سياسة إفقار الشعب وإهدار الثروات على الانفصاليين تدفع الجزائريين للاقتيات على الأزبال والنفايات مع بداية العام الجديد، كشفت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان في تقريرها السنوي عن واقع مرير يفضح تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في الجزائر. التقرير، الذي يحمل شعار "محاربة معضلة المواطنين يقتاتون من الأزبال"، أشار إلى أن أكثر من 26 مليون مواطن يعيشون تحت خط الفقر، أي ما يزيد عن نصف سكان البلاد.
وتأتي هذه الأرقام الصادمة كنتيجة مباشرة لسياسات النظام الجزائري الذي يواصل إهدار ثروات البلاد على تمويل الحركات الانفصالية ودعم أجندات خارجية، بدلا من تحسين مستوى معيشة شعبه، ورغم أن الجزائر تعد واحدة من أكبر الدول إنتاجا للنفط والغاز في العالم، فإن نظام الجنرالات فشل في ترجمة هذه الموارد إلى رفاهية تعود على المواطن البسيط، مما يكشف جليا عن سوء إدارة ممنهج، وفساد عميق يلتهم عائدات البلاد، ويجثم على أنفاس الجزائري منذ سنوات.
التقرير، الذي استند إلى دراسة شملت 8600 عائلة من مختلف ولايات الجزائر، أظهر أن الفقر بات واقعا يوميا يتمثل في تدهور الخدمات الصحية والتعليمية، وتفشي البطالة، وارتفاع معدلات التسول وأطفال الشوارع، والأخطر من ذلك، أن التقرير وثق حالات لأفراد يقتاتون من النفايات في ظل غياب رؤية حكومية لمعالجة الأزمة.
وانتقد التقرير بشدة السياسات "الترقيعية" التي تعتمدها الحكومة، واصفا شعارات مثل "القوة الضاربة" بأنها محض دعاية تهدف إلى تضليل الرأي العام، مؤكدا أن الفقر لم يعد يقتصر على الفئات المهمشة في المناطق الريفية، بل امتد ليشمل الطبقة المتوسطة التي انزلقت هي الأخرى إلى دائرة الفقر، مع تفاقم الأوضاع المعيشية في المدن والمناطق الحضرية.
من جهة أخرى، فإن جزءا كبيرا من أزمة الفقر في الجزائر مرتبط بإصرار النظام على تمويل حركات انفصالية ك"جبهة البوليساريو"، في إطار سياسات خارجية عدائية تجاه دول الجوار، وعلى رأسها المغرب، إذ أن هذا الإصرار يكلف الخزينة العامة مليارات الدولارات سنويا، في وقت يعاني فيه المواطن الجزائري من الجوع والحرمان.
ودعت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى إعادة النظر في السياسات الاقتصادية، بما في ذلك توزيع الثروات بشكل عادل، وضع نظام أجور منصف، ومحاربة الفساد الذي ينخر جميع القطاعات. وأكدت أن القضاء على الفقر يتطلب التزامًا جادًا من الدولة تجاه حقوق المواطنين الاقتصادية والاجتماعية، مثل الحق في التعليم، الصحة، السكن، والعيش الكريم.
كما أكد التقرير أن تفشي الفقر في الجزائر يشكل انتهاكًا صارخًا للحقوق الأساسية، كما ينذر بخطر اجتماعي كبير قد يهدد الاستقرار الداخلي للبلاد. فالإحباط الشعبي من سوء الأحوال المعيشية قد يدفع نحو انفجار اجتماعي في أي لحظة.
وقد باتت سياسة نظام الجنرالات القائمة على إفقار الشعب وإهدار الثروات في مغامرات خارجية غير محسوبة، واضحة المعالم. وبينما يعاني المواطن الجزائري من الفقر والحرمان، يواصل النظام التمسك بأولويات لا تخدم إلا مصالح أفراد النظام وتنكل بشعبه.