يشد مونديال جنوب إفريقيا 2010، الذي انطلقت فعالياته أمس الجمعة، أنظار عشاق كرة القدم المغاربة، الذين بدأوا يبحثون عن الفرجة، كل حسب الإمكانيات المتوفرة لديه. وتأتي على رأس هذه الإمكانيات المقاهي، التي تبقى الوجهة الأولى لعشاق كرة القدم، بحكم الخدمات التي توفرها. فحسب المعطيات المتوفرة لدينا، فإن المنافسة اشتدت بقوة بين المقاهي، وخاصة في المدن الصغيرة لجلب أكبر عدد من الزبناء، حيث بادرت إلى تغيير «وجهها»، عبر توفير شاشات كبرى مع اقتناء بطاقة الجزيزة، التي تضمن النقل باللغة العربية، باعتبارها مالكة حقوق النقل الحصري في الوطن العربي. ومن بين مظاهر الهوس بهذه اللعبة الأولى من حيث الشعبية في العالم، «تعاقد» بعد المواطنين بالقرى والمداشر المغربية، مع سيارات النقل السري (الخطافة)، لنقلهم إلى المدن القريبة منهم، وبالتالي متابعة هذا العرس العالمي، الذي يقام لأول مرة في القارة السمراء، فيما يعتمد البعض الآخر على وسائل النقل التقليدية (العربات المجرورة) وهذه خاصية تظل القاسم المشترك بين أغلب البوادي المغربية، في الوقت الذي تختار فيه الفئة العظمى من أبناء القرى المغربية التنقل مشيا على الأقدام إلى «الفيلاج»، بحثا عن الفرجة، وكثيرا ما خلق هذا الوضع نوعا من التوتر داخل العائلة، لأن الشاب أو اليافع يترك عمله في الحقل، من أجل متابعة اللقاءات الكروية. وشهدت منطقة مولاي بوعزة بضواحي خنيفرة قيام بعض الأشخاص باقتناء بطاقة الجزيرة وإهدائها لصاحب مقهى، حتى يضمنوا مكانا يتابعون فيه رياضتهم المفضلة. وخلق تعذر إمكانية الحصول على الفرجة لدى غالبية المواطنين، نوعا من «التكافل الرياضي»، حيث تتحول منازل الأعيان إلى قبلة لأبناء الدوار، لأنها توفر لهم الفرجة مجانا، بل يصاحبها أحيانا العشاء وأكواب الشاي. في الوقت الذي شهدت الأسواق الأسبوعية، وخاصة بضواحي الصويرة، إقبالا كبيرا على أجهزة الاستقبال التماثلية، التي ارتفعت أسعارها، بعدما كان يتم التخلص منها مجانا في الوقت السابق. بل إن بعضا من سكان الصويرة باتوا يقصدون هذه الأسواق بحثا عن جهاز يضمن لهم فرجة مجانية وباللغة الفرنسية. وفي ظل «حالة الاستنفار»، أصبح الاقبال كبيرا على « تقنيي البارابول»، الذين رفعوا من أثمنة خدماتهم، خاصة في المدن الصغيرة. إذاكانت الفئة المحظوظة من الجمهور المغربي ستجد الحلول لفرجة مدفوعة الأجر، فإن فئة أخرى من الساكنة، وخاصة تلك التي تصارع شظف العيش، ستكون مجبرة على الاكتفاء بالإنصات «لعظامها»، المتعبة من يوم شاق. فسكان بعض المناطق الشرقية، وخاصة بإقليم فكيك وعين بني مطهر، الذين يعيشون على الرعي، لن يكون بإمكانهم متابعة المباريات، لعدة أسباب، أهمهما عدم التوفر على مولدات الطاقة الشمسية، التي تبقى المزود الكبير بالكهرباء بقرى هذه المنطقة، المعروفة بشساعتها، وتناثر دووايرها.