مرت اثنان وخمسون سنة على التئام الأحزاب المغاربية بمدينة طنجة في 27 ابريل 1958 وهي حزب الاستقلال المغربي والتجمع الدستوري التونسي، وجبهة التحرير الوطني الجزائري.. لوضع استرتيجية توحيد الشعوب المغاربية إبان الاستقلال، كان هذا هو المبتغى والهدف، لكن تأتي الرياح بما لاتشتهيه السفن، ويستحضر كبار الساسة و المهتمين والمثقفين والقوى الوطنية رمزية هذا اللقاء التاريخي ودلالاته القومية والوطنية.. لأن ما يجمع شعوب المغرب العربي أكثر مما يفرقها، الجغرافية الممتدة، التاريخ المشترك: قديمه ووسيطه وحديثه ومعاصره اختلطت فيه دماء شهداء المغرب العربي أيام الكفاح من أجل الحرية والاستقلال والانعتاق، واللغة الواحدة والمصير والآفاق المشتركة والدين الاسلامي الواحد، ومذهبيته السنية، والحضارة العميقة والتداخل الثقافي والإثني والقبائلي في كل مجالات الأرض والإنسان، والثروات المتنوعة، وخبرة الانسان المصقول بالتجارب والاحتكاكات التاريخية لأن المغرب العربي حلقة وصل بين عمق افريقيا وراء الصحراء وشمال بحيرة الابيض المتوسط.. هل هذه الصفات المشتركة ستحضر كحتمية تاريخية لإيقاظ الضمير لتنفيذ توصية مؤتمر طنجة التاريخي.. وإذا كان المغرب ينهج سياسة اليد الممدودة لأشقائنا الجزائريين من أجل فتح الحدود. وتغليب منطق العقل والتعقل والتبصر على منطق الهروب الى الأمام في معاكسة هذا التوجه للتشويش على مسار توحيد الشعوب المغاربية، وخاصة في اطار استكمال الوحدة الترابية للمغرب. إن علال الفاسي رحمه الله في تقرير الألوكة المقدم لمؤتمر الشبيبة الاستقلالية بفاس سنة 1956 ذكر بأن الامتداد التاريخي للمغرب في صحرائه الشرقية والجنوبية والمغرب يتجاوز جميع الاحتكاكات التي تريد أن تحصل مع الشعب الجزائري إيمانا منه بأن مستقبل المغرب العربي يكمن في التوحيد والتكتل كقوة تواجه التحديات المختلفة لتنعم الشعوب بالسلم والتنمية والإدماج الاقتصادي.. ولهذا فإن الجزائر تدفع »الطغمة المرتدة في مخيمات الحمادة لمعاكسة المغرب في صحرائه فإن هذه النار سوف تكتوي بها وإذا كان العالم يتوجه ويرجع الى أصوله الجغرافية والتاريخية في التكتل أو التوحيد. فإن هذه الظواهر السياسية المزروعة في منطقة المغرب العربي تعتبر خارج التاريخ ومتجاوزة في خضم ترتيبات المد العولمي. إن الرهان الأكبر في نداء طنجة هو التوحيد المؤدي الى التعاون والتآزر وتسريع وتيرة التنمية المستدامة والمندمجة وجعل الفضاء المغاربي فضاء مشتركاً ثقافياً وحضارياً بعيداً عن التسلح والتشنج.. وهنا لا مجال الى المنطق الحدودي.. الذي يختزل التاريخ والحضارة ولكنه لا يستطيع أن يطوي الجغرافية .. التي ستصون هذه الوحدة مهما طال الزمن أم قصر.