العقيدة أهم عنوان للهوية، ومعروف عن المغاربة أنهم ظلوا طيلة أحقاب متمسكين ومتشبثين بعقيدتهم الإسلامية، وقاوموا بكل الشراسة المطلوبة كل من حاول زعزعة عقيدتهم والانحراف بها عن وجهتها الدينية القوية.. كانت مصدر قوتهم وعزهم، وشكلت بحق سر استمرارهم ووحدتهم. ويبدو أن بعض دهاقنة الإستعمار ومن يهوون زرع بذور التفرقة بين الشعوب قد فطنوا إلى هذه القضية فسخروا إمكانياتهم للنيل من عقيدة الشعب المغربي المسلم عن طريق وسائل التبشير وحشر أدمغة الناشئة بمفاهيم تحاول نسف عقيدتهم الإسلامية. ويبدو ان الأمر أصبح يأخذ منحى تصاعديا مقلقا إن لم نقل خطيراً بحجة تضاعف عدد الأجانب الذين اتخذ في حقهم قرار الطرد من البلاد لقيامهم بأعمال تبشيرية.. وهو نفس الشيء الذي أكدته وزارة الداخلية حين أكدت إصدارها لقرارات طرد في حق مجموعة من الأجانب من جنسيات مختلفة خارج التراب الوطني بعد ثبوت قيامهم بأنشطة تبشيرية. وأخطر من ذلك أن هذه الأنشطة - حسب تأكيد وزارة الداخلية - موجهة بالخصوص إلى أطفال مغاربة قاصرين من أسر معوزة تحتضنهم مؤسسات خيرية يشرف عليها أجانب... ونصبح إذن أمام فرضية استغلال فقر الأطفال وعوزهم وسذاجتهم لاستقطابهم من طرف تنظيمات أجنبية تبشيرية تستغل العمل الخيري والإحساني للقيام بأنشطتها التنصيرية... وسخرت لذلك إمكانيات مالية ضخمة وأهدافا محددة عن طريق توظيف وسائل بيداغوجية مبسطة لإيصال التعاليم المسيحية إلى الأطفال والقاصرين عبر القصص المصورة ورسائل الإيضاح الحديثة وباستعمال اللغتين العربية والأمازيغية بأسلوب بسيط للفهم. أكثر من ذلك، وحسب ما وافانا به مراسلنا، فقد تطور الأمر إلى ما يشبه بوادر أزمة ديبلوماسية وسياسية نتيجة قرار المغرب السيادي القاضي بطرد المتورطين في حملات التبشير. واستدعى وزير الخارجية الهولندي ماكسير فارهاخن... سفير المغرب بلاهاي للاحتجاج على إقدام الرباط على طرد سبعة مسيحيين من أصل هولندي من المغرب كانوا يعملون في إحدى دور الأيتام في عين اللوح. وفي الوقت الذي اعترفت فيه منظمة «أبواب مفتوحة» غير الحكومية والناشطة في الدفاع عن المسيحيين في العالم ضمنيا بقيام المطرودين بنشاط التبشير فإنها في المقابل رفضت التبريرات التي قدمها بلاغ وزارة الداخلية المغربية حول الحادث والذي أفاد أن المتورطين استغلوا حاجة وفقر بعض الأطفال المستهدفين. وكانت عدد من الهيئات الدينية في المغرب قد دقت ناقوس الخطر وأبدت مخاوفها من محاولات يقوم بها بعض المسيحيين الأجانب لتنصير مواطنين مغاربة، خاصة وان المغرب من خلال موقعه الاستراتيجي يعتبر الأقرب الى أوربا، إضافة إلى عوامل أخرى من ضمنها سياسة الانفتاح والحركة السياحية واتقان المغاربة للغات الأجنبية مما يسهل على المبشرين مهامهم. ونطرح في الأخير سؤالا ملتبسا حول جدوى المقاربة الأمنية وحدها في تطويق هذه الظاهرة.... وهي المقاربة التي أصبحت اليوم تأخذ بعدا دوليا قد لانستطيع التحكم فيه لو استمر الطرد هو المنهجية الوحيدة في مواجهة المتورطين في عمليات التبشير. الأمر إذن يتطلب إجراءات أكثر شمولية لتطويق هذه الظاهرة، وذلك بمتابعة ومراقبة ما يجري داخل مراكز الطفولة والجمعيات الخيرية والإنسانية.. ومراجعة ما تقدمه البرامج التعليمية والبيداغوجية سواء بالمدرسة أو بوسائل الإعلام، والحرص على التنشئة الدينية للناشئة المغربية بدءاً من السنوات الأولى للدراسة قصد ترسيخ مفاهيم الإسلام الصحيحة في الأذهان وبالشكل الذي تتوارى معه كل وسائل الإغراء أو التبشير.