الإفريقية.