بإجماع شبه كلي، يمكن القول أن الجزيرة الرياضية نجحت في تغطيتها للمونديال الذي يقام لأول مرة في إفريقيا، والذي ينقل لأول مرة في هذه القناة. »الجزيرة الرياضية«، قناة فضائية غطت الحدث العالمي بمهنية كبيرة، وباحترافية عالية جعلت منها قناة تحصل على عبارات الثناء والمدح، لا لأنها نقلت المباريات فحسب، بل لأنها أيضا ضمت طاقما فنيا وصحفيا وإعلاميا مميزا، واستفادت من تحليل مميز هو الآخر من أسماء لها وزن ثقيل في عالم الكرة، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل تجاوزه الى تسليط الضوء على جوانب أخرى من المونديال، وليس كرة القدم فقط. لكن ما أثار اللغط هو أن الجزيرة الرياضية بتشفيرها للمباريات أصبحت محط انتقاد، أولا لأن أسعار الإشتراك خيالية، وثانيا لأنها رفضت بيع حقوق بث المباريات أو طالبت بأثمنة تندرج في خانة الخيال، الشيء الذي حرم ملايين المشاهدين من متابعة كرة القدم التي هي حلم الشعوب وموحدهم، وجعلت المتابعة حكرا على أصحاب الأموال ومن له قدرة على الإشراك، لكن لماذا نلوم الجزيرة الرياضية فقط. الجزيرة الرياضية هي قناة لها أهداف متعددة من بينها الربح، فهي تشتري حقوق البث بأموال طائلة وتعيد بيعها »إن أرادت« للقنوات الأخرى باعتبارها المحتكر لحقوق البث في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إذن لن يكون من العدل أن نلومها فقط، بل اللوم كل اللوم يجب أن يلقي على الاتحاد الدولي لكرة القدم الذي حول كرة القدم من لعبة جماهيرية، يتابعها الفقير وميسور الحال، إلى صناعة ومال، وهو ما يمكن أن نسميه تسليعا للكرة، حرم الملايين من متابعة أكبر تجمع لكرة القدم في العالم. أمام هذا الوضع يلجأ البعض الى طرق أخرى للمتابعة، إما بالاستعانة بقراصنة التشفير الذين يفكون الشفرات مقابل مبلغ مالي بسيط، أو اللجوء الى قنوات أوروبية تبث المباريات مجانا، غير أن الطريف واللافت للنظر هو أن هذه الدورة لم يقتصر فيها قراصنة التلفزة على فك الشفرات بل تعدتها الى التشويش على بث قنوات الجزيرة الرياضية، الشيء الذي حرم الجميع من متابعة مباريات عديدة من المونديال، مما دفع القناة المذكورة الى إطلاق ترددات جديدة تستطيع من خلالها تجاوز هذا المشكل. التشفير إذن، أو دعنا نسميه المتاجرة في كرة القدم مشكل جديد يطرح على الساحة الإعلامية ويثير عديد التساؤلات حول مستقبل لعبة يقال أنها »أفيون الشعوب«...