جعل الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش من توطيد الصرح الديمقراطي بالمملكة أحد الاختيارات الصائبة والناجعة التي تأسست عليه الدعامات الأساسية التي طبعت مسيرة القيادة الملكية السديدة خلال العشرية الأخيرة وأهلت المغرب لقطع أشواط متقدمة في مشوار النموذج التنموي الديمقراطي المتميز والهادف لتحقيق تنمية متناسقة ونمو اقتصادي متسارع يعزز التضامن الاجتماعي ويحقق تنمية مستدامة بنهج الحكامة الجيدة. وذكر جلالة الملك أن المغرب ما فتىء يعمل جاهدا وبمسؤولية ونضج لترسيخ دولة القانون، واعتماد إصلاحات حقوقية ومؤسسية عميقة، وتوسيع فضاء الحريات، والممارسة السياسية الناجعة، القائمة على القرب والمشاركة: وشدد جلالة الملك على ضرورة جعل المواطن في صلب عملية التنمية. وهو ما جسدته المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي حققت على مدى خمس سنوات، نتائج ملموسة في محاربة الفقر والإقصاء والتهميش; وهي النتائج التي تحفز على مواصلة تطوير برامجها بالوقوف الميداني والتقويم والتعميم، لتشمل كافة المناطق والفئات المعوزة. وجدد جلالة الملك التنبيه ألى أن الغاية من الأوراش التنموية التي تشهدها مختلف مناطق المملكة لا يجب أن تنحصر فقط لتحفيز الاستثمار ودفع المبادرة الحرة; بل يجب وهذا هو المهم والأساسي أن يشمل تأثيرها الإيجابي تحسين ظروف عيش المواطنين، خاصة المعوزين منهم، وتوفير فرص الشغل للشباب. وشدد جلالة الملك على أن المكاسب السياسية المحققة على أهميتها، ستظل شكلية، ما لم تقترن بالنهوض بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمواطن، وتوطد عرى التضامن بين الشرائح الاجتماعية وجعلها محورا للسياسات العمومية وهو ما سيسهم في تضييق هوة الشروخ الاجتماعية والطبقية. ولم يفت جلالة الملك وهو يتوقف من خلال خطاب العرش عند حصيلة سنة من مسيرة المغرب في مختلف المجالات ويعدد المعيقات والتحديات الواجب التصدي لها لمواصلة مشوار النمو والرقي أن ينوه بالعبقرية الخلاقة للشعب المغربي، وبروح الغيرة الوطنية والمسؤولية العالية لكافة فئاته; ومشاعر الاعتزاز بأفراد جاليتنا المغربية المقيمة بالخارج، لتشبثهم القوي بوطنهم وإقبالهم المتزايد على صلة الرحم بأهلهم وببلدهم، رغم تداعيات الأزمة على بلدان إقامتهم وكذا لانخراطهم الفاعل في تقدمه وفي الدفاع عن قضاياه ومصالحه العليا. وجدد جلالة الملك في هذا الاطار حرصه على حث المغاربة على العمل الجماعي بكل طموح وثقة لاستكمال بناء مغرب الوحدة والديمقراطية والتنمية. بما يقتضيه هذا التحدي من الإرادة الحازمة ، والتلاحم المتين بين العرش والشعب، الذي شكل عبر تاريخنا الوطني، مصدر قوة لرفع التحديات.