تعززت الخزانة القانونية المغربية بمؤلف جديد للأستاذ إبراهيم زعيم الماسي رئيس غرفة بالمجلس الأعلى تحت عنوان: (تقدير التعويض عن الاعتداء المادي على الملكية العقارية)، والصادر عن مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء. وجاء هذا الكتاب الموزع على 279 صفحة من الحجم الكبير لسد ثغرات في الواقع العملي، خاصة أن موضوع التعويض والاعتداء المادي على الملكية بوجه عام يطرح إشكالات من قبيل عدم التقيد بمسطرة اقتناءات الأراضي والمساكن الوظيفية وتوظيف الأموال / الاعتمادات المالية بوجه سليم، أو من زاوية عدم تفعيل منشور الوزير الأول الأسبق عبد الرحمان يوسفي، بشأن مسطرة الصلح في ملف نزع الملكية وكذا تفعيل وخلق الشعب الادارية القضائية بالإدارات، أو من زاوية تعقيد المسطرة إلى درجة تحايل البعض بهدف الاغتناء غير المشروع كما أشرنا إلى ذلك مراراً في جريدة «العلم» دون أن تبادر وزارة العدل ووزارة المالية إلى معالجة الاختلالات أمام الكلفة الباهظة لعملية التقاضي وارتفاع مبالغ التعويضات المحكوم بها وما يترتب عنها من فوائد قانونية، خصوصا في ظل تعثر تنفيذ الأحكام القضائية. نقول إن هذا الكتاب أتى لملء فراغات، خاصة أنه دراسة تأصيلية عملية مُدعَّمة بأحدث الاجتهادات القضائية وملحقة بأهم المباديء الاجتهادية الصادرة حديثا عن المجلس الأعلى، والذي قسم إلى فصلين رئيسيين وزعا إلى عدة مباحث وأبواب، حيث همّ الفصل الأول محور: (ضبابية الرؤية في التقدير القضائي للتعويض)، والفصل الثاني خص موضوع: (مدى نجاعة الخبرة كآلية مساعدة في تقدير التعويض)، إضافة إلى ملاحق لنماذج من قرارات الغرفة الادارية بالمجلس الأعلى الصادرة سنوات 2009 و2007 و2005 و2003. وتمكن أهمية هذا الموضوع في ندرة الأبحاث والكتابات الفقهية في تقدير التعويض بوجه عام، والتعويض عن الاعتداء المادي بوجه خاص، فضلا عن احتكاك المؤلف مباشرة بقضايا التعويض عن الاعتداء المادي المنصب على الملكية العقارية، وسعيه للإجابة عن كيفية جعل تقدير التعويض مُقنعا ومُطابقا لقيمة السوق أمام غياب إطار قانوني ينظم هذا المجال الذي تغلب عليه التحكمية والجزافية والاعتباطية. في هذا السياق يؤكد الأستاذ إبراهيم زعيم الماسي أنه من غير المقبول في عصرنا الحالي المعروف بتكنولوجيته الهائلة والمتطورة أن تظل عملية التقييم العقاري ببلادنا تعيش حالة من التخبط غير آبهة بما يجري في البلدان الأخرى، حيث إن الإبحار في المواقع الالكترونية المتخصصة يمكن من إجابات ضافية عن تقييم العقار... إذن يفترض أن يسعى المشرع المغربي للاغتراف من مثل هذه الأعمال القيمة للاستئناس بها عند سن التشريع وحل الاشكالات العملية المطروحة على مستوى الواقع. ونشير في هذا الصدد إلى بعض المبادىء والقواعد التي أدرجها المؤلف ضمن حيثيات القرارات والأحكام التمهيدية: دعوى الاعتداء والتقادم: لاتخضع للتقادم الدعوى الرامية إلى التعويض عن فعل الاعتداء المادي باعتبار أن مثل هذا الفعل يُشكل واقعة مستمرة. تحديد وقت إنشاء المرفق: إن تقدير التعويض عن الاستغلال يستوجب أولا تحديد الوقت الذي تم فيه إنشاء المرفق العام. التعويض عن الفعل اللاحق: التعويض عن الاعتداء المادي لاينحصر فقط عن الجزء المعتدى عليه من العقار بل يمتد كذلك إلى التعويض عن الأضرار التي يمكن أن يُلحقه فعل الاعتداء بالأجزاء الباقية من العقار غير المعتدى عليها والتي يمكن أن تشهد انخفاضا في القيمة بفعل عملية الاقتطاع. مواصفات الخبرة العقارية: لايكفي خبير التقييم العقاري أن يورد في تقريره مجرد عموميات، من قبيل أنه نظر إلى موقع العقار ومواصفاته، وقيمة العقار المُجاور... بل لابد له من إبراز مواصفات العقار والغاية المُعد لها، وتوضيح كيفية التّعرف على قيمة القطعة الأرضية المجاورة. التعويض عن فوات الكسب والحرمان: يترتب عن ثبوت واقعة الاعتداء المادي على عقار الحق في التعويض عن فوات الكسب والحرمان من النفع فيما لو بقي العقار بحوزة مالكه. ويعتبر هذا العمل في الأصل رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا للجامعة في المهن القضائية والقانونية كانت قد نوقشت بكلية الحقوق بالسويسي بالرباط تحت رئاسة وإشراف الدكتور خالد البرجاوي، حيث كانت اللجنة قد أوصت بنشر هذه الرسالة التي عمل الأستاذ الزعيم على تنقيحها ونشرها لتكون بذلك تاسع مولود له على مستوى تأليف الكتب.