انتهت الفرجة الكروية للمونديال في جنوب أفريقيا 2010، انتهت وشاهدنا جميع مقابلاتها مجانا ضدا على قناة الجزيرة «العربية»، التي فكرت ودبرت وخمنت وفرحت قبل العرس بعدة ليالي، وهي متأكدة أنها «ستحلب» الجمهور المغربي والدولة المغربية ماليا، لكنها خسرت الرهان. لماذا؟ قبل ذلك يجب أن نقول شكرا لمن يستحق الشكر، ونصافح من يستحق المصافحة: شكر fr2، شكرا fr3، شكراZDF Info، شكرا DAS ERSTE ، شكرا RTL، شكرا + canal، شكرا لجميع القنوات التي نقلت المونديال بالواضح وبالمباشر، فاتحة المجال للجمهور المغربي ليتنقل حسب اختياره ما بين القنوات الدولية. صحيح أن بعض القنوات كانت ألمانية اللغة، لكن هذا الأمر ليس مهما لأن الجمهور المغربي كان يتزود بالمعلومات والأخبار قبليا بواسطة الصحافة المكتوبة، بواسطة انتيرنيت الخ، لذلك لم يكن بحاجة إلا للصورة، وهذه الأخيرة جاءته عبر تلك القنوات. في المقابل خسرت قناة «الجزيرة» «العربية» رهانها في فرض الأمر الواقع على الجمهور المغربي الذي وجد الخلاص في تلك القنوات وفي البارابول الثاني، وفي بعض وصفات درب غلف، تلك السوق التي أصبحت أشهر من نار على علم لانعرف إن كانت هناك درب غلف أخرى في تونس، في الجزائر أو في القاهرة، الخ. أكثر من ذلك أن «الجزيرة» خسرت الرهان عندما قاطع الجمهور الرياضي تلك الصدقات التي ارادت بها القناة إصلاح ما يمكن إصلاحه تجاه المغاربة. نعم قاطع المغاربة تلك المباريات من الصنف الثاني، مفضلين مشهادتها في القنوات الآنفة الذكر وفي غيرها، وبذلك جنبوا أنفسهم الانصات الى تلك الرداءة في الوصف في التعليق وفي «تحليل» المقابلات. «الجزيرة» اعتبرت منتوج كأس العالم منتوجها، مع أن هذا منتوج للفيفا، من ثم فهي لم تكن نزيهة، على العكس من القنوات الاجنبية التي كانت نزيهة ومنطقية مع واقع المونديال، وهو الامر الذي تجلى في ترديدها في وصلة قبل اللحظة الاخيرة من انطلاق اية مباراة ترديد هذه اللازمة la coupe du monde de la fifa تلك هي النزاهة، لأن هذا معناه الاعتراف ب «حقوق المؤلف» اذا صح التعبير ، اي حقوق المنتج وصانع الفرجة: الفيفا. «الجزيرة» لم تردد تلك اللازمة ولو مرة واحدة، معتبرة أن مباريات المونديال منتوج من صنعها. ضدا على تهور وشراهة قناة الجزيرة شاهدنا 64 مقابلة جميعها في هذا المونديال، ربح الجمهور المغربي، و خسرت «الجزيرة». وحتى تنهي الفيفا مع مسألة احتكار شراء حقوق البث، فإن عليها ان تعيد النظر في «فلسفتها» لتسويق مباريات المونديال، إما باستعمال فلسفة «التمييز الايجابي» تجاه البلدان التي لا قدرة لها على أداء الفاتورة المملحة، بالاعتماد على الجانب المتعلق بالناتج الاجمالي الخام لهذا البلد أو ذلك، وإما تحديد مناطق تضم كل واحدة خمسة بلدان أو ستة - مثلا منطقة المغرب العربي، منطقة الشرق العربي - بدون دول الخليج - مناطق إفريقية، ثلاثة أو أربعة مثلا، الخ، بحيث تتقاسم بلدان المنطقة واجبات حقوق النقل التلفزي مباشرة من الفيفا، وليس عن طريق وسيط، وبذلك يمكن الحد من احتكار النقل التلفزيوني لمباريات كأس العالم، وحتى في هذا التقاسم للمصاريف يمكن أن تفرض الفيفا فلسفة التمييز الايجابي - ليبيا مثلا ليست هي موريتانيا في الموارد المالية والثروة - بهذه الطريقة وبطرق أخرى يمكن تحطيم احتكار «الجزيرة» للنقل التلفزي في المونديال في المنطقة العربية. في اتجاه آخر عرى احتكار «الجزيرة» بؤس القناة «الاولى» وقناة «2M » اللتين نزل عليهما «الكآبة» طيلة أيام المونديال، علما انه كان بإمكانهما معا من ميزانيتهما الخاصة وبدعم من الدولة ومحتضنين وممولين لعمليات إشهارية من شركات السيارات، ومؤسسات بنكية مغربية، الخ. كان بإمكانهما شراء مباريات المونديال مناصفة بينهما، لكنهما فضلتا الوقوف عند «ويل للمصلين» رافعتين يديهما عن تمكين المشاهد المغربي من متابعة المونديال على شاشتيهما، مع استمرار القناة الثانية في تقديم الكبسولتين الرديئيتين (الموجز الرياضي) و«que du sport» كما لو انها تقدم انتاجا خارقا للعادة، مع ان اقل ما يوصف به ذلك هو «الرداءة في درجة الصفر». بل ان القناتين خسرتا جمهورهما المحتمل والمفترض ما بين س 30/12 د، س 30/9 د مساء، أي الفترة التي تكون فيها شاشات العالم مشغولة بنقل مباريات المونديال، وفي ساعات أخرى من المساء بعد انتهاء مقابلات يوم معين، كانت ربيبة القناة الاولى تفتح استيوديوهاتها لصبيات وصبيان للقيام ب «التحليل» ومناقشة مباريات اليوم، فهذه صبية تتفنن في قول أي شيء، وهذا صبي «يعلق» بحيوية الذي لايفهم شيئا في شؤون المونديال، وهي شؤون كبيرة. وقد تجولت شخصيا بين العديد من القنوات العالمية، فلم أجد لهذا النوع من «المحللين او لنقل المخللين»، أنها السبة التي لم تتجرأ على القيام بها القناة الاولى. انتهى المونديال، شاهد المغاربة 64 مقابلة مونديالية بالتمام والكمال متنقلين (عاش الزابينغ ) بين عدة فضائيات وبذلك ادخلوا «الجزيرة» «العربية» الثلاجة، من ثم خسرت تلك القناة رهانها، واصبحت قزمية امام القنوات الدولية التي يشكرها الجمهور المغربي بحرارة، ومن بينها NED/NOS Einfest. كان «الجزيرة» الرياضية تريد ان تلوي دراع المغاربة لمدة شهر كامل 11 يونيو / 11 يوليوز 2010 -، لكن القنوات الاجنبية أسقطت القناة العربية القطرية على رأسها، خاصة وان القناة أرادت الاختفاء وراء ستار «التشويش» التقني عليها، وهو ما تضامنت معها بشأنه الفيفا نفاقا لا أقل ولا أكثر، لأن هذه الاخيرة ملأت خزائنها ب «الجاك بوت Jack pot» أي المبلغ الضخم الذي دفعته الجزيرة.