توقيع مذكرة التفاهم بين مجلس التعاون الخليجي وتركيا يعد خطوة صحيحة ومهمة في تكوين علاقات استراتيجية وارتباطات محورية للتجمع الخليجي مع دول التأثير في المنطقة، والتي لابد للبعد الخليجي من النفوذ إليها والبحث عن موطى الأقدام بها واجتذابها إلى فضائه، والولوج أيضاً إلى فضائها عبر نظرة استراتيجية ثاقبة تستشرف المستقبل وموازين القوى التي يجب أن تؤخذ مبكراً على محمل الجد قبل أن يفلت الزمام الاستراتيجي من اليد. مما لا شك فيه أن دولة تركيا ، بما تحمله من ثقل سياسي واستراتيجي , تشكل إحدى أهم الوحدات المؤثرة في المنطقة، وفتح صفحة تعاون معها سوف يعود على الطرفين بالخير والإيجابية من حيث أن لتركيا نزعتها المعروفة للفضاء الأوروبي والتي تطمح أن تكون يوماً جزءاً فيه. وفي المقابل فإن لمجلس التعاون الخليجي دوره المؤثر في السياسية الخارجية العربية والكثير من دول التأثير تنظوي تحت راية هذا المجلس, مما سوف يفتح الباب على مصراعية لمزيد من التبادلية في التأثير والمنافع بين تركيا ومجلس التعاون الخليجي. كما أن ما لاحظناه من دبلوماسية تركية نشطة بين سوريا وإسرائيل دليل على أن أنقرة تلعب دورها الإقليمي على خير وجه من التأثير والاجتذاب، أضف إلى ذلك أن مثل هذا التفاهم هناك ما يدعمه تاريخياً ودينياً من حيث الإخوة في الدين والمعتقد ، بالإضافة إلى الإرث الحضاري الذي طالما جمع العرب بالأتراك إبان حكم الإمبراطورية العثمانية ، وجعل هناك الكثير من التداخل والتشابه بين الفسيفساء الثقافية للعرب والأتراك والتي تشمل العديد من المجالات الأدبية والاجتماعية كتشابه الموسيقى التركية والعربية وتداخل نغماتهما وتقاربهما في الألحان الذي نتمنى أن يوازيها تقارب وتشابه في السياسات أيضاً.