الأزمي: لشكر "بغا يدخل للحكومة على ظهرنا" بدعوته لملتمس رقابة في مجلس النواب    أخبار الساحة    الدار البيضاء.. توقيف المتورط في ارتكاب جريمة الإيذاء العمدي عن طريق الدهس بالسيارة    تقديم «أنطولوجيا الزجل المغربي المعاصر» بالرباط    أجماع يعرض جديد حروفياته بمدينة خنيفرة        تقديم العروض لصفقات بنك المغرب.. الصيغة الإلكترونية إلزامية ابتداء من فاتح يناير 2025    أطباء القطاع العام يخوضون إضرابا وطنيا لثلاثة أيام مع أسبوع غضب    في الحاجة إلى تفكيك المفاهيم المؤسسة لأطروحة انفصال الصحراء -الجزء الثاني-    بووانو: حضور وفد "اسرائيلي" ل"الأممية الاشتراكية" بالمغرب "قلة حياء" واستفزاز غير مقبول        بمناسبة رأس السنة الأمازيغية.. جمهور العاصمة على موعد مع ليلة إيقاعات الأطلس المتوسط    فيديو "مريضة على نعش" يثير الاستياء في مواقع التواصل الاجتماعي    الكرملين يكشف حقيقة طلب أسماء الأسد الطلاق ومغادرة روسيا    المغرب-الاتحاد الأوروبي.. مرحلة مفصلية لشراكة استراتيجية مرجعية    الجزائريون يبحثون عن متنفس في أنحاء الغرب التونسي    نيسان تراهن على توحيد الجهود مع هوندا وميتسوبيشي    محمد صلاح: لا يوجد أي جديد بشأن مُستقبلي    تعيين مدرب نيجيري لتدريب الدفاع الحسني الجديدي لكرة الطائرة    سوس ماسة… اختيار 35 مشروعًا صغيرًا ومتوسطًا لدعم مشاريع ذكية    النفط يرتفع مدعوما بآمال تيسير السياسة النقدية الأمريكية    أسعار اللحوم الحمراء تحلق في السماء!    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين    غضب في الجارة الجنوبية بعد توغل الجيش الجزائري داخل الأراضي الموريتانية    نادي قضاة المغرب…تعزيز استقلال القضاء ودعم النجاعة القضائية        بنما تطالب دونالد ترامب بالاحترام    "سونيك ذي هيدجهوغ 3" يتصدر ترتيب شباك التذاكر    تواشجات المدرسة.. الكتابة.. الأسرة/ الأب    تولي إيلون ماسك لمنصب سياسي يُثير شُبهة تضارب المصالح بالولايات المتحدة الأمريكية    أبرز توصيات المشاركين في المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بطنجة    تنظيم كأس العالم 2030 رافعة قوية نحو المجد المغربي.. بقلم / / عبده حقي    شكاية ضد منتحل صفة يفرض إتاوات على تجار سوق الجملة بالبيضاء    تصنيف التنافسية المستدامة يضع المغرب على رأس دول المغرب العربي    إعلامية فرنسية تتعرض لتنمر الجزائريين بسبب ارتدائها القفطان المغربي    إدريس الروخ يكتب: الممثل والوضع الاعتباري    السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان    شركة Apple تضيف المغرب إلى خدمة "Look Around" في تطبيق آبل مابس.. نحو تحسين السياحة والتنقل    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا        الموساد يعلق على "خداع حزب الله"    اختتام أشغال الدورة ال10 العادية للجنة الفنية المعنية بالعدالة والشؤون القانونية واعتماد تقريرها من قبل وزراء العدل في الاتحاد الإفريقي    شركات الطيران ليست مستعدة للاستغناء عن "الكيروسين"    أنشيلوتي يشيد بأداء مبابي ضد إشبيلية:"أحيانًا أكون على حق وفترة تكيف مبابي مع ريال قد انتهت"    معهد "بروميثيوس" يدعو مندوبية التخطيط إلى تحديث البيانات المتعلقة بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة على على منصتها    كيوسك الإثنين | إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار    مواجهة نوبات الهلع .. استراتيجية الإلهاء ترافق الاستشفاء    إنقاذ مواطن فرنسي علق بحافة مقلع مهجور نواحي أكادير    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نص الخطاب السامي الذي وجهه جلالة الملك إلى الأمة بمناسبة عيد العرش
نشر في طنجة نيوز يوم 30 - 07 - 2010

وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس, اليوم الجمعة, خطابا ساميا إلى الأمة بمناسبة الذكرى الحادية عشرة لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين.
وفي ما يلي نص الخطاب الملكي السامي :
" الحمد لله, والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
شعبي العزيز,
نخلد اليوم, الذكرى الحادية عشرة لاعتلائنا العرش. وهي مناسبة مجيدة لتجديد أواصر البيعة المتبادلة, والإجماع الوطيد على ثوابت المغرب, في وحدة الوطن والتراب والهوية; وعلى مقدسات الأمة, التي نحن, كأمير للمؤمنين, لها ضامنون; عقيدة إسلامية سمحة, بخصوصيتها المغربية, القائمة على المذهب السني المالكي, والاحترام المتبادل بين الأديان السماوية, والانفتاح على الحضارات.
وقد ارتأينا أن نكرس خطابنا لهذه السنة, للوقوف الموضوعي, على ما قطعناه من أشواط متقدمة; وما يتعين إزاحته من معيقات, ورفعه من تحديات; لاستكمال مقومات النموذج التنموي الديمقراطي, الذي أردناه مغربيا متميزا. عماده تنمية متناسقة, مرتكزة على نمو اقتصادي متسارع, يعزز التضامن الاجتماعي; وقوامه تنمية مستدامة, تراعي مستلزمات الحفاظ على البيئة ومنهجه الحكامة الجيدة.
ومن هذا المنطلق, أقدمنا, منذ تولينا أمانة قيادتك, على انتهاج تحول نوعي في مسارنا التنموي; باعتماد اختيارات صائبة وناجعة تقوم على أربع دعامات أساسية :
أولاها : قيام الدولة, تحت قيادتنا, بدورها الاستراتيجي في تحديد الاختيارات الأساسية, والنهوض بالأوراش الكبرى والتحفيز والتنظيم وتشجيع المبادرة الحرة والانفتاح الاقتصادي المضبوط.
أما الدعامة الثانية فهي توطيد الصرح الديمقراطي; إذ ما فتئنا نعمل على ترسيخ دولة القانون, واعتماد إصلاحات حقوقية ومؤسسية عميقة, وتوسيع فضاء الحريات, والممارسة السياسية الناجعة, القائمة على القرب والمشاركة.
بيد أن هذه المكاسب السياسية, على أهميتها, ستظل شكلية, ما لم تقترن بالنهوض بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لمواطنينا, وبتوطيد التضامن; وجعلهما محورا للسياسات العمومية.
ومن هنا تبرز ضرورة الدعامة الثالثة, القائمة على جعل المواطن في صلب عملية التنمية. وهو ما جسدناه في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية, التي حققت على مدى خمس سنوات, نتائج ملموسة في محاربة الفقر والإقصاء والتهميش; وذلك ما يحفزنا على مواصلة تطوير برامجها بالوقوف الميداني والتقويم والتعميم, لتشمل كافة المناطق والفئات المعوزة.
أما الدعامة الرابعة, فهي تمكين الاقتصاد الوطني, من مقومات التأهيل والإقلاع, بتوفير التجهيزات الهيكلية, واعتماد مخططات طموحة, أخذت تعطي ثمارها الملموسة, على المستويات الاستراتيجية, والقطاعية والاجتماعية.
فعلى المستوى الاستراتيجي, أتاحت هذه التجهيزات والمخططات, تحديث اقتصادنا, والرفع من إنتاجيته وتنافسيته, ومن حجم الاستثمار العمومي, وإقامة أقطاب للتنمية الجهوية المندمجة.
كما مكنت بلادنا, من إطار قار وواضح للتنمية الاقتصادية, ومن الصمود في وجه تداعيات الأزمة المالية العالمية; فضلا عن ترسيخ موقع المغرب, كوجهة محفزة للاستثمارات المنتجة, ومحور أساسي للمبادلات التجارية, الجهوية والعالمية.
وبنفس الإرادة والطموح, فإننا عازمون على مواصلة إنجاز التجهيزات الكبرى, بكل مناطق المملكة; تعزيزا للتقدم الذي حققه المغرب, في مجالات توسيع شبكات ومحطات النقل والمواصلات, وإقامة مناطق حرة, وأقطاب صناعية مندمجة, وإنجاز مركبات مينائية كبرى, وفي صدارتها مركب طنجة-المتوسط, الذي جعلنا منه, في ظرف وجيز, قطبا استراتيجيا, صناعيا وتجاريا واستثماريا, يحظى بثقة شركائنا.
أما على المستوى القطاعي, فإننا نحث الحكومة والبرلمان, وكافة الفاعلين, على مضاعفة الجهود للتطبيق الأمثل لكل الاستراتيجيات التنموية.
ففيما يخص الفلاحة, فإننا إذ نحمد الله تعالى, على ما من به على بلادنا من أمطار الخير, جعلتنا نحقق موسما زراعيا جيدا, نؤكد عنايتنا بالعالم القروي, بدعم مواصلة إنجاز مخطط المغرب الأخضر, ضمن منظورنا التضامني والبيئي والمجالي. هذا المنظور الهادف إلى تنمية مناطق الواحات, بتوسيع المساحات المغروسة بالنخيل, والمحافظة على رصيدنا النباتي والغابوي, ولاسيما شجرة الأركان; باعتبارها ثروة فلاحية مغربية أصيلة, ومن مقومات منظومتنا الإيكولوجية.
أما قطاع الصيد البحري, فإن نظرتنا المستقبلية لتطويره, ترتكز على جعل الاستثمار في تربية الأسماك محورا لمخطط "أليوتيس"; وموردا جديدا, يعزز تحديث وعقلنة استغلال ثرواتنا السمكية.
وفي ما يتعلق بالسياحة, فإن النقلة النوعية, لتفعيل رؤية 2010, ولاسيما بارتفاع عدد السياح إلى أزيد من تسعة ملايين وافد, تشكل خير محفز للانخراط في الرؤية الجديدة للعشرية القادمة 2010-2020.
وبنفس روح المبادرة, يجب الدفع بمخطط "إقلاع", بالإقدام على صناعات ومهن جديدة, ذات صبغة عالمية; بموازاة مع تسهيل إحداث المقاولات, وخاصة منها الصغرى والمتوسطة.
أما قطاع السكن, فإن المجهود التحفيزي الكبير, الذي تبذله الدولة, يتطلب انخراط كافة الفاعلين, والتزام السلطات الحكومية المعنية, بالحزم والفعالية, والتطبيق الصارم للقانون, وتركيز جهودها لتحقيق ما نتوخاه, من تمكين ذوي الدخل المحدود, وقاطني الأحياء الصفيحية, من الحصول على سكن اجتماعي لائق, وفق برامج مضبوطة.
وتظل غايتنا المثلى من الأوراش التنموية, ليس فقط تحفيز الاستثمار والمبادرة الحرة; وإنما بالأساس, تأثيرها الإيجابي على تحسين ظروف العيش لمواطنينا, خاصة المعوزين منهم, وتوفير فرص الشغل للشباب.
شعبي العزيز,
إن النتائج المشجعة, التي بلغتها المخططات القطاعية, لا ينبغي أن تحجب عنا كونها ستظل محدودة النجاعة, بدون إزاحة ثلاثة عوائق رئيسية. وفي مقدمتها ضعف التنافسية; مؤكدين على ضرورة التفعيل الأمثل للاستراتيجية الوطنية للمناطق اللوجستيكية.
أما العائق الثاني, فيتعلق باختلال تناسق حكامة هذه المخططات, الذي يجب إزاحته باعتماد الآليات اللازمة لتفاعلها; ضمن منظور استراتيجي مندمج; لا مجال معه للنظرة القطاعية الضيقة.
ويظل العائق الثالث, بل التحدي الأكبر, هو تأهيل الموارد البشرية. وهنا تجب المصارحة بأنه من مسؤولية الجميع, الإقدام على اتخاذ قرارات شجاعة, لتحقيق الملاءمة بين التكوين العلمي والمهني والتقني, وبين مستلزمات الاقتصاد العصري, وتشجيع البحث العلمي والابتكار, والانخراط في اقتصاد ومجتمع المعرفة والاتصال.
وبدون ذلك, فإن النظام التعليمي, الذي طالما واجه عراقيل ديماغوجية, حالت دون تفعيل الإصلاحات البناءة, سيظل يستنزف طاقات الدولة, ومواهب الفئات الشعبية, في أنماط عقيمة من التعليم, تنذر بجعل رصيدنا البشري عائقا للتنمية, بدل أن يكون قاطرة لها.
شعبي العزيز,
مهما بلغ نموذجنا التنموي من تطور, فإنه يتعين على الجميع, خاصة في سياق الأزمة العالمية, مضاعفة التعبئة واليقظة, والاستباق والمبادرة, لتحقيق طموحنا الكبير, للارتقاء بالمغرب إلى المكانة الجديرة به, في مصاف الدول المتقدمة. وهو ما يجعلنا أكثر عزما على تمكين بلادنا من مقومات تنموية ومؤسسية جديدة; كفيلة بتحقيق نقلة حاسمة, نحو الانخراط الإيجابي في العولمة, وفي المسار الجديد للتنمية البيئية الخضراء, وكسب رهانات الحكامة الجيدة, وتوسيع الطبقة الوسطى.
ولن يتأتى ذلك إلا بمواصلة الإصلاحات, والانخراط في التوجهات الأربعة التالية :
أولها : النهوض بالتنمية المستدامة, وفي صلبها المسألة البيئية; باعتبارها قوام النمو الأخضر والاقتصاد الجديد; بما يفتحه من آفاق واسعة, لانبثاق أنشطة مبتكرة, واعدة بالتشغيل.
ومن هنا, ندعو الحكومة لتجسيد التوجهات الكبرى للحوار الواسع, بشأن إعداد ميثاق وطني لحماية البيئة والتنمية المستدامة, في خطة عمل مندمجة, بأهداف مضبوطة, وقابلة للإنجاز في كل القطاعات.
وبموازاة ذلك, نحث الحكومة على بلورة هذا الميثاق في مشروع قانون-إطار, نريده مرجعا للسياسات العمومية لبلادنا.
وفي هذا الصدد, ينبغي الانخراط القوي في تنفيذ استراتيجية النجاعة الطاقية, لاسيما الطاقات المتجددة والنظيفة; وذلك بمواصلة الاستغلال الأمثل للطاقة الريحية, وتعميم محطاتها على كل المناطق الملائمة ببلادنا.
وفي نفس السياق, يتعين الإقلاع القوي بمشروعنا الكبير, لإنتاج الطاقة الشمسية, الذي رصدنا له وكالة مختصة, واستثمارات ضخمة; داعين لمضاعفة الجهود, لجلب شراكات مثمرة, لإنجاز هذا المشروع الرائد عالميا.
كما يجب استثمار المكاسب المشهود بها للمغرب, في مجال السدود, وتعزيزها بسياسة جديدة للماء, تقوم على تعبئة موارده, وعقلنة استعمالها.
أما التوجه الثاني, فهو رفع تحديات الانفتاح والتنافسية, وذلك بالإقدام على الإصلاحات الضرورية, لإعادة هيكلة القطاعات, التي أبانت الأزمة العالمية عن محدوديتها; والاستفادة من بوادر انتعاش الاقتصاد العالمي.
كما يجب الحفاظ على التوازنات الاقتصادية الأساسية, وترشيد الإنفاق العمومي, وتحديث الإطار القانوني المحفز في مجال الأعمال; وكذا حسن استثمار مصداقية القطاع البنكي والمالي الوطني, والثقة التي يحظى بها المغرب كقطب لحركة رؤوس الأموال, والاستثمارات العالمية.
ويتعلق التوجه الثالث, بتوطيد الحكامة الجيدة; التي نحن عازمون على مواصلة إنجاز ما تقتضيه من إصلاحات تنموية ومؤسسية وسياسية. وفي صدارتها الجهوية الموسعة; التي لا نعتبرها فقط نمطا جديدا للحكامة الترابية, وإنما هي في العمق, إصلاح وتحديث لهياكل الدولة.
وبموازاة مع انشغالنا البالغ بإصلاح القضاء, عماد سيادة القانون, ليأخذ وجهته الصحيحة, وفق جدولة مضبوطة; فإننا حريصون على حسن انطلاق المجلس الاقتصادي والاجتماعي, ليساهم في توطيد الحكامة التنموية الجيدة.
أما التوجه الرابع, فهو تركيز السياسات العمومية على توسيع قاعدة الطبقة الوسطى; باعتبارها ركيزة للتوازن الاجتماعي والتنمية والتحديث.
شعبي العزيز,
إن ترسيخ مكانة المغرب, وإشعاعه الجهوي والدولي, يقتضي تعميق التكامل بين السياستين الداخلية والخارجية, ومواصلة انتهاج دبلوماسية فعالة, لتمتين انفتاح بلادنا على محيطها, خدمة لمصالحها العليا.
واعتبارا لانتمائه المتعدد, فإن المغرب يعطي الأسبقية في علاقاته الخارجية, لجواره ولمحيطه القريب والمتنوع; عاملا على جعل رهاناته المتعددة, فرصا حقيقية, يتعين استثمارها, لخدمة المصالح الجوهرية لكل شعوب المنطقة.
وإذ نعتبر الاندماج المغاربي تطلعا شعبيا عميقا, وضرورة استراتيجية وأمنية ملحة, وحتمية اقتصادية, يفرضها عصر التكتلات; فإننا حريصون على مواصلة التشاور والتنسيق, لتعميق علاقاتنا الثنائية مع الدول المغاربية الشقيقة. وذلك في انتظار أن تتخلى الجزائر, عن معاكسة منطق التاريخ والجغرافيا والمشروعية, بشأن قضية الصحراء المغربية, وعن التمادي في مناوراتها اليائسة, لنسف الدينامية, التي أطلقتها مبادرتنا للحكم الذاتي لأقاليمنا الجنوبية.
هذه المبادرة المقدامة التي تظل مقترحا واقعيا, يتسم بروح الابتكار والتوافق, لإيجاد حل نهائي لهذا النزاع الإقليمي, في نطاق منظمة الأمم المتحدة; مؤكدين استعداد المغرب, لمواصلة دعم جهود المنظمة الأممية, وأمينها العام, ومبعوثه الشخصي.
وفي جميع الأحوال, فإن المغرب سيظل مدافعا عن سيادته, ووحدته الوطنية والترابية, ولن يفرط في شبر من صحرائه.
وسنمضي قدما في تفعيل الرؤية الطموحة, التي حددناها في الخطاب الأخير للمسيرة الخضراء; سواء بجعل الصحراء المغربية في صدارة إقامة الجهوية الموسعة; أو بمواصلة جهودنا الدؤوبة, للتنمية التضامنية لأقاليمنا الجنوبية; أو بحرصنا على إعادة الهيكلة العميقة, للمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية.
كما سنكثف جهودنا, لرفع الحصار عن رعايانا بمخيمات تندوف, وتمكينهم من حقهم المشروع, في العودة إلى الوطن الأم, وجمع شملهم بعائلاتهم وذويهم, طبقا للاتفاقيات الدولية, ذات الصلة.
وتجسيدا لانتمائه الإفريقي, فإن المغرب سيظل وفيا لانتهاج سياسة إفريقية متناسقة; هادفة لتحقيق التنمية البشرية, وتعزيز الأمن الإقليمي; خاصة في إطار التعاون مع بلدان الساحل والصحراء, ومع الدول الإفريقية الأطلسية, لمواجهة المخاطر الأمنية المتعددة.
ووفاء منا لأواصر الأخوة والتضامن, العربي الإسلامي, ما فتئنا نساهم بفعالية في نصرة القضايا العادلة لأمتنا, وفي الجهود الهادفة لإيجاد حل شامل وعادل ودائم, بمنطقة الشرق الأوسط, على أساس حل الدولتين.
ونهوضا بأمانة رئاسة جلالتنا للجنة القدس, كرمز للضمير الجماعي الإسلامي, في الدفاع عن الهوية الأصيلة لهذه المدينة السليبة, وحرمة مقدساتها; نؤكد ضرورة تضافر كل المبادرات والجهود, عربيا وإسلاميا ودوليا, وفق استراتيجية متكاملة ومتناسقة, وتحرك عالمي تضامني; انطلاقا من قرارات الشرعية الدولية, للتصدي الحازم للانتهاكات, والمخططات التوسعية الإسرائيلية المتمادية, في سياسة فرض الأمر الواقع, ومحاولات الاستفراد الإسرائيلي بمصير القدس الشريف.
ومن هنا, سنواصل الدفاع عن طابعها الروحي والحضاري والقانوني, كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة.
كما نجدد حرص المغرب على الالتزام بتطوير الشراكة الأورو-متوسطية الواعدة, والوضع المتقدم مع الاتحاد الأوروبي, الذي يتطلب تعبئة جميع السلطات والفعاليات الوطنية, في نطاق عمل جماعي ومتناسق, لتحديد فضاءاته, ومداه, ووتيرته; بغية الاستثمار الأمثل لما يتيحه من فرص.
وعلاوة على انشغالاته الإقليمية, ما فتئ المغرب يعمل على تطوير وتنويع شركائه; ولاسيما من خلال اتفاقيات متعددة الأبعاد, خاصة منها اتفاقيات التبادل الحر, والشراكات التعاقدية والتفضيلية.
كما أن بلادنا تضع في صدارة أسبقياتها, الانخراط القوي في الإجماع الدولي المتجدد, من أجل انبثاق حكامة عالمية إنسانية, قائمة على الإنصاف, والمسؤولية, والتشارك.
شعبي العزيز,
في هذا اليوم المجيد, نستحضر, بكل إجلال وترحم وخشوع, الأرواح الطاهرة لرواد التحرير والاستقلال وبناء صرح دولتنا الحديثة; جدنا ووالدنا المنعمين, جلالة الملكين محمد الخامس, والحسن الثاني, أكرم الله مثواهما, وكافة شهداء الوطن الأبرار.
كما نوجه إشادة خاصة, للقوات المسلحة الملكية, والدرك الملكي, والأمن الوطني, والإدارة الترابية, والقوات المساعدة, والوقاية المدنية, على تفانيهم, تحت قيادتنا, في الدفاع عن حوزة الوطن وسيادته وأمنه, وإسهامهم في عمليات الإغاثة الإنسانية.
وإذ ننوه بالعبقرية الخلاقة لشعبنا الوفي, وبروح الغيرة الوطنية والمسؤولية العالية لكافة فئاته; نعرب عن اعتزازنا بأفراد جاليتنا المغربية المقيمة بالخارج, لتشبثهم القوي بوطنهم وإقبالهم المتزايد على صلة الرحم بأهلهم وببلدهم, رغم تداعيات الأزمة على بلدان إقامتهم وكذا لانخراطهم الفاعل في تقدمه وفي الدفاع عن قضاياه ومصالحه العليا.
ووفاء لعهدنا المشترك, سنواصل عملنا الجماعي, بكل طموح وثقة لاستكمال بناء مغرب الوحدة والديمقراطية والتنمية. رصيدنا في ذلك, الإرادة الحازمة لخديمك الأول, والتلاحم المتين بين العرش والشعب, الذي شكل عبر تاريخنا الوطني, مصدر قوة لرفع التحديات, في إيمان بوعد الله الصادق : "ولينصرن الله من ينصره, إن الله لقوي عزيز". صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.