تسببت الرياح القوية التي شهدتها مدينة مراكش وضواحيها يوم السبت 30 مارس الجاري، في اقتلاع سقف إحدى الحافلات التابعة للشركة الإسبانية "ألزا" على مستوى الخط الرابط بين مركز 44 بجماعة أولاد ادليم والمدينة الحمراء. وبحسب مصادرنا فإن الغطاء العلوي للحافلة تطاير في الهواء بشكل مفاجئ، مما تسبب في توقفها وهروب ركابها الذين نجوا لحسن الحظ من حادث محقق بفضل يقظة السائق
هذه الواقعة تضيف مصادرنا عرت الواقع الحقيقي لأسطول الشركة الإسبانية، حيث صارت معظم الحافلات تشكل تهديدا لأرواح المواطنين، بسبب تآكلها بالإضافة إلى كثرة الأعطال والتي أصبحت واضحة للعيان بمجموعة من الخطوط سواء داخل المدينة الحمراء أو خارجها.
ومن المحتمل أن تعيش مدينة مراكش خطر فقدان خدمات حافلات النقل الحضري، وذلك مع اقتراب انتهاء العقد المؤقت لشركة "ألزا" للنقل الحضري وشبه الحضري، المسؤولة عن إدارة خدمات الحافلات في مدينة مراكش، نهاية شهر مارس 2024
وتثير هذه الوضعية، قلقًا كبيرًا بين ساكنة مراكش وأقاليمها الذين يعتمدون بشكل كبير على الحافلات للتنقل داخل المدينة وخارجها خصوصا في ظل غياب أي اتفاق جديد يخص القطاع حتى الآن، إذ لم تُصدر أي جهة رسمية أي توضيح حول مصير خدمات الحافلات في مراكش بعد انتهاء العقد الحالي.
وتُعدّ هذه الأزمة تحديًا كبيرًا للسلطات المحلية في مراكش، التي تتحمل مسؤولية ضمان استمرار خدمات النقل الحضري في المدينة، وتوفير خدمات نقل حضري آمنة وموثوقة لسكان المدينة خصوصا في ظل ضعف خدمة النقل العمومي وتآكل أسطول شركة "ألزا".
وكانت مجموعة الجماعات الترابية "مراكش النقل"، أطلقت صفقة من أجل اختيار المستغل المستقبلي لخدمة النقل العمومي بكافة النفوذ الترابي بها، حيث قامت يوم 12 يناير 2023، فتح الأظرفة الخاصة بعروض الشركات المتنافسة.
كما تم الإعلان عن الفائز بالصفقة وذلك بعد دراسة العرضين النهائيين، لكل من شركة "ألزا" الاسبانية بشراكة مع مجموعة "فوغال" الفرنسية، والعرض النهائي لشركة سيتي بيس" المغربية. ويأتي ذلك بعدما صار التنافس على الصفقة منحصرا بين الشركة الاسبانية التابعة لمجموعة "الزا وفوغال بيس" والشركة المغربية "سيتي بيس"، علما ان التنافس على صفقة التدبير المفوض للنقل بالحافلات بمراكش، كان في البداية يشمل الشركة الفرنسية "Transdev"، والشركة الفرنسية "Ratp dev". وكانت مجموعة الجماعات الترابية "مراكش للنقل قد أجرت جلسة جديدة لافتتاح طلب العروض الخاص بتدبير قطاع النقل الحضري والشبه حضري بالحافلات بمراكش، في 28 شتنبر الماضي، بعد إجراء مجموعة من التغييرات على دفتر التحملات، وعقب إعلان سحبها في يونيو الماضي، وإحداث مجموعة من التغييرات لجعل القطاع أكثر جاذبية، سواء في ما يتعلق بالاستثمار والمواصفات، وحجم الأسطول وكذا أسعار الخدمة. وتم إطلاق الصفقة من جديد، بعد التعديلات الجديدة التي لا تعتبر الأولى من نوعها الذي خضعت له شروط الصفقة ومواصفات ومعايير دفتر التحملات، حيث تم الأمر في مناسبات عديدة ولأسباب مختلفة، منذ انتهاء عقد شركة ألزا رسميا في 2018، وقد شملت التغييرات الجديدة على دفتر التحملات وفق مصادرنا، مراجعة حجم الاستثمار المرتقب دون الإضرار بنوعية الخدمة وجودتها، وزيادة أسعار الخدمات في الشبكة الحضرية، مع توفير الربط المجاني بين الشبكات الحضرية والشبه حضرية، وزيادة حجم حصة الحافلات المحتمل إنتاجها في المغرب من أجل تعزيز الاندماج المحلي في السوق.
وبحسب مصادرنا فإن أن الشركة الفائزة بالصفقة قدمت عرضها التحفيزي لبدء العمل،إلا أن وزارة الداخلية رفضت ذلك بسبب غياب الموازنة الاقتصادية الشيء الذي سيؤثر سلبا على هذا المرفق العمومي وجودته في قادم الأيام .
هذا وقد سبق للجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة بمدينة مراكش أن عبرت ، عن استنكارها الشديد عن ضعف خدمة النقل العمومي وتآكل أسطول شركة "ألزا"، ودعت إلى إيجاد حل لما أسمته الأزمة الهيكلية للنقل و وضع حدا لمعاناة الساكنة وقالت الجمعية في بيان لها، إن "مدينة مراكش تعيش تسييرا وتدبيرا متعثرا يفتقد للفعالية والنجاعة المطلوبة، خاصة فيما يتعلق بالخدمات الاجتماعية المفروض في المجلس الجماعي للمدينة توفيرها وضمان ديمومتها وجودتها؛ فخدمات حافلات النقل الحضري وشبه الحضري تعيش مأزقا حقيقيا، ليس فقط على مستوى البنية والآليات، ولكن حتى البلوكاج المتعلق بشروط التدبير المفوض للقطاع، فمع اقتراب انتهاء العقد المؤقت لشركة (ألزا) للنقل الحضري وشبه الحضري، المسؤولة عن إدارة خدمات الحافلات في مدينة مراكش منذ ربع قرن، وفق عقد التدبير المفوض لسنة 1999 والممتد ل15 سنة، لايلوح في الأفق إلا استمرار معاناة ساكنة مراكش وأحوازها مع النقل، وبالتالي استمرار اللجوء قسرا للنقل السرّي وسيارات الأجرة بحجمها الصغير والكبير، وما يستتبع ذلك من تكلفة مرتفعة، وهدر لزمن الانتظار للتنقل من منطقة الى أخرى بالمدينة".
وأضافت الجمعية أنه "هذه الوضعية أصبحت عبئا على الساكنة خصوصا في ظل غياب أي اتفاق جديد، وتكثّم الجهات الوصية عن مآل دفتر التحمّلات، وقرار مجموعة الجماعات الترابية (مراكش للنقل) التي سبق لها أن اختارت في يناير 2023 عرضًا قدمته شركة (ألزا) بالتعاون مع شركة (فوغال باص)، بعد تقديم العروض التي تمّ إطلاقها في شتنبر 2022، وتضمن العرض تجديد الأسطول، والرفع من عدد الحافلات وقيمة الاستثمار، وتحديث شبكة النقل الحضري بملأ الفراغات عبر إحداث خطوط جديدة، وكان من المفترض أن يتم توقيع العقود في عام 2023، وأن تبدأ الخدمة الجديدة في مارس 2024، لكن ذلك لم يحدث حتى الآن".
وأمام هذه السلسلة اللامتناهية من طلبات تقديم العروض منذ 2018 دون الحسم، وتوالي التمديدات المؤقتة للشركة الإسبانية الحائزة على الصفقة، تضيف الجمعية فإنه لم يتم الحسم في هذا المشكل ومعالجته لحد الآن، ينضاف إلى هذا تقادم أسطول حافلات النقل، وتعرّضها للأعطال، وتهديدها لسلامة الركاب والبيئة، مشيرة إلى أن حافلات النقل الكهربائية التي تم تشغيلها مع مؤتمر الأطراف للتحوّلات المناخية Cop22 تعد نموذجا فاقعا لسوء التسيير والتدبير، ذلك أنها انطلقت ب 9 حافلات، تم توقّفت نهائيا عن أداء الخدمة، لتعيد العمل بحافلتين فقط يستغلان ممرا خاصا من مدخل مراكش الغربي إلى وسط المدينة، مما تسبب في عرقلة انسياب المرور والجولان وارتفاع منسوب التلوث خاصة في المدارات الطرقية على طول شارع الحسن الثاني وملتقيات عدة شوارع وممرات أخرى، وأصبح هذا الشارع بؤرة لحوادث السير والركود الاقتصادي على امتداده".
وسجلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش، أن المجلس الجماعي لمدينة مراكش، وكلّ الجهات المتدخلة في التسيير والتدبير، تعتمد سياسة ارتجالية، وتسوّق لبرامج متعثرة، وليس لها أثر إيجابي على تحسين الخدمات المقدّمة للساكنة، ولا المجال التنموي والإقلاع الاقتصادي، كما أن السلطات تغيب عنها المقاربة الاستشرافية والتخطيط والبرمجة الفعّالة المرفقة بالتتبّع والمراقبة القبلية والبعدية لإنجاز المشاريع وتنفيذ ما يسمى البرامج.