مسار الزكريتي لم ينحصر داخل ردهات و استوديوهات الإذاعة التلفزة، فقد كان شاهدا على محطات وأحداث بارزة في تاريخ المغرب، يروي عبد السلام طرائف صادفته ومعاناة تركت جراحا غائرة في ذهنه. لقد كان يوم السبت 9 يوليوز من 1971 يوما مشؤوما بالنسبة للزكريتي، فهو تاريخ شهد حادث الانقلاب، إذ في اليوم الموالي 10 يوليوز يتذكر الزكريتي و يعيد شريط تلك الواقعة.» كان دوري آنذاك أن أشتغل في ذلك اليوم مذيعا فدعيت لأقوم بمهمتي ، لما اقتربت إلى محيط الإذاعة فوجئت بتبادل إطلاق الرصاص الكثيف بين الانقلابيين وفرق الجيش الذي كان يقوم بتطهير المنطقة المحيطة بالاذاعة من الانقلابيين. ومن حين لآخر كنت أتوقع أن يصيبني رصاص لا محالة حتى دخلت الاذاعة و بقي الرصاص يطلق علينا عبر النوافذ و يخترقها بشكل نشر معه خوفا و فزعا لم يسبق أن عشت مثله سوى إبان عمل جيش التحرير. فقد ظل الانقلابيون المتمركزون بداخل العمارات المجاورة يجهدون أنفسهم لكي يستولوا على مرافق و استوديوهات الإذاعة التي كان بداخلها حينئذ كل من المذيع الحنفي و فاطمة الزياني و حمادي اليزيد، شرعنا خلالها في تقديم البلاغات من حين لآخر عن كل المستجدات المرتبطة بالحادث إلى غاية السادسة مساء حيث انقطع تبادل إطلاق النار، بينما كنا مجبرين على إمضاء ليلة بيضاء داخل الاستوديو في رعب بدون أكل لمدة أربع وعشرين ساعة. من الطرائف الغريبة التي علقت بتفكير الأستاذ الزكريتي يوم نسي أنه مكلف بالتذييع بالرغم من أنه المعني بافتتاح البث مما أخر العملية لمدة ساعة أخرى حتى استدرك الموقف الزميل محمد بوتخيدوست الذي كان في بيته و لفت انتباهه تأخر انطلاق صوت الاذاعة الأمازيغية بالريفية، وفي يوم الغد استدعى الزكريتي لملاقاة المدير، هذا الأخير كان مستغربا إلى درجة كبيرة بسبب غيابه وحين طلب منه استفسارا حول الموضوع لم تكن إجابة الزكريتي سوى «نسيت» بعيدا عن كل مراوغة و كذب فكان رد المدير بتلقائية و تفهم « التحق بعملك لا بأس «. بالرغم من اللحظات الطيبة و السعيدة التي ربطت الزكريتي بمستمعيه أو زملائه بالاذاعة والتلفزة طيلة 42 سنة و سيرته النظيفة التي يشهد لها سجله الخالي من أي توبيخ أو إنذارعلى مدى مسيرته المهنية، فإن الشعور بالإجحاف و اللامبالاة لازمه منذ سنوات التسعينيات على غرار العديد من رفاقه مما اعتبره عقابا له. في سنة 1971 تم إدماج موظفي الإذاعة في الوظيفة العمومية، فكنت واحدا من المظلومين جراء هذه الخطوة، حيث أدمجتني الإدارة في سلك الإداريين وشتان بين هذه الوظيفة ومهنتي وحتى الامتحانات المتعلقة بالترقية الداخلية كان مفروضا علي أن أجتازها حسب الأسئلة التي تتعلق بتسيير الإدارة وهي بعيدة كل البعد عن الأدوار التي كنت أتكلف بها، بمعنى آخر فإن إدماجي كان إهانة لي كما تم تجميد ترقيتي لمدة 14 سنة بدون أدنى سبب فيما ترقية أخرى تأخرت لمدة عشرة أشهر» يقول الزكريتي و هو يحكي بألم مدفون في الأعماق. ويضيف « لما أحلت على التقاعد اقتضت مصلحة العمل أن أستمر في مزاولة مهامي فوافقت إلى أن تم تحويل الإذاعة إلى شركة سنة 2006 التي عملت فيها بإذن من المدير المركزي المسؤول عن الأخبار بدون مرتب مع امتناع الإدارة عن أداء مستحقاتي لسبعة عشر شهرا بدون مبرر. الحديث عن مسار مهني حافل لم يله الزكريتي عن مداومة شعائره و اهتماماته الفكرية التي دأب بانتظام على مزاولتها، فمن صلاة الفجر و تلاوة ما تيسر من كتاب الله وتناول وجبة الإفطار المفضلة لديه يقوم الزكريتي بممارسة حصته من المشي لساعة ثم العودة للبيت و تصفح الجرائد و بعض الكتب الأدبية أو الدينية فيما لايخفي حبه لاكتشاف مناطق أخرى من المغرب سحرته دائما و انضافت لعشقه الكبير لبلدته ومسقط رأسه أو باقي ربوع الريف فالزكريتي يعترف بولعه وميوله لمدن كطنجة أو مراكش ووجدة. كما أنه حاليا منكب على كتابة مذكرات تتمحور حول حياة والده الشهيد الحسين الزكريتي وعلاقته بالزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي وهي ثاني خطوة أدبية بعد إنهائه لتدوين و جمع ألف مثل بالريفية.