مكبوتات وأمراض نفسية تستوجب التعامل مع الجناة من منظورات أخرى إلى جانب العقوبات القانونية يختلف الزمان والمكان، ولكن الجرائم والوقائع هي نفسها دائما تتكرر.. فبحكم عملنا الميداني في مؤازرة القاصرين ضحايا الاغتصاب وهتك العرض في مختلف المناطق، نؤكد أن أطفالنا هم من أكثر الفئات عرضة للاعتداءات الجنسية، وهو ما يتطلب، من وجهة نظرنا، اتخاذ إجراءات حاسمة للوقوف على جميع جوانب إشكالية الاغتصاب والاعتداء الجنسي على الأطفال، وذلك باعتماد مقاربات استباقية إلى جانب الأحكام القانونية.
ففي عملنا في إطار تتبع ملفات الضحايا، ترسخت لدينا القناعة بأن الجناة يحملون في دواخلهم مكبوتات وأمراضا نفسية خبيثة لن تستطيع المقاربة القانونية الجاري بها العمل تغييرها، فالردع والعقوبات الحبسية لوحدها لا تكفي لاستئصال الظاهرة، لأن العديد من جرائم اغتصاب الأطفال تتم في حالة العود، وهو ما يؤكد وجهة نظرنا.
إن حماية الأطفال من جميع أشكال العنف، وعلى رأسها الاعتداءات الجنسية والعنف الجنسي، هو واجب تمليه حقوقهم الأساسية، والتزام صريح بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، الذي يعتمده المغرب في منظومته القانونية، لذلك وجب التفكير في اعتماد مقاربات إضافية لردع هذه الجرائم، من منطلق الحماية الاستباقية، وذلك بعرض المغتصب (الجاني)، تحت طائلة القانون، للخبرة الطبية النفسية قصد تحليل جذور هذه الأمراض والمكبوتات التي تنتج عنها هذه الجرائم المقيتة، مع التأكيد على أننا هنا لا نبرر أفعال هؤلاء الجناة أو نلتمس لهم أعذارا، بل نهدف إلى تسليط الضوء على الجانب المظلم والخفي من نفسية هؤلاء المغتصبين الذين يعيشون بيننا تحت أقنعة يصعب الكشف عنها قبل وقوع حوادث الاغتصاب أو الاعتداء الجنسي...
وفي الأخير، نعود ونؤكد على أن الاعتداء الجنسي على الأطفال جريمة شنعاء، مهما كانت الظروف، ولا شيء يبررها، وهدفنا من هذه المقاربة هو بالأساس توفير حماية أكثر لأطفالنا، فالحوادث للأسف كثيرة جدا، وصارت تستلزم منا اجتهادات أكثر وتفكيرا أعمق، وبذل جهد أكبر للتوصل إلى الوسائل الفعالة لمواجهتها وحماية أطفالنا من هذه الوحوش البشرية.