أصدرت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها رسالة النزاهة لعام 2024، وذلك في سياق منعطف يتميز بوضع يستدعي تفعيل الانتقال نحو حقبة جديدة للوقاية من الفساد ومكافحته اليوم، وهو انتقال يجد مقوماتِه من خلال ترصيد المكتسبات المتراكمة والأسس المتينة التي تم بناؤها في السنوات الأخيرة، والتي وصلت حاليا مرحلة من النضج تسمح بإطلاق استراتيجية من جيل جديد، في إطار مقاربة متجددة. وقال محمد بشير الراشدي رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها إن هذه الرسالة مناسبة لكي تلامس الهيئة من جديد تقييم الوضع وتحليل وضعية الفساد وتطورها على الصعيدين الدولي والوطني، وكي تستعرض الأحداث المهمة والإنجازات الأساسية التي ميزت الفترة الماضية، موضحا أن المغرب ما زال يعاني من وضعية غير مرضية للفساد، بالنظر إلى مختلف التقارير الوطنية والدولية ذات الصلة، والتي تسلط الضوء على تفشي الظاهرة بمستويات عالية، مع تسجيل حالة ركود حتى تراجع، على مدى فترة طويلة، في معظم المؤشرات المعنية.
في هذا الإطار قامت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها ببحث وطني حول الفساد يتعلق بالمغاربة القاطنين والمغاربة المقيمين بالخارج بالإضافة إلى المقاولات، بهدف تعميق المعرفة الموضوعية بمفهوم الفساد في المغرب وتطوير آليات فعالة لمواجهته. وقد عرف هذا البحث الميداني تجميع معطيات تهم عينة تمثيلية شملت ما يناهز 5000 من المواطنين القاطنين بالمغرب خلال الفترة الممتدة من شهر أكتوبر إلى شهر دجنبر 2022 ، بالإضافة إلى عينة همت المغاربة المقيمين بالخارج،والتي تتكون من 1000 مواطن أثناء تواجدهم بالمغرب خلال شهري يوليوز وغشت 2022 . أما في ما يخص البحث الميداني المتعلق بالمقاولات وبحاملي المشاريع فقد تم إنجازه خلال الفترة الممتدة بين 02 ماي 2023 إلى 03 غشت 2023 وشمل عينة تتكون من 1100 مقاولة.
وقد أسفرت نتائج هذه الدراسة الميدانية عن رصد مستويات انطباع سلبي حول ظاهرة الفساد؛ حيث تبين، من خلال أبرز المعطيات، أن الفساد يحتل المرتبة السادسة من بين الانشغالات الرئيسية لدى المواطنين المقيمين، والمرتبة الثانية بالنسبة للمغاربة القاطنين بالخارج، والمرتبة الثامنة لدى المقاولات المستجوبة. كما يبقى إدراك الفساد مرتفعا إلى جد مرتفع، مع تسجيل بعض الاختلافات بين القطاعات؛ حيث يأتي قطاع الصحة في المقدمة.
أما فيما يتعلق بجهود الدولة في محاربة الفساد والوقاية منه، فإن نسبة كبيرة من المواطنين وكذا المقاولات المستجوبة ترى أن المجهودات المبذولة لمكافحة الفساد، بما في ذلك الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، تظل غير فعالة.
وفي هذا الإطار يرى المواطنون أن تطبيق القوانين المتعلقة بمحاربة الفساد وتربية وتوعية المواطنين حول الفساد وتعزيز المراقبة والتفتيش وتسهيل التبليغ عن أفعال الفساد وحماية المبلغين والشهود، هي أهم الإجراءات الكفيلة بمكافحة الفساد بشكل فعال في المغرب.