أضحت المدن والقرى الشمالية للمملكة قبلة ومستقراً للعديد من الأسر والعائلات الإسبانية (خاصة الأندلسية والكاطالانية والقشتالية) التي وجدت في سواحل المتوسط والأطلسي الممتدة من السعيدية شرقاً إلى العرائش غرباً والبالغة مسافتها حوالي 800 كيلومتر، وكذلك مناطقها الجبلية المطلة على البحر، وأحيائها العتيقة، أماكن مفضلة للاستقرار والعيش، ومقاسمة السكان المحليين حياتهم ومعيشتهم وتقاليدهم ومواسمهم وأفراحهم وأحزانهم. وحسب بعض المعطيات الرقمية والإحصائيات المنجزة، فإن حوالي 700 أسرة إسبانية الجنسية تقطن في مدن الشمال (طنجة، تطوان، الناظور، الحسيمة، أصيلا، العرائش، شفشاون) ومن ضمن سبعمائة أسرة إسبانية الجنسية تقطن في مدن الشمال، هناك أكثر من نصف العدد ينحدرون من مدينتي سبتة ومليلية السليبتين، وغالبية هذه الأسر تتكلم وتتحدث اللغة الدارجة المغربية، ومنسجمة تمام الانسجام مع محيطها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والفني والرياضي. وحسب بعض المصادر المطلعة فإن غالبية الإسبان الذين يستقرون بالمغرب، ينجذبون لطبيعته ولسواحله خصوصاً خلال فترة الصيف التي تتميز بانتعاش الحركة السياحية وباستقطاب كبير للسياح الأجانب . تبقى الإشارة في الختام إلى أن سوق العقار بمدن الشمال يعرف ارتفاعاً ملحوظاً خاصة بمدنه العتيقة التي تعرف إقبالاً من طرف الأجانب الذين يستهويهم الفن المعماري الأصيل والبناء الأندلسي العتيق. ويذكر أن الجالية الاسبانية بمدن الشمال كانت كبيرة جدا قبل حوالي ثلاثين سنة حيث كانوا يستقرون هناك للعمل، لكن بعد نجاح الانتقال الديمقراطي في شبه الجزيرة الايبيرية عادوا إلى وطنهم. وها هم يعودون اليوم للاستقرار لكن هذه المرة بدواعي وأسباب مختلفة عن الماضي.