أنهى قاضي التحقيق بملحقة سلا قرار إحالته في ملف ما سمي ب«سرقة القرن» في لندن سنة 2006 التي فتح فيها البحث في مواجهة متهم مغربي يحمل الجنسية البريطانية كانت السلطات القضائية للبلد الأخير قد تقدمت بشكاية رسمية في مواجهته ( المتهم) بعد رفض المجلس الأعلى بالرباط طلبها الرامي بتسليمه. وستشرع غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالرباط في مناقشة هذه النازلة في ضوء ملتمسات النيابة العامة، وقرار الإحالة لقاضي التحقيق الذي كان قد انتقل إلى لندن في إطار إنابة قضائية لاستجماع تشعبات الملف، بما في ذلك الاستماع إلى شاهدة كانت قد أجرت عملية تجميل على أنف وذقن المتهم. ونقدم فيما يلي معطيات هذا الملف استنادا إلى بعض وثائقه: صك الاتهام: وجهت للمتهم المغربي الحامل للجنسية البريطانية تهم تكوين عصابة إجرامية والسرقة الموصوفة بيد مسلحة والاختطاف والاحتجاز والتزي بزي نظامي بدون حق والتزوير واستعماله، طبقا للفصول 293، و294 ، و360، و382، 437، و507 من القانون الجنائي. وكانت مصالح الشرطة القضائية الولاية بالرباط قد عملت على إخراج المتهم من المركب السجني بسلا للاستماع إليه يوم 26 يونيو 2009، لكونه كان محكوما بثمانية أشهر حبسا في قضية «ميغامور» بالرباط من أجل الضرب والجرح، وذلك بعد توصلها (عناصر الشرطة) بإرسالية من الوكيل العام باستئنافية الرباط اعتمادا على شكاية رسمية تقدمت بها السلطات البريطانية في مواجهة المتهم بتاريخ 13 يوليوز2007 من أجل تورطه فيما سمي بسرقة القرن التي ارتكبت بمستودع أوراق مالية تسيره شركة أمن تدعى «سيكيوريتاس» بتونبريندج بمنطقة «كانت» المتواجدة بجنوب شرق لندن، حيث قدرت الأموال المسروقة ب 53 مليون جنيه استرليني بتاريخ 21 فبراير 2006. وكانت مصالح الأمن البريطانية قد فتحت بحثا في الموضوع استمعت فيه لعدد من الشهود الذين أكدوا تعرضهم للاحتجاز من طرف الجناة الذين كانوا مسلحين ويرتدون أقنعة، كما تم تهديدهم بالقتل... احتراف «فول كونتاكت» ونفي التهم: نفى المتهم عند الاستماع إليه من قبل قاضي التحقيق اقترافه أية سرقة وعدم شرائه سيارة بصفيحة مزورة... مشيرا الى أنه عند دخوله إلى المغرب كان بحوزته مبلغ 75000 أورو الناتج عن مشاركته في بعض مباريات فنون الحرب القتالية «فول كونتاكت» التي احترفها عند بلوغه 20 سنة وأصبحت مصدر عيشه، إذ تمكن من الفوز بثلاث بطولات الأولى وطنية، والثانية قارية، والثالثة عالمية في الوزن المتوسط... تعزيزات أمنية: وللإشارة فإن المسؤولين الأمنيين بالرباط كانوا يستدعون عناصرهم الرياضية المتخصصة في «فنون الحرب» للاستعانة بهم عند نقل المتهم من سجن سلا لدى قاضي التحقيق بملحقة سلا، أو إلى المجلس الأعلى للبت في وضعية تسليمه (المتهم) إلى السلطات البريطانية إلا أن طلبهارُفض. وأكد المتهم في بعض تصريحاته أنه قام بشراء فيلا بحي السويسي بثمن 700000 أورو أرسلها له صديقه جيمس وذلك من حصته في الشركة التي يملكها معه مناصفة في لندن والمتخصصة في الأمن... وأضاف المتهم أن بعض مداخيله المالية تأتي من عروض الأزياء التي تدر أموالا «هائلة جدا في بلد كإنجلترا»... حيثيات من قرار الإحالة: اعتمد قاضي التحقيق في تدبيج قرار إحالته على جملة من الحيثيات ندرج بعضها في سياق تسليط الضوء حول جوانب من كيفية إجراء التحريات الأولية في لندن وذلك في الملف المفتوح لدى مصالحها الأمنية والقضائية، وما يرتبط من بعض الأفعال المنسوب ارتكابها للمتهم، كمسألة الدخول إلى التراب الوطني ووضع طابعين مزوريين على جواز السفر. حيث تمكن المتهم ... رفقة الجناة الذين شاركوه في اقتراف هذه العمليات الإجرامية من القيام باعتراض سبيل مدير المستودع الضحية السيد كولين دكسون لما كان متوجها الى منزله يوم الحادث بعدما انتهى من عمله حوالي الساعة 18 و30 د، وهو على متن سيارته نوع نيسان الميريا لونها ذهبي رقم صفيحتها(...) حيث صرح الضحية السالف الذكر أثناء الاستماع إليه من طرف الشرطة البريطانية أن العصابة الإجرامية التي عملت على اختطافه أدخلته إلى داخل شاحنة فأزالوا نظاراته الطبية وتم تعصيب عينيه بضمادة وكذا تكبيل رجليه وأمروه بالانصياع إلى أوامرهم وإلا سيقوموا بوضع حد لحياته. حيث أكد الضحية المذكور أثناء الاستماع إليه من طرف الشرطة البريطانية أنه سمع أحد المختطفين يشعره أنه في حالة عدم الانصياع للأوامر التي ستصدر إليه فإنه سوف يتم قتل زوجته وابنه. عملية التجميل والبحث في القمامة: لما قامت الشرطة البريطانية بإجراء تفتيش بمنزل الشاهدة ميشيل هوك التي قامت بتجميل المتهم.... تم العثور بقمامة الأزبال الخاصة بهذا المنزل على مجموعة من الأدلة الإثباتية والمتجلية في قطع عديدة لمادتي «اللاتي» والتي تستخدم في صناعة الأقنعة بالإضافة إلى بطاقة عليها شارب من شعر البشر من صنع يدوي ومجموعة من قارورات الماكياج المسرحي في عدة ألوان مكتوب على إحداها (LEEM) وهو اسم المتهم بالإضافة إلى مجموعة من معدات الماكياج تقدر ب 400 جنيه إسترليني وشفرة للحلاقة من نوع جيليت ماك 3. حيث إنه عند إخضاع هذه المواد التي تم العثور عليها بداخل القمامة المتعلقة بمنزل الشاهدة ميشيل هوك للخبرة ببريطانيا تم العثور على بصمة وراثية كاملة تخص المتهم ..... بالإضافة إلى (ADN) المتعلقة به كذلك، مما يتأكد معه أن تصريحات المتهم المذكور خلال مرحلة التحقيق الإعدادي المجرى من طرف قاضي التحقيق بكونه لم يقم بارتكاب ما نسب إليه هي تصريحات لا تمت للواقع بصلة. بصمات على الهاتف: وحيث تم العثور داخل سيارة نوع فيراري التي استعملها المتهم ..... لما خرج من ملهى ليلي (SE1) بلندن على جهازين هاتفيين نقالين من نوع نوكيا وعليهما بصماته الوراثية، بالإضافة إلى ثلاث صور داخل إطارات من الورق المقوى ملتقطة للمتهم المذكور داخل الملهى الليلي وكذا مجموعة من المفاتيح الخاصة بمنزله وبها صور لأطفاله. الدخول إلى المغرب وتنقيط الحاسوب: وحيث إنه بتاريخ 25/3/2006 لما دخل المتهم، وبول ألان إلى المغرب عبر النقطة الحدودية باب سبتةالمحتلة على متن سيارة من نوع مرسيدس تم إيقافهما رفقة شخصين وهما (م.ب) و (ك.أ) وذلك بالمركز التجاري «ميغامول» بالرباط. وحيث إن المتهم .... وباقي مرافقيه كانوا يقطنون بمنزل المسمى (م.أ). بالرباط وأنه عند تفحص جواز سفر المتهم لي موراي تبين أن به طابعين مزورين لشرطة الحدود، الأول الخاص بالدخول الى المغرب بتاريخ 19/2/2006، والثاني خاص بالخروج من المغرب بتاريخ 21/2/2006، الشيء الذي أكده المتهم لي موراي خلال مرحلة البحث التمهيدي وكذا بالتحقيق أمام قاضي التحقيق مما يتأكد معه أن اعترافاته بشأن ذلك وردت صريحة لا تدع مجالا للشك، مما ينبغي اعتبارها وسيلة صحيحة وكافية للإثبات. وحيث أكد المتهم ..... خلال مراحل البحث والتحقيق معه أن المسمى (م.أ) هو من ساعده على تزوير الطابعين المثبتين بجواز سفره مقابل مبلغ 5000 أورو هدفه من ذلك هو التملص من مسؤولية الأفعال المنسوبة إليه. مقتنيات باهظة: وحيث إنه بالرجوع إلى الحاسوب الخاص بشرطة الحدود المغربية تأكد أن المتهم.... دخل إلى المغرب مرة واحدة بتاريخ 25/3/2006 الشيء الذي يتأكد معه سوء نيته ومحاولته تضليل العدالة حول ما نسب إليه. حيث عمل المتهم ..... فور حلوله بالمغرب على شراء إقامة فخمة وأدائه للموثقة التي أبرمت العقد بينه وبين البائع 00.650.326.7 درهم، بما في ذلك ثمن الإقامة وأتعاب الموثقة واوجبات التسجيل والتحفيظ، بالإضافة لإقامته شركة عقارية وفتحه حسابين بنكيين وشرائه لعدة ساعات يدوية ذات قيمة باهظة، مما يتأكد معه أن المتهم أعلاه عمد فعلا إلى القيام بالسطو على مستودع الأموال ببريطانيا رفقة باقي المتهمين المتابعين في هذا الملف لا محالة. حيث إن إنكار المتهم .... لما نسب إليه وخصوصا أثناء مرحلة التحقيق الإعدادي ورد مجردا وتنقصه القرينة القانونية المدحضة بما ورد بتصريحات الضحية وباقي الشهود المستمع إليهم في هذه النازلة من طرف الشرطة البريطانية وخصوصا الشاهدة ميشيل هوك التي تم الاستماع إليها ببريطانيا بحضورنا موضوع الإنابة القضائية المومإ إليها أعلاه. وختم قاضي التحقيق قرار إحالته بالمتهم الآنفة الذكر محيلا الملف على الوكيل العام. وللإشارة فإن مصالح الأمن بالرباط كانت قد أوقفت أربعة بريطانيين بالمركز التجاري بميغامور إثر توصلها بمعلومات من نظيرتها البريطانية وجهاز الانتربول بخصوص موضوع السرقة، فضلا عن تقديم ضحية/مستخدم بفيلا شكاية لوكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالرباط ادعى الاعتداء عليه إثر اختفاء مبالغ مالية من خزينة الفيلا التي كان يقطنها كل من البريطانيين وأمريكي الجنسية. وكان أربعة من رجال الأمن قد تعرضوا لاعتداء نتيجة مقاومة بعض المتهمين البريطانيين عند إلقاء القبض عليهم، إذ سلمت لهم شواهد طبية تثبت مدة العجز في 21 يوما و25، و30 يوما، حسب ما تناولته «العلم» في حينه.